أقلام يورابيا

جولة ترامب الخليجية: أجندة ساخنة في السعودية وقطر والإمارات!

جمال دملج

بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم الثلاثاء، جولة خليجية تشمل كلًا من السعودية وقطر والإمارات، وسط ترقّب إقليمي ودولي واسع لما يمكن أن تحمله هذه الزيارة من تحولات على صعيد الملفات الساخنة في الشرق الأوسط، بدءًا من الحرب في غزة والملف النووي الإيراني، وصولًا إلى مستقبل النظام السوري وتوازنات الطاقة العالمية. وقد تضاعف الاهتمام بهذه الجولة مع تواتر أنباء، لم تتأكد رسميًا بعد، عن اجتماع رباعي محتمل يجمع ترامب بكلّ من الرئيس اللبناني جوزاف عون والرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس السوري أحمد الشرع، برعاية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

أجندة استراتيجية تحت المجهر

الجولة الخليجية للرئيس ترامب تأتي في لحظة دقيقة تمرّ بها المنطقة، ويمكن تلخيص أبرز الملفات التي يُرجّح أن تتصدّر لقاءاته ومحادثاته في النقاط التالية:

  1. الحرب في غزة ومبادرة “الهدنة الكبرى”

من المتوقع أن تشكّل الحرب المستمرة في غزة محورًا أساسيًا في المحادثات، خصوصًا في ظل الضغوط الدولية المتصاعدة على إدارة ترامب للجم التصعيد بين إسرائيل وحماس. المعلومات المتداولة تشير إلى أن ترامب يسعى لترويج مبادرة “هدنة كبرى” تمتد لعام كامل، بضمانات إقليمية تشمل السعودية وقطر ومصر، مقابل إطلاق مسار سياسي جديد قد يُفضي إلى نوع من التهدئة طويلة الأمد أو حتى ترتيبات ميدانية جديدة في القطاع.

  1. احتواء إيران وإعادة رسم خارطة الردع

في ضوء التصعيد الأخير بين إسرائيل ومحور المقاومة، يُنتظر أن يطرح ترامب تصورًا أميركيًا محدّثًا لاحتواء النفوذ الإيراني في المنطقة، من خلال تعزيز الشراكات الدفاعية الثنائية مع دول الخليج، وربما التلويح بإعادة تفعيل “تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي” (MESA)، والذي تعثّر سابقًا في ظل إدارة بايدن.

  1. اتفاقيات أمنية واقتصادية مع السعودية والإمارات

تشير التسريبات إلى أن ترامب سيعلن خلال زيارته إلى الرياض وأبوظبي عن جملة من الاتفاقيات الدفاعية الجديدة، بعضها يشمل منظومات اعتراض صاروخي متطورة، إضافة إلى تفاهمات على توسيع التعاون في قطاع الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني. ومن المنتظر أن يُوقّع اتفاقًا ضخمًا مع السعودية لإعادة هيكلة التعاون النفطي، ما يعزز استقرار الأسعار عالميًا.

  1. المصالحة الخليجية وتعزيز دور قطر

زيارة ترامب إلى الدوحة تكتسب أهمية خاصة، إذ يُتوقع أن يُبارك رسميًا استضافة قطر لمؤتمر إقليمي أمني – اقتصادي في النصف الثاني من هذا العام، بمشاركة إسرائيلية غير مباشرة. كما تسعى واشنطن إلى تعزيز التنسيق الثلاثي بين قطر وتركيا والسعودية بما يخدم أهداف “إعادة التموضع الأميركي” في المنطقة.

الاجتماع المحتمل: قمّة رباعية ترسم ملامح شرق أوسط جديد؟

من أبرز العناصر المثيرة في هذه الجولة، أنباء متداولة عن احتمال عقد اجتماع رباعي يجمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالرؤساء اللبناني جوزاف عون، والفلسطيني محمود عباس، والسوري أحمد الشرع، بحضور الأمير محمد بن سلمان. ورغم أن أي جهة رسمية لم تؤكد الخبر حتى الآن، فإن مجرد طرح الفكرة يعكس مدى التبدّل في المعادلات الإقليمية.

إذا صحّت الأنباء، فإن هذه القمة قد تكون غير مسبوقة لعدة أسباب:

  • هي أول ظهور دبلوماسي إقليمي للرئيس السوري أحمد الشرع منذ تثبيت انتقال السلطة في دمشق.
  • تمثّل فرصة نادرة لإطلاق “مسار لبناني – فلسطيني – سوري” بمباركة خليجية وأميركية، بما قد يساهم في إعادة رسم خريطة النفوذ في المشرق.
  • تشير إلى وجود تفاهم غير معلن بين واشنطن والرياض حول ضرورة تهدئة الجبهة الشمالية لإسرائيل، من خلال ترتيب إقليمي أوسع يشمل لبنان وسوريا.

ترامب يعود من البوابة الخليجية: حسابات داخلية ورهانات خارجية

تحمل هذه الجولة أيضًا دلالات مهمة على المستوى الأميركي الداخلي، إذ تأتي في وقت يريد فيه ترامب أن يقدّم نفسه كصانع سلام وعرّاب لتسويات كبرى. فإحياء الدور الأميركي القيادي في الخليج، وتطويق “الفراغ الاستراتيجي” الذي تركته الإدارات السابقة، يصبّ في مصلحته، خصوصًا على صعيد السياسة الخارجية.

خلاصة القول هنا هي أنه سواء تأكد عقد الاجتماع الرباعي أم لا، فإن جولة ترامب الخليجية تحمل في طياتها إشارات قوية إلى مرحلة جديدة من التفاعل الأميركي مع ملفات الشرق الأوسط. فالإدارة الجمهورية تسعى إلى كسر الجمود السياسي، وملاقاة طموحات الحلفاء الإقليميين، خصوصًا في لحظة تتسم بتقاطع الأزمات وتشابك المصالح. وقد يكون الخليج، مرة أخرى، هو الساحة التي يُعاد فيها خلط الأوراق وتحديد أولويات المرحلة المقبلة.

كاتب لبناني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى