صحف

صحيفة الغارديان البريطانية: نفوذ الخليج يتنامى في تشكيل توجهات ترامب الخارجية وسط تراجع الأولوية الإسرائيلية

من سعيد سلامة

لندن ـ يورابيا ـ من سعيد سلامة ـ ي ظل التحولات المتسارعة التي تطرأ على السياسة الخارجية الأمريكية، تبرز ملامح تزايد التأثير الخليجي على إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهو ما بدأت تلمسه دوائر التحليل والدبلوماسية الغربية، خاصة في ضوء الملفات الساخنة في الشرق الأوسط مثل غزة، وإيران، وسوريا.

وفي تقرير تحليلي نشرته صحيفة الغارديان البريطانية تحت عنوان لافت: “ترامب يعتقد أنه يشكّل الشرق الأوسط، لكن دول الخليج هي التي ستُحدد السياسة الخارجية الأمريكية”، يستعرض الكاتب سايمون تيسدال معالم هذا التحول، مسلطاً الضوء على طبيعة العلاقة المتبدلة بين واشنطن وحلفائها في المنطقة، وعلى رأسهم دول الخليج.

يرى تيسدال أن دول الخليج، وفي مقدمتها السعودية والإمارات وقطر، باتت تمتلك نفوذاً متزايداً على القرار الأمريكي، يفوق بكثير ذلك الذي كانت تحظى به القوى الأوروبية التقليدية، وحتى إسرائيل، التي لطالما كانت حجر الزاوية في أولويات السياسة الأمريكية.

وبحسب الكاتب، فإن هذا النفوذ الخليجي يتجلى في عدة ملفات إقليمية ودولية، منها الموقف من الحرب في غزة، والصراع اليمني، والتوترات مع إيران، بالإضافة إلى دور تلك الدول في محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا، والضغوط المتعلقة بسوق الطاقة العالمية، فضلاً عن الاستثمارات الخليجية الضخمة في الاقتصاد الأمريكي.

كما يشير تيسدال إلى أن ترامب، الذي يسعى لإعادة تشكيل دوره القيادي العالمي، بات أكثر اعتماداً على القادة الخليجيين في مجالات الأمن والاقتصاد والدبلوماسية، مقابل تجاهل ملحوظ للمطالب الإسرائيلية، وهو ما يُثير تساؤلات حول ملامح الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في الشرق الأوسط، وتداعياتها على توازنات القوى الإقليمية.

ويستعرض التقرير أيضاً ما وصفه بـ”الضغط الخليجي الفعّال” الذي يُمارس على إدارة ترامب بشأن غزة، حيث من المتوقع أن يواجه الرئيس الأمريكي ضغوطاً كبيرة لوقف إطلاق النار في القطاع، وربط التهدئة بآفاق حقيقية لقيام دولة فلسطينية. ويعتبر الكاتب أن هذا المطلب هو شرط سعودي واضح لتوسيع الاتفاقيات الإبراهيمية مع إسرائيل.

في المقابل، يشير تيسدال إلى أن هذا التحول في موقف ترامب أثار امتعاضاً إسرائيلياً، بعد شعور تل أبيب بأن أولوياتها لم تعد تلقى ذات الاستجابة في واشنطن كما في السابق، مما قد يعمّق الفجوة بين البلدين في ظل تعقيدات الحرب في غزة.

أما بشأن سوريا، فينتقد الكاتب موقف ترامب المتشدد حيال العقوبات، ويرى أن الإصرار على تجميد أي تقدم هناك قد يسمح بعودة النفوذ الروسي والإيراني دون مقاومة حقيقية، متسائلاً ما إذا كان ترامب سيتنازل لاحقاً في هذا الملف لكسب دعم خليجي أوسع.

ويختتم تيسدال مقاله بنبرة انتقادية، قائلاً إن ترامب يبدو مستعداً لتجاهل سجل حقوق الإنسان في دول الخليج في سبيل مكاسب اقتصادية واستراتيجية، مضيفاً بسخرية: “من المدهش أن يُرشد مجموعة من الحكام غير المنتخبين رئيساً أمريكياً حول كيفية التصرف الصحيح”.

في المحصلة، يرسم المقال صورة لواقع جديد تتداخل فيه المصالح بحدة، وتتصاعد فيه أدوار اللاعبين الإقليميين، فيما تبدو السياسة الخارجية الأمريكية أقرب إلى البراغماتية من أي وقت مضى، مع ميل متزايد للإنصات إلى العواصم الخليجية أكثر من تل أبيب أو بروكسل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى