أوروبا

ألمانيا تشن حملة أمنية واسعة ضد أكبر تنظيم تابع لـ”مواطني الرايخ” وتعلن حظره رسميًا

برلين – ـ وكالات ـ  شنت الشرطة الألمانية فجر الثلاثاء حملة أمنية واسعة النطاق استهدفت شبكة يمينية متطرفة تُعرف باسم “مملكة ألمانيا” (Königreich Deutschland)، في عملية دهم منسقة شملت سبع ولايات اتحادية. وتأتي هذه الحملة بعد صدور قرار رسمي من وزارة الداخلية الألمانية بحظر الجماعة، التي تُعد الذراع الأكبر لحركة “مواطني الرايخ”، المثيرة للجدل.

وفي بيان رسمي، أعلنت وزارة الداخلية أن الجمعية المحظورة تضم حوالي 6,000 عضو، يتبنون أفكارًا متطرفة وينكرون وجود جمهورية ألمانيا الاتحادية، ويرفضون النظام القانوني والدستوري القائم. وأضاف البيان أن الحظر يشمل أيضًا عدة منظمات مرتبطة بالجماعة، في إطار مكافحة الأيديولوجيات التي تقوض الدولة ومؤسساتها.

“دولة داخل الدولة”

وبحسب ما أفاد به مكتب الادعاء العام الفيدرالي، تم خلال العملية توقيف أربعة أشخاص، من بينهم ثلاثة يُعتقد أنهم من الأعضاء المؤسسين للتنظيم. وتُشير التحقيقات إلى أن المجموعة، خلال العقد الماضي، أنشأت ما يشبه “دولة موازية” داخل ألمانيا، تضمنت هياكل مؤسسية مثل نظام تأمين خاص، بطاقات هوية، بل وحتى عملة بديلة.

وصرّح وزير الداخلية الألماني، ألكسندر دوبرينت، أن الجماعة تمثل تهديدًا مباشرًا لسيادة الدولة، موضحًا أن أعضاؤها يعملون على تأسيس “دولة مضادة داخل ألمانيا” تقوم على إنكار النظام الديمقراطي ومحاولة زعزعة سلطة الدولة في احتكار استخدام القوة الشرعية. وأضاف أن التنظيم يستند إلى “نظريات مؤامرة معادية للسامية” لتبرير شرعيته المزعومة.

جذور متطرفة وتاريخ من العنف

وتنتمي “مملكة ألمانيا” إلى ما يُعرف بحركة “مواطني الرايخ”، وهي جماعة غير معترف بها رسميًا تنكر شرعية الدولة الألمانية الحديثة وتدعي أن النظام الملكي الألماني الذي سقط بعد الحرب العالمية الأولى لا يزال قائمًا.

وقد وُضعت هذه الحركة تحت المراقبة من قبل وكالة الاستخبارات الداخلية الألمانية منذ عام 2016، عقب حادثة إطلاق نار استهدفت أحد رجال الشرطة خلال مداهمة منزل لأحد أعضائها. وتُعد الحركة، وفقًا للسلطات، بيئة خصبة للتطرف والتسلّح غير المشروع، وتضم في صفوفها عناصر على استعداد لاستخدام العنف ضد مؤسسات الدولة.

مداهمات منسقة وشبه عسكرية

شاركت في عمليات الدهم قوات أمنية كبيرة تُقدر بالمئات، وتمت المداهمات في توقيت متزامن صباح الثلاثاء، واستهدفت مقار التنظيم ومنازل قادته في عدة ولايات، بينها ساكسونيا السفلى، بافاريا، وبراندنبورغ.

وأكدت وزارة الداخلية أن قرار حظر الجمعية تم اتخاذه مسبقًا، ما منح السلطات القانونية الأساس للتحرك السريع والمكثف على الأرض.

تحذير من تمدد الفكر المتطرف

تُعد هذه العملية جزءًا من استراتيجية موسعة تتبعها ألمانيا منذ سنوات لمحاربة الحركات اليمينية المتطرفة التي تسعى لتقويض النظام الديمقراطي من الداخل. وقد حذرت السلطات من خطورة تمدد هذا الفكر، لا سيما مع تصاعد نظريات المؤامرة، وانتشار محتوى الكراهية عبر الإنترنت، وتزايد النزعة القومية المتطرفة في بعض الأوساط.

وتواجه ألمانيا تحديًا متناميًا في التعامل مع الحركات المتطرفة المحلية، التي تستغل الحريات الدستورية لتقويض النظام ذاته، وسط قلق من تحوّل هذه الجماعات إلى شبكات عنف منظمة، تهدد أمن البلاد الداخلي ووحدة مؤسساتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى