أوروبا

بريطانيا تعلن تشديد سياسة الهجرة في ظل صعود اليمين المتطرف وستارمر يتعهد بـ”استعادة السيطرة”

لندن – وكالات ـ  أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الاثنين، عن خطة حكومية شاملة لتشديد سياسات الهجرة، في خطوة تهدف إلى خفض أعداد الوافدين ومواجهة تنامي الدعم الشعبي لليمين المتطرف.

وقال ستارمر، خلال مؤتمر صحافي في مقر الحكومة بداونينغ ستريت، إن حكومته ستنهي ما وصفه بـ”تجربة الحدود المفتوحة” التي سمحت بوصول ما يقرب من مليون مهاجر في ظل الحكومة المحافظة السابقة، متعهداً بـ”استعادة السيطرة أخيراً على حدودنا”، في تكرار للشعار الشهير الذي استخدمه مؤيدو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016.

أبرز ما تضمنه “الكتاب الأبيض” للهجرة:

  • تشديد شروط الإقامة والجنسية: رفع الحد الأدنى للإقامة من خمس إلى عشر سنوات للحصول على الإقامة الدائمة أو الجنسية.

  • قيود على العمال الأجانب: تقليص تأشيرات العمل، خاصة في قطاعات الرعاية الاجتماعية، ومنع دخول العمال ذوي المهارات المتدنية.

  • متطلبات لغوية جديدة: فرض شرط إتقان اللغة الإنجليزية الأساسي على المعالين البالغين.

  • تقييد تأشيرات الطلاب: تقليص مدة بقاء الطلاب بعد إنهاء الدراسة.

  • تعزيز إجراءات الترحيل: إلزام السلطات بإبلاغ الحكومة بجميع الأجانب المدانين بجرائم، وليس فقط من تلقوا أحكامًا بالسجن تزيد على عام.

وأكد ستارمر أن هذه السياسات “ستُطبق بأكثر صرامة من أي وقت مضى”، مضيفًا أن نظام الهجرة كان في السابق يُشجع على توظيف عمال بأجور متدنية، عوضاً عن الاستثمار في الشباب البريطاني.

ضغوط سياسية وصعود اليمين

جاءت الإجراءات بعد مكاسب كبيرة حققها حزب الإصلاح اليميني المتطرف بقيادة نايجل فاراج في الانتخابات المحلية الأخيرة، حيث فاز الحزب بأكثر من 670 مقعدًا في المجالس المحلية، إضافة إلى رئاسة بلديتين، وسط تزايد تأييد الناخبين المتحفظين والمعارضين للهجرة.

وبينما يسعى ستارمر إلى استعادة زمام المبادرة السياسية، حذّر مراقبون من أن تشدد حزب العمال في ملف الهجرة قد ينفّر القاعدة الليبرالية التي دعمته، خاصة مع تنامي الدعم للأحزاب اليسارية كالديمقراطيين الليبراليين والخضر.

ردود فعل وتحذيرات

من جانبها، أعربت منظمة “كير إنغلاند”، التي تمثل قطاع الرعاية الاجتماعية، عن صدمتها من السياسات الجديدة، ووصفت إلغاء تأشيرات العاملين في الرعاية بأنه “ضربة قاصمة لقطاع هش أصلًا”. وقال المدير التنفيذي مارتن غرين: “هذا القرار ليس فقط قصير النظر، بل قاسٍ وغير عملي”.

الهجرة غير النظامية.. تحدٍ مستمر

لا تزال قضية الهجرة غير النظامية عبر القنال الإنجليزي تؤرق الحكومة البريطانية، إذ عبر أكثر من 36,800 شخص خلال العام الماضي على متن قوارب مطاطية. وتشير بيانات مشروع المهاجرين المفقودين إلى وفاة 84 شخصاً أثناء محاولتهم العبور في 2024، بينهم 14 طفلاً على الأقل.

ويُناقش البرلمان حالياً مشروع قانون مستقل بعنوان “أمن الحدود واللجوء والهجرة”، يهدف إلى وقف الهجرة غير الشرعية وتشديد الرقابة على الحدود.

نحو انتخابات 2029

رفض ستارمر تحديد سقف رقمي لخفض الهجرة، لكنه وعد بأن تكون الأعداد “منخفضة بشكل ملحوظ” بحلول الانتخابات العامة المقبلة، المتوقعة في عام 2029.

وفي خضم التحديات السياسية والديموغرافية والاقتصادية، يبدو أن ملف الهجرة سيبقى من أكثر القضايا حساسية واستقطابًا في الحياة السياسية البريطانية، في ظل محاولات حكومة حزب العمال للمواءمة بين كبح صعود اليمين المتطرف، وعدم خسارة التأييد الليبرالي في الداخل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى