أقلام يورابيا

سوريا على عتبة تحوّل سياسي… بوابة التطبيع تمر عبر واشنطن والرياض وأبوظبي وانقرة

أحمد المصري

تؤكد المؤشرات المتسارعة على الساحة السورية إلى أن النظام الجديد في دمشق، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، يخطط لانتقال استراتيجي في التموضع الإقليمي والدولي، مع استعدادٍ واضح لتقديم تنازلات ربما تكون مؤلمة ومكلفة مقابل إنهاء العزلة على بلاده التي فرضتها العقوبات الأمريكية والغربية منذ اندلاع الحرب الأهلية قبل 14 عامًا.

الجولات المكوكية التي قام بها الشرع لدول الخليج وفرنسا والاتصالات الهاتفية المكثفة بين الشرع من جهة، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس دولة الإمارات محمد بن زايد من جهة أخرى، ليست فقط مجرد رسائل دعم، بل تشكّل تمهيدًا لوساطة عربية تهدف إلى فك الاشتباك بين دمشق وواشنطن على ما يبدو .
الرئيس الشرع شدد خلال المحادثات على “أهمية التعاون الاقتصادي” و”دعم الاستقرار”، وهي إشارات سياسية تعني عمليًا قبولًا باللعب ضمن معادلة المصالح الإقليمية الجديدة، التي تنسّقها الرياض وأبوظبي وانقرة بالتفاهم مع واشنطن.

ما كشفته وكالة “رويترز” عن نية الشرع بناء “برج ترامب” في دمشق ليس مجرد دعاية استثمارية، بل جزء من لغة مفهومة في قاموس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: الصفقة.
دمشق تحاول تقديم “رُزم إغراءات” تشمل وصولًا للطاقة (النفط والغاز)، واستثمارات عقارية، وحتى تهدئة مع إسرائيل، في محاولة لعقد لقاء نادر مع ترامب خلال جولته الشرق أوسطية لدول الخليج. ورغم عدم تأكيد الاجتماع، فإن المساعي الحثيثة تشير إلى تقارب غير مسبوق بين الطرفين.

انسحاب لواء المظليين الإسرائيلي من الأراضي السورية بالتوازي مع التصعيد في غزة  واعتقال قادة في فصائل فلسطينية يحمل دلالات واضحة: سوريا لم تعد على رأس قائمة التهديدات الأمنية الإسرائيلية، بل قد تكون – تحت شروط معينة – طرفًا يمكن احتواؤه أو التعاون معه لاحقًا.
ورغم ان اسرائيل تواصل استخدام ورقة “حماية الدروز” كمبرر لعملياتها، لكن الصمت السوري المقابل، وغياب أي تهديدات مباشرة من دمشق، يشير إلى سياسة التهدئة المتعمدة بانتظار تفاهمات أكبر تشمل الأطراف الأمريكية والخليجية وتركيا الراعي الرسمي للحكم الجديد في سوريا.

منح امتيازات اقتصادية، ضبط الحدود، وقف دعم الجماعات المصنفة إرهابية، وحتى ضبط العلاقة مع إيران والعراق… كلها بنود أصبحت جزءًا من شروط أمريكية علنية لأي انفتاح على سوريا.
وبحسب مصادر غربية، فإن الشرع أبدى استعدادًا مبدئيًا للتعاطي مع هذه الشروط، شرط أن تتم بشكل تدريجي يضمن بقاءه في السلطة، واستمرار تدفق المساعدات الخليجية والتنسيق مع تركيا .

المعادلة التي تسعى دمشق لتحقيقها اليوم تتلخص في معادلة “البقاء مقابل التطبيع”: بقاء النظام بقيادة الشرع، وعودة سوريا إلى المحيط العربي والدولي، مقابل قبول شروط أمريكية ـ إسرائيلية ـ  خليجية أبرزها: ضمان أمن حدود الجولان التطبيع التدريجي مع إسرائيل اعادة فتح البلاد للاستثمارات الغربية

والسؤال الآن لم يعد: هل تتجه سوريا للتطبيع؟ بل: متى؟ وبأي ثمن؟

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى