أزمة دبلوماسية متصاعدة: فرنسا ترد على الجزائر بطرد دبلوماسيين في خطوة “فورية وحازمة”
باريس – وكالات ـ أعلنت فرنسا اليوم أنها ستقوم بطرد دبلوماسيين جزائريين، رداً على خطوة مماثلة قامت بها الجزائر منتصف أبريل، في تصعيد جديد للتوترات بين البلدين، اللذين تجمعهما علاقات تاريخية معقدة ومتشابكة.
وأكد وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو أن القائم بالأعمال الجزائري في باريس تم استدعاؤه لإبلاغه باحتجاج رسمي فرنسي على قرار الجزائر الذي وصفه الوزير بأنه “غير مبرر وغير مفهوم”، مشيراً إلى أن فرنسا سترد بطرد دبلوماسيين جزائريين بطريقة “فورية وحازمة ومتناسبة”.
وأضاف بارو في تصريحاته لقناة BFMTV الفرنسية:”الرد الفرنسي سيكون عبر ترحيل حاملي الجوازات الدبلوماسية الذين لا يحملون تأشيرات دخول سارية حالياً، وسنعيدهم إلى الجزائر”.
ورغم أن الخارجية الفرنسية لم تفصح عن عدد الدبلوماسيين المشمولين بالقرار، إلا أن مصدراً دبلوماسياً أوضح أن المعنيين يعملون في إطار “مهام إسناد مؤقتة”، من دون أن يحدد توقيت تنفيذ قرار الترحيل.
خلفية التصعيد
تعود جذور الأزمة الحالية إلى منتصف أبريل الماضي، عندما قررت الجزائر طرد 12 موظفاً تابعين لوزارة الداخلية الفرنسية، ووصفتهم بأنهم “أشخاص غير مرغوب فيهم”، وطالبتهم بمغادرة البلاد خلال 48 ساعة.
وبررت الجزائر تلك الخطوة بأنها رد على قيام السلطات الفرنسية بتوقيف موظف قنصلي جزائري ثم حبسه، ما اعتبرته تصعيداً غير مقبول.
وردت فرنسا حينها بخطوة مماثلة تمثلت في طرد 12 موظفاً قنصلياً جزائرياً، بالإضافة إلى استدعاء السفير الفرنسي في الجزائر، ستيفان روماتي، للتشاور.
تراكمات متزايدة
لم تكن هذه الحادثة المعزولة سبباً وحيداً في توتر العلاقات، بل تأتي في سياق سلسلة من الأزمات بين البلدين.
ففي عام 2024، أثار اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على الصحراء الغربية غضب الجزائر، التي تُعد من أبرز داعمي جبهة البوليساريو المطالبة باستقلال الإقليم المتنازع عليه.
كما زادت حدة التوتر بعد توقيف الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال في الجزائر في نوفمبر الماضي، بتهم تتعلق بـ”المساس بالأمن القومي”، في خطوة أثارت انتقادات حادة داخل الأوساط الثقافية الفرنسية.
ماضٍ ثقيل وحاضر متقلب
وتستند العلاقات بين الجزائر وفرنسا إلى تاريخ استعماري طويل ومعقد، ما يجعل من أي أزمة دبلوماسية بين الجانبين أكثر حساسية. ورغم المحاولات المتكررة من الطرفين لإعادة ضبط العلاقات، إلا أن الملفات الشائكة، من قضايا الذاكرة والتاريخ، إلى الملفات الإقليمية والسيادية، كثيراً ما تعيد الأمور إلى مربع التوتر.
هل نحن أمام أزمة مفتوحة؟
مع هذا التصعيد الأخير، يبدو أن العلاقات الثنائية بين البلدين دخلت مرحلة أكثر حدة. ويرى مراقبون أن التراكمات السياسية والثقافية والأمنية بين باريس والجزائر أصبحت تتطلب معالجة استراتيجية شاملة بدلاً من الاكتفاء بردود الفعل المتبادلة.