السلايدر الرئيسيتحقيقات

جامع المعتصم رئيساً للمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية المغربي…مسيرة توافقية ومسؤوليات ثقيلة

من فاطمة الزهراء كريم الله

Screenshot

الرباط ـ يورابيا ـ من فاطمة الزهراء كريم الله ـ في تتويج لمسيرة امتدت لأكثر من أربعة عقود في ميادين التعليم والعمل النقابي والسياسي، انتخب جامع المعتصم رئيساً للمجلس الوطني لحزب “العدالة والتنمية” المغربي، خلال الجلسة الختامية للمؤتمر الوطني التاسع الذي انعقد في مدينة بوزنيقة يومي 26 و27 أبريل 2025.

وحصل المعتصم، البالغ من العمر 62 عاماً، على 111 صوتاً مقابل 67 لمنافسه عبد العلي حميدين، في انتخابات عكست توجهات القواعد الحزبية نحو دعم الشخصيات التوافقية ذات الخبرة الطويلة. ويأتي ذلك في وقت يواجه فيه الحزب تحديات داخلية عقب تراجعه الانتخابي وخروجه من الحكومة، ما يجعل من المعتصم رقماً أساسياً في معادلة إعادة البناء.

ووصفت صحيفة “جون أفريك” الفرنسية المعتصم بأنه “شخصية توافقية، غير محسوبة على أي تيار داخلي، وتحظى بتقدير واسع داخل الحزب”، مشيرة إلى أن انتخابه يعكس رغبة في إعادة التوازن والتماسك إلى صفوف الحزب استعداداً للاستحقاقات السياسية المنتظرة في 2026.

من التعليم والنقابة إلى قلب القرار السياسي

ولد المعتصم في منطقة بونعمان بسوس، وبدأ مسيرته المهنية معلماً في تيزنيت، قبل أن يتحول إلى إطار بوزارة التربية الوطنية، ومنها إلى العمل النقابي عبر “الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب”، الذراع النقابي للحزب. لاحقاً، خاض غمار العمل السياسي المحلي بمدينة سلا، فكان رئيساً لمقاطعة تابريكت، ثم عمدة المدينة ما بين 2015 و2021، ما جعله أحد رموز الحضور القوي للحزب على المستوى المحلي.

لكن تأثيره الأكبر برز داخل مؤسسات القرار، حيث شغل منصب مدير ديوان رئيسي الحكومة السابقين عبد الإله بنكيران (2011-2016) وسعد الدين العثماني (2017-2021)، ما جعله رقماً محورياً في صناعة القرار داخل الحزب وخارجه.

الاعتقال والتكريم الملكي: محطة مفصلية

في يناير 2011، اعتُقل المعتصم على خلفية اتهامات تتعلق بتدبير الشأن المحلي، في سياق متوتر سبق اندلاع احتجاجات حركة 20 فبراير. غير أن الحزب اعتبر التوقيف “استهدافاً سياسياً”، ليُفرج عنه لاحقاً في فبراير، ويُستقبل بعد ذلك بأيام في القصر الملكي حيث عُين عضواً بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في ما اعتبره مراقبون محاولة لاحتواء الأزمة السياسية آنذاك.

الشخصية التوافقية… بين القاعدة والقيادة

رغم عمله في ديوان بنكيران وتقلده مناصب قريبة من القيادة، بقي المعتصم محافظاً على مسافة متوازنة من مختلف التيارات الداخلية. واعتبره مراقبون “وسيطاً نزيهاً” قادراً على تهدئة التوترات واحتواء الخلافات داخل الحزب، وهو ما تجلى في فوزه برئاسة المجلس الوطني وسط انقسامات داخلية بشأن إعادة انتخاب بنكيران أميناً عاماً للحزب.

وفي تصريح للقيادي عبد العزيز أفتاتي، قال: “صعود المعتصم طبيعي، فهو ابن هذا المشروع السياسي الإسلامي المعتدل، وشخصية راكمت خبرات طويلة في العمل الميداني والمؤسساتي”.

جدل 2022: نزاهة أم ازدواجية؟

في عام 2022، أثار المعتصم جدلاً داخل الحزب بعد انتخابه نائباً للأمين العام في وقت كان لا يزال يشغل منصباً رسمياً في رئاسة الحكومة برئاسة عزيز أخنوش، ما دفع البعض للتشكيك في “استقلاليته السياسية”. غير أنه سارع إلى تقديم استقالته، في خطوة اعتبرها البعض دليلاً على التزامه الأخلاقي بخط الحزب.

وعلّق أفتاتي على الحادثة قائلاً: “رغم الخطأ، فإن المعتصم أظهر ولاءه للقاعدة وتصرف بمسؤولية”.

تحديات المرحلة المقبلة

ينتظر المعتصم، بصفته رئيساً للمجلس الوطني، دور محوري في إعادة توحيد صفوف الحزب، وضبط العلاقة بين القيادة والقاعدة، والمساهمة في رسم سياسات تؤهل الحزب للعودة بقوة إلى المشهد السياسي الوطني.

ويقول إدريس الأزمي الإدريسي، سلفه في المنصب: “المجلس الوطني ليس مجرد هيئة إشرافية، بل قوة فكرية وتنظيمية تدير البوصلة الداخلية وتواكب التحديات الوطنية”.

ويبدو أن مهمة المعتصم لن تكون سهلة، لكن كثيرين يرون أن تاريخه التوافقي وسمعته النظيفة تشكلان قاعدة صلبة لقيادة مرحلة جديدة من التحول داخل حزب العدالة والتنمية المغربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى