التسوية التي توصّلت إليها الحكومة الأميركيّة مع الحكومية اليمنيّة (لا تزال أنظمة الخليج تصرُّ-بعد سنوات- على أنّ مجموعة من اليمنيّين الذين يعملون لصالح النظام السعودي من فندق في الرياض هم الحكومة اليمنيّة الشرعيّة) أوقفت حرباً أميركية على اليمن.
حاولت إدارة ترامب (كما حاولت قبله حكومات بايدن والخليج) إخضاع حكومة اليمن بالقصف الوحشي. والأمر لا يتعلّق حصراً بأنصار الله (بالرغم من صلابتهم الاستثنائيّة) بل بطبيعة اليمنيّين.
السعوديّة لم تتوقّف منذ القضاء على الحُكم الإمامي عن محاولة إخضاع الشعب اليمني. التدخّل المصري في اليمن يُصوَّر اليوم على غير ما كان عليه: كان عبد الناصر يحمي خيارات الشعب اليمني من القمع والتدخّل العسكري السعودي. الفريد في حالة ترامب أنّه ينطِق بصراحة غير مألوفة في تاريخ الكلام الديبلوماسي عن الشرق الأوسط. هو اعترف من قَبل أنّ دُول الخليجي تدفع خُوّات لأميركا كي تحميها. هو يعترف أنّ كل ما يريده من أنظمة الخليج هو أموالهم.
أول من أمس تحدّث عن شجاعة اليمنيّين وعزمهم. الحكومة العُمانيّة (التي تغيّرت كثيراً بعد موت قابوس الذي كان صهيونيّاً. يروي نتنياهو كيف أنّ قابوس دعاه مع زوجته قبل وفاته للقائه وتكريمه. تطلّع نتنياهو نحو زوجته بعد إتمام الزيارة وسألها عن سبب الدعوة.
قالت له إنّ قابوس أراد رؤيته قبل وفاته). لم توافق اليمن على وقْف النار مع إسرائيل واكتفت باتّفاق مع أميركا وحدها. طبعاً، لو أنّ الإدارة كانت ديموقراطيّة، لكانت إسرائيل مُشارِكة في القرار الأميركي.
هذا ما يميّز ترامب: بالرغم من دعمه القويّ لإسرائيل، فإنّه غير عقائديّ، ومن المشكوك فيه أنّه يؤمن بمبادئ. هو تعرّض لنقْد شديد من الديموقراطيّين من قَبل لأنّه نوَّهَ بذكاء حسن نصرالله، وتعرّض لنقْد من قِبل الديموقراطيّين اليوم لأنّه أثنى على شجاعة أنصار الله. ترامب يستطيع أن ينتقد إسرائيل لأنّه يتحرّك بحُريّة سياسيّاً.
لم تعلم إسرائيل بالاتّفاق إلّا بعد حصوله، وهذه سابقة في السياسات الأميركية عن الشرق الأوسط. الاتّفاق سيصمد لأنّ أنصار ترامب ذكّروه أنّه كان قد وعَد بوقْف الحروب في الشرق الأوسط.
عن صحيفة الأخبار اللبنانية