السلايدر الرئيسيكواليس واسرار

تحليق خارج المدار الأمريكي.. مصر تُراهن على الصين في خطوة استراتيجية مقلقة لإسرائيل

من سعيد هنداوي

القاهرة ـ يورابيا ـ من سعيد هنداوي ـ بالاعتماد على التحليل الاستراتيجي الصادر عن معهد “القدس للاستراتيجية والأمن”، فإن المناورات الجوية المشتركة بين مصر والصين، تحت اسم “نسور الحضارة – 2025″، تُعد مؤشراً بالغ الدلالة على تحولات جيوسياسية جارية في الشرق الأوسط، تنطوي على تداعيات استراتيجية عميقة لإسرائيل والمنطقة بأسرها.

مصر والصين: تعميق التوافق الاستراتيجي

يرى المعهد أن هذه التدريبات، التي جرت على الأراضي المصرية بمشاركة طائرات مقاتلة من طراز ميج-29 مصرية وJ-10C صينية، تعبّر عن رغبة مصر المتزايدة في تنويع شراكاتها العسكرية، والابتعاد التدريجي عن الاعتماد التقليدي على الولايات المتحدة. ويعكس هذا التوجه، بحسب JISS، تصاعد التوترات بين القاهرة وواشنطن، ولا سيما في ظل السياسات الأمريكية الأخيرة تجاه ملف غزة ودعوات إدارة ترامب السابقة لإعادة توطين سكان القطاع في أراضٍ مصرية.

تأثيرات استراتيجية على إسرائيل

وفقًا لتحليل معهد القدس، فإن ما يجري ليس مجرد تدريب عسكري اعتيادي، بل يمثل تحولًا استراتيجيًا متسارعًا في نظرة مصر للعلاقات الدولية. إذ تعتبر بكين شريكًا أقل تدخلًا سياسيًا وأكثر التزامًا بالتعاون الاقتصادي، مما يجعلها خيارًا جذابًا للقاهرة في ظل الضغوط الغربية. وهذا التوجه، من وجهة نظر المعهد، يجب أن يُقلق صناع القرار في إسرائيل، لأن أي تقارب مصري-صيني يضيف عنصرًا جديدًا إلى معادلة الردع الإقليمي ويزيد من تعقيد البيئة الأمنية الإسرائيلية.

تحولات في بنية التحالفات الإقليمية

يشير JISS إلى أن هذه المناورات تندرج ضمن إطار أشمل من إعادة تشكيل التحالفات في الشرق الأوسط في سياق عالم متعدد الأقطاب. فبينما تتراجع الولايات المتحدة تدريجيًا عن التزاماتها العسكرية في المنطقة، تملأ الصين الفراغ من خلال شراكات اقتصادية واستراتيجية، كما في حالتي إيران ومصر. ومن هنا، فإن التعاون المصري مع جيش التحرير الشعبي الصيني، في سياق تدريبات متقدمة، هو تطور ذو مغزى كبير يجب رصده بدقة.

رسائل مصرية مزدوجة

برأي معهد القدس، تحمل مصر من خلال هذه المناورات رسائل متعددة: أولاً، أنها ليست رهينة للمساعدات أو التحالفات الغربية، وثانيًا، أنها منفتحة على تحالفات بديلة تُعزز استقلاليتها الاستراتيجية. كما أنها توجّه رسالة غير مباشرة إلى إسرائيل مفادها أن أي تهديد للسيادة المصرية، خصوصًا في ملف غزة أو سيناء، سيقابل برد فعل قوي مدعوم بتحالفات جديدة.

في ختام تحليله، يؤكد معهد القدس للاستراتيجية والأمن على أهمية أن تأخذ إسرائيل هذا التطور على محمل الجد، وأن تعيد تقييم سياساتها تجاه مصر في ضوء المتغيرات الجارية. كما يدعو المعهد إلى تعزيز التحالف مع واشنطن والحفاظ عليه كعنصر مركزي في الردع الإقليمي، مع إدراك أن فقدان مصر كشريك استراتيجي موثوق يمثل تهديدًا حقيقيًا لتوازن القوى في الشرق الأوسط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى