أوروبا

المجر تسعى لتجريم النقد والمعارضة: مشروع قانون جديد يستهدف الإعلام والمنظمات المدنية

بودابست – وكالات ـ  في خطوة مثيرة للجدل تهدد بإغلاق المزيد من مساحات العمل المدني والإعلامي في البلاد، طرح حزب فيدس اليميني القومي الحاكم في المجر، بزعامة رئيس الوزراء فيكتور أوربان، مشروع قانون جديد يُوسّع صلاحيات الدولة بشكل غير مسبوق لمعاقبة وحظر منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام التي تُعتبر “مهددة لسيادة البلاد”.

الاقتراح التشريعي، الذي قُدِّم في وقت متأخر من مساء الثلاثاء عبر أحد نواب الحزب الحاكم، يمنح مكتب حماية السيادة المثير للجدل صلاحيات واسعة لتصنيف المنظمات، سواء كانت غير حكومية أو إعلامية أو حتى كيانات أكاديمية، باعتبارها “ضارة بالمصالح الوطنية” إذا ما تلقت تمويلاً أجنبياً وشاركت في “التأثير على الحياة العامة أو تشكيل آراء الناخبين”.

آلية القانون: قوائم سوداء وعقوبات مالية

وبحسب نص مشروع القانون، ستُدرج الكيانات المصنفة على قائمة حكومية رسمية، ما يعني تجريدها من التمويل العام، وفرض غرامات مالية جسيمة عليها. ويتيح القانون للحكومة فرض هذه الإجراءات دون أمر قضائي، ما يعزز اتهامات المعارضة بأن أوربان يسعى إلى بناء “نظام سلطوي مغلف بالديمقراطية”.

وينص المشروع أيضًا على إمكانية الحظر الكامل للمنظمات التي يُشتبه في أنها تنفذ أجندات خارجية أو تشارك في أنشطة تُعتبر تهديدًا للسيادة الوطنية – وهو توصيف فضفاض قد يشمل مراقبة الانتخابات، والدعوة لحقوق الإنسان، أو حتى التحقيقات الصحفية في قضايا فساد.

سياق سياسي: تشديد قبضة أوربان قبل الانتخابات

تأتي هذه الخطوة التشريعية ضمن سلسلة من القوانين التي تُضيق الخناق على حرية التعبير والمجتمع المدني، والتي زادت وتيرتها مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المقررة في عام 2026، حيث يواجه أوربان تحديات داخلية متصاعدة بعد 15 عامًا من الحكم المتواصل، وهي الأطول حاليًا في الاتحاد الأوروبي.

وكان أوربان قد دأب منذ سنوات على تحجيم دور الصحافة المستقلة، وتقويض استقلال القضاء، وملاحقة منظمات حقوق الإنسان التي تُموّل جزئيًا من الخارج، في خطوات وصفها مراقبون بأنها “أمركة للمشهد الديمقراطي المجري على طريقة استبداد ناعم”.

انتقادات أوروبية مرتقبة

من المتوقع أن يُثير القانون موجة انتقادات من مؤسسات الاتحاد الأوروبي، لا سيما أن المجر تخضع حاليًا لإجراءات بموجب المادة 7 من معاهدة الاتحاد الأوروبي بسبب انتهاكات لسيادة القانون.

ويرى محللون أن هذا المشروع الجديد يُعد تصعيدًا خطيرًا من الحكومة المجرية، خاصة في وقت تتعرض فيه بروكسل لضغوط لإعادة تقييم استمرار المجر كدولة “ملتزمة بالقيم الأساسية للاتحاد”، خصوصاً في ظل قضايا التمويل المشروط بالحوكمة الديمقراطية.

الأغلبية تضمن تمريره

ومن المرجّح أن يتم تمرير القانون خلال أيام، نظرًا لأن حزب فيدس يمتلك أغلبية الثلثين في البرلمان، ما يسمح له بتعديل القوانين الدستورية بسهولة، بل وتغيير النظام الانتخابي إذا لزم الأمر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى