السلايدر الرئيسيكواليس واسرار

مجلس التعاون الخليجي على حافة التحديات.. هل يدفع التنافس السعودي ـ الإماراتي نحو التفكك ام تعيد قمة الرياض ضبط العلاقات؟

من سعيد سلامة

لندن ـ يورابيا ـ من سعيد سلامة ـ في وقت تستعد فيه الرياض لاحتضان القمة الخليجية-الأمريكية المرتقبة، بمشاركة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، تتصاعد الأسئلة حول مستقبل مجلس التعاون الخليجي وسط مؤشرات متزايدة على تنافس سياسي واقتصادي بين السعودية والإمارات، يهدد بتقويض أحد أهم التكتلات الإقليمية في العالم الإسلامي.

وأفاد تقرير حديث لـ”المعهد الإيطالي للشؤون الدولية” بأن المجلس، الذي تأسس عام 1981 لتعزيز التعاون بين دول الخليج، يواجه اليوم تحديات جوهرية “تهدد تماسكه وفعاليته”، نتيجة تصدعات داخلية وتضارب في المصالح الجيوسياسية والاقتصادية بين أعضائه، خاصة بين أبوظبي والرياض.

خلافات جيوسياسية تعصف بالتضامن الخليجي

على الرغم من أن دول الخليج كانت متحدة في مواقفها تجاه إيران خلال الثمانينيات وأوائل الألفية، يشير المعهد إلى أن مرحلة الانقسام بدأت منذ العقد الماضي، وتحديدًا بعد الأزمة الخليجية عام 2017، حين قاطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطر، متهمة إياها بدعم جماعات إسلامية.

ورغم انتهاء الأزمة رسميًا باتفاق العلا في يناير 2021، فإن آثارها على العلاقات البينية لا تزال ماثلة، بل أدت إلى تعزيز تحالفات ثنائية مثل التحالف العسكري-السياسي بين السعودية والإمارات، الذي لم يصمد بدوره طويلاً نتيجة خلافات في الملف اليمني.

ويؤكد التقرير أن الخلافات الشخصية والسياسية بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس الإمارات محمد بن زايد، أسهمت في تعقيد العلاقات أكثر، وزادت من التوتر داخل أروقة المجلس.

تنافس اقتصادي… مشاريع طموحة ومصالح متعارضة

على الجانب الاقتصادي، كان مجلس التعاون الخليجي قد أطلق خلال العقود الماضية مشاريع تكاملية، مثل السوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي، إلا أن التنفيذ تعثر مع مرور الوقت، بحسب المعهد.

وكان انسحاب الإمارات من مشروع الاتحاد النقدي عام 2009، بعد اختيار الرياض مقرًا للبنك المركزي الخليجي، نقطة تحول في العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

وبحسب المعهد، فإن “رؤى التنمية الوطنية” التي تتبناها السعودية والإمارات أصبحت مصدر توتر جديد، إذ تسعى كل دولة إلى التحول لمركز مالي وسياحي إقليمي، مما دفع بالرياض إلى اتخاذ إجراءات مباشرة لمنافسة أبوظبي، مثل فرض قيود على السلع المنتجة في دول تعتمد على العمالة الأجنبية، في إشارة غير مباشرة للإمارات، حيث يشكل الأجانب 88% من سكانها.

انقسامات حول القضايا الدولية: اتفاقيات أبراهام نموذجًا

سياسيًا، ظهر الانقسام جليًا بعد توقيع الإمارات والبحرين على اتفاقيات أبراهام مع إسرائيل عام 2020، في حين امتنعت باقي دول المجلس عن اتخاذ خطوات مشابهة. ويرى المعهد أن هذا “يكشف عن تباين واضح في الرؤى السياسية تجاه القضايا الإقليمية والدولية”.

كما أشار إلى تباين مواقف السعودية والإمارات داخل “أوبك+” بشأن إنتاج النفط والأسعار، كدليل إضافي على عمق الخلافات بين القوتين الرئيستين في المجلس.

مستقبل غامض وتحديات بيئية

توقع المعهد الإيطالي أن يزداد التوتر بين الرياض وأبوظبي في السنوات المقبلة، محذرًا من أن “استمرار هذا التنافس قد يفرغ المجلس من دوره الإقليمي والدولي”، خاصة في ظل تراجع أهمية النفط على المستوى العالمي وتنامي التحديات البيئية، مثل نقص المياه وتغير المناخ.

وأبرز أن غياب التنسيق في قضايا المياه والبيئة، وظهور منافسة خفية بين الإمارات وقطر في تخزين المياه، من شأنه أن يخلق بؤرًا جديدة للتوتر في المنطقة.

هل تنجح الرياض في إعادة اللحمة الخليجية؟

تُعوّل القمة الخليجية-الأمريكية المقبلة في الرياض على لعب دور في إعادة ضبط العلاقات داخل المجلس، بدعم أمريكي، خاصة في ظل التوترات الإقليمية مع إيران والتحديات الأمنية في البحر الأحمر.

لكن نجاح ذلك سيعتمد، بحسب المعهد، على “حسن نية الأطراف الخليجية”، وقدرتها على تقديم تنازلات وتغليب المصالح الجماعية على الأجندات الوطنية الضيقة.

في ختام التقرير، شدد المعهد على أن “مستقبل مجلس التعاون الخليجي لن يُبنى إلا عبر رؤية جماعية تتجاوز الحسابات الآنية، وتضع أسسًا جديدة لتعاون طويل الأمد في ظل عالم يتغير بسرعة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى