مجلس أوروبا يطالب بالإفراج عن رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو
ستراسبورغ ـ وكالات ـ دعا مجلس أوروبا الأربعاء إلى الإفراج الفوري عن أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول، وذلك بعد أن التقى وفد من المجلس مع إمام أوغلو في السجن، الذي تم اعتقاله في مارس الماضي، ضمن إجراءات قانونية وصفها العديدون بأنها مسيسة.
في بيان صادر عن المجلس، ذكر الوفد الذي التقى بإمام أوغلو أن “حرمان إسطنبول من رئيس بلديتها المنتخب” واحتجازه دون محاكمة أو توجيه تهم محددة يعد غير مقبول في إطار دولة قانون. وأكد البيان أن “مجلس أوروبا” ما زال على موقفه المطالب بـ “الإفراج الفوري” عن إمام أوغلو.
السياق واللقاء
تأتي هذه الدعوة بعد زيارة وفد من مجلس أوروبا إلى تركيا، والتي تمت في 5 و6 مايو 2025، حيث التقى الوفد الذي كان يرأسه البلجيكي مارك كولز، رئيس مؤتمر السلطات المحلية والإقليمية التابع للمجلس، مع أكرم إمام أوغلو داخل سجن سيليفري غرب إسطنبول، وهو السجن الذي يقبع فيه إمام أوغلو منذ اعتقاله في 19 مارس 2025.
وكانت هذه الزيارة هي “أول زيارة دولية” لرئيس بلدية إسطنبول بعد احتجازه. وأعرب الوفد عن شكره للسلطات التركية على السماح له بلقاء إمام أوغلو، الذي تم اعتقاله بعد اتهامه بالفساد، وهي التهمة التي يراها المعارضون محاولة من الحكومة التركية لتقييد حرية التعبير ومكافحة المعارضة السياسية.
ردود الفعل المحلية والدولية
ويعتبر إمام أوغلو شخصية بارزة في حزب الشعب الجمهوري المعارض، وهو الحزب الذي يمثل اليسار الوسط في تركيا، ويُعتبر مرشحاً بارزاً في الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في 2028. وتعرض إمام أوغلو للاعتقال في وقت حساس للغاية، ما أثار موجة من الغضب والاحتجاجات في تركيا. هذا الحادث يأتي بعد سنوات من تصاعد الانتقادات حول قمع المعارضة في تركيا، في ظل حكم حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب إردوغان.
في وقت سابق من هذا العام، نظم الحزب المعارض تظاهرات ضخمة في أنحاء تركيا احتجاجًا على هذا الاعتقال، وخرج عشرات الآلاف من المواطنين في شوارع إسطنبول وأماكن أخرى في تركيا دعماً لإمام أوغلو ورفضًا لما اعتبروه “استبدادًا سياسيًا”. ووفقًا لبيانات غير رسمية، اعتقل العديد من المتظاهرين الذين عبروا عن رفضهم لهذا الإجراء.
تأثير الاعتقال على النظام الديمقراطي في تركيا
أعرب الوفد عن قلقه البالغ بشأن التهديدات التي يتعرض لها النظام الديمقراطي في تركيا، حيث ذكر في بيانه أن “الاعتقال التعسفي للمنتخبين المحليين” و**”استبدالهم”** دون أن تكون هناك محاكمات عادلة يشكل تهديدًا للمبادئ الديمقراطية الأساسية. وذكر الوفد أن الادعاءات بالإرهاب لا يمكن أن تكون مبررًا لـ تغيير إرادة الشعب و إلغاء انتخابات محلية أجريت بحرية، متجاهلين إرادة المواطنين التي عبّرت عنها صناديق الاقتراع.
أهمية العلاقة مع إندونيسيا وسياق الانتخابات التركية
في الوقت الذي يزداد فيه الاحتقان الداخلي في تركيا بسبب قضايا حقوق الإنسان وحرية التعبير، يواجه حزب العدالة والتنمية تحديات في الانتخابات المقبلة. ويعد إمام أوغلو واحدًا من المرشحين الأقوياء من المعارضة للانتخابات الرئاسية القادمة في عام 2028، ما يعكس أهمية هذه القضايا في الحياة السياسية التركية. وعلاوة على ذلك، فإن المجلس يعبّر عن قلقه إزاء القمع المستمر للمتظاهرين الذين خرجوا في احتجاجات في أعقاب اعتقال إمام أوغلو، مشيرًا إلى انتهاكات حقوق الإنسان المتكررة في هذا السياق.
مجلس أوروبا والضغوط على تركيا
من جانب آخر، يعتبر مجلس أوروبا أن تركيا، كدولة عضو في المجلس، مطالبة بالالتزام بالمعايير الدولية فيما يتعلق بحقوق الإنسان وحرية التعبير. ويُعد مجلس أوروبا، الذي يضم 46 دولة بما في ذلك تركيا، جهة رئيسية في مراقبة حقوق الإنسان و الديمقراطية في القارة الأوروبية.
وقد جدد المجلس في بيانه التأكيد على أن “الاعتقالات السياسية” و “تدابير القمع ضد المعارضة” لا يمكن تبريرها بأي حال من الأحوال بموجب القوانين الدولية، حيث أن حق التعبير و الحق في الاحتجاج يُعد من الحقوق الأساسية التي يجب أن تكون محمية في الأنظمة الديمقراطية.
إن اعتقال أكرم إمام أوغلو في هذا التوقيت الحساس ليس مجرد حدث محلي في تركيا، بل هو رسالة إلى العالم حول حالة الديمقراطية وحقوق الإنسان في البلاد. وأصبحت دعوات مجلس أوروبا للإفراج عن إمام أوغلو نقطة محورية في الضغط الدولي على الحكومة التركية، وهو ما قد يؤثر في الانتخابات وفي العلاقات التركية مع الاتحاد الأوروبي والدول الغربية.