ثقافة وفنون

حرب غزة تحضر بقوة في مهرجان كان السينمائي عبر الشاشة والسجادة الحمراء

باريس ـ وكالات ـ تتسلل أجواء حرب غزة هذا العام إلى قلب مهرجان كان السينمائي، ليس فقط عبر الكلمات والمواقف السياسية المتوقعة، بل من خلال عدد من الأعمال الفنية المؤثرة التي تتناول مآسي الصراع المستمر في القطاع المحاصر، على رأسها الفيلم الوثائقي “ضع روحك على كفك وامشِ”، الذي أصبحت بطلته، المصورة الغزّية فاطمة حسونة، من ضحايا الحرب قبل أن تُعرض قصتها على شاشة المهرجان.

الفيلم، من إخراج الإيرانية المنفية في فرنسا سبيده فارسي، سيُعرض ضمن قسم “أسيد” (ACID)، وهو قسم موازٍ مخصص لعرض الأفلام المستقلة. تدور أحداثه حول فاطمة حسونة (25 عامًا)، التي كانت توثّق يوميات حياتها في غزة خلال الحرب، قبل أن تُقتل في قصف إسرائيلي استهدف منزلها في 16 أبريل/نيسان الماضي، بعد يوم واحد فقط من تلقيها نبأ اختيار الفيلم للمشاركة في المهرجان. وأسفر القصف عن مقتلها مع أفراد عائلتها، باستثناء والدتها التي نجت بأعجوبة.

مهرجان كان وصف الحادثة بأنها “مأساة هزّت العالم”، وأعلن عن إقامة معرض لصور فاطمة التي ظهرت ابتسامتها ونظراتها في معظم لقطات الفيلم، والتي “ستبقى إلى الأبد”، على حد وصف المخرجة.

وقالت فارسي، التي سبق أن صوّرت أفلامًا سرية في إيران باستخدام الهاتف المحمول، إن حسونة كانت تأمل بأن تحضر العرض العالمي الأول للفيلم يوم 15 مايو، وأضافت بأسى: “لقد أخطأنا عندما صدقنا أن الحرب قد تنتهي قريباً. الواقع تجاوزنا جميعاً”.

ومن المتوقع أن تثير هذه الأعمال نقاشات حادة داخل المهرجان، خاصة مع وجود فيلمين آخرين يتمحوران حول الحرب. الأول هو الفيلم الروائي “كان يا ما كان في غزة” للمخرجين الفلسطينيين طرزان وعرب ناصر، المقيمين خارج القطاع، ويُعرض ضمن قسم “نظرة ما”. والثاني هو فيلم “Yes” للمخرج الإسرائيلي ناداف لابيد، المعروف بانتقاداته اللاذعة للحكومة الإسرائيلية. تدور أحداث فيلمه حول موسيقي يُطلب منه تأليف نشيد وطني جديد في إسرائيل بعد هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

في المهرجانات الكبرى، لا تمر الأزمات الدولية بصمت، فقد سبق أن ارتدت النجمة كيت بلانشيت العام الماضي فستانًا يحمل ألوان العلم الفلسطيني على السجادة الحمراء. وفي افتتاح مهرجان برلين الأخير، نددت النجمة تيلدا سوينتون بـ”القتل الجماعي” و”الارتكابات اللاإنسانية”، ساخرة من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتحويل غزة إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”.

وتأتي هذه المشاركة القوية للأفلام الفلسطينية والمناهِضة للحرب في سياق عالمي متوتر، حيث تستمر الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إثر هجوم غير مسبوق شنّته حركة حماس على إسرائيل، وأسفر عن مقتل 1218 شخصًا إسرائيليًا، معظمهم من المدنيين، بحسب بيانات رسمية. وفي المقابل، قُتل أكثر من 52 ألف فلسطيني في غزة، أغلبيتهم من المدنيين، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.

يُذكر أن إسرائيل تفرض قيودًا صارمة على دخول الصحافيين الأجانب إلى قطاع غزة، ما دفع سبيده فارسي إلى التعاون افتراضيًا مع فاطمة حسونة عبر مكالمات الفيديو، لتوثيق الحرب من منظور الضحية. وقالت فاطمة، قبل مقتلها، إنها أرادت أن “تنقل الحياة في غزة إلى العالم”، وأن توثقها لأطفالها الذين كانت تحلم بإنجابهم. وتابعت المخرجة: “للأسف، لن تُرزق فاطمة بأطفال أبدًا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى