ترامب يبدأ جولة خليجية من السعودية سعياً وراء صفقات تجارية وسياسية
الرياض ـ وكالات ـ استهل الرئيس الأميركي دونالد ترامب جولته الخليجية بوصوله إلى العاصمة السعودية الرياض، في زيارة تمتد حتى 16 مايو، وتشمل أيضاً الإمارات وقطر، وسط مساعٍ لعقد صفقات تجارية كبرى، رغم إدراكه صعوبة التوصل إلى حلول للنزاعات الإقليمية المعقدة.
وصل ترامب على متن الطائرة الرئاسية “إير فورس وان” عند الساعة 9:50 صباحاً بالتوقيت المحلي، بعد مرافقة جوية من مقاتلات سعودية من طراز F-15، بحسب بث مباشر للحدث.
وتعد هذه الزيارة الرسمية الأولى لترامب خارج الولايات المتحدة في ولايته الرئاسية الثانية، باستثناء رحلة قصيرة إلى روما لحضور جنازة البابا فرنسيس. وأكد البيت الأبيض أن هذه الجولة تمثل “عودة تاريخية” للرئيس إلى المنطقة.
وكان ترامب قد اختار السعودية أيضاً كوجهة أولى في ولايته الأولى قبل ثماني سنوات، حيث شارك حينها في رقصة السيف الشهيرة والتُقطت له صورة مع بلورة مضيئة أصبحت رمزاً لتلك الزيارة.
يُبرز اختياره دول الخليج، الغنية بالنفط، كمحطة أولى مرة أخرى، تجاهله المقصود لحلفائه الغربيين التقليديين، في إشارة إلى الأهمية المتزايدة للدور الجيوسياسي والاقتصادي الذي تلعبه هذه الدول.
نشاط دبلوماسي متسارع
سبق جولة ترامب الخليجية تحرّك دبلوماسي مكثّف من واشنطن، شمل وساطة في وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان، والإفراج عن رهينة أميركي-إسرائيلي في غزة، بالإضافة إلى استئناف المفاوضات النووية مع إيران.
كما فاجأ ترامب المراقبين الأسبوع الماضي بإعلانه الموافقة على هدنة مع الحوثيين في اليمن، بعد شهرين من الغارات الجوية المكثفة ضدهم.
تركيز على الصفقات
من المتوقع أن تركز الجولة الخليجية على إبرام اتفاقيات تجارية واستثمارية ضخمة، بحسب دانيال شابيرو، الباحث في المجلس الأطلسي، الذي أوضح أن البيت الأبيض “يركّز على الصفقات”، سواء من حيث جذب الاستثمارات الخليجية إلى الولايات المتحدة أو تعزيز التعاون في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة.
الرياض، الدوحة وأبوظبي تستعد لاستقبال ترامب بحفاوة، مع توقعات بتوقيع اتفاقيات تتعلق بقطاعات الدفاع والطيران والطاقة والتكنولوجيا المتقدمة.
وصرّحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، بأن الرئيس “يتطلع إلى تدشين عودته التاريخية إلى الشرق الأوسط”، ضمن رؤية تقوم على مواجهة التطرف من خلال الشراكات التجارية والثقافية.
الخليج شريك استراتيجي
رسّخت دول الخليج موقعها كشريك رئيسي للولايات المتحدة في عهد ترامب، إذ تحتفظ قطر بدور وساطة رئيسي في النزاعات الإقليمية، فيما تلعب السعودية دوراً محورياً في مباحثات الحرب الأوكرانية.
وسيلتقي ترامب في الرياض قادة دول مجلس التعاون الخليجي الست، في ظل وعود سعودية باستثمار 600 مليار دولار في الاقتصاد الأميركي، وفق ما أعلنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مطلع العام الجاري.
ورد ترامب على هذه المبادرة قائلاً: “سأطلب من ولي العهد، وهو رجل رائع، أن يزيد المبلغ إلى تريليون دولار. أعتقد أنهم سيفعلون ذلك لأننا كنا رائعين معهم”.
وفي السياق، كشف مسؤول سعودي مطّلع أن الرياض تعتزم شراء مقاتلات F-35 وأنظمة دفاع جوي متطورة بقيمة مليارات الدولارات، مشترطة التسليم خلال فترة ولاية ترامب الحالية.
مواقف متباينة داخل السعودية
الشارع السعودي منقسم بشأن الزيارة؛ فبينما عبّر البعض عن تفاؤلهم بإمكانية تحقيق نتائج تصب في مصلحة العرب والمسلمين، أبدى آخرون تشككهم في وعود ترامب ونياته.
وحول ملف تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، تشير التقديرات إلى أن الموضوع لن يكون أولوية في هذه الجولة، إذ تواصل الرياض التمسك بموقفها القائم على ضرورة إقامة دولة فلسطينية أولاً.
تصعيد حول تسمية الخليج
وفي خضم الزيارة، أثار ترامب جدلاً جديداً بتلميحاته حول تغيير التسمية الرسمية للخليج من “الخليج الفارسي” إلى “الخليج العربي” أو “خليج العرب”، وهو ما قوبل برفض إيراني واسع.
كما طالت الانتقادات خطط ترامب لاستخدام طائرة بوينغ فاخرة، مقدّمة من العائلة الحاكمة في قطر، كطائرة رئاسية بديلة عن “إير فورس وان”، التي يعود تاريخها إلى أكثر من أربعة عقود. ورد الرئيس الأميركي عبر وسائل التواصل قائلاً إنها “هدية مؤقتة وشفافة”.