تحقيقات

زيارة ترامب للخليج: إعادة تنظيم استراتيجي واختبار لتحولات القوى الإقليمية؟

متابعات حمزة علي

أثارت زيارة دونالد ترامب الوشيكة لمنطقة الخليج قدرًا كبيرًا من التعليقات في وسائل الإعلام الغربية، مما يعكس مدى انحراف السياسة الخارجية للرئيس عن التقاليد الدبلوماسية الأمريكية الراسخة.
من واشنطن إلى لندن، تفسر وسائل الإعلام هذه الرحلة على أنها رمز لتحول استراتيجي أوسع نطاقًا، تحول يقلل من أولوية التحالفات التقليدية، ويرفع من وزن دول الخليج، ويضع تفضيلات إسرائيل في موقف دفاعي.
في التفاصيل:
كسر التقاليد الراسخة، بإعطاء الأولوية للخليج على الجيران والحلفاء، فالرئيس ترامب بحسب المصادر الإعلامية يبدأ رحلاته الخارجية من الخليج، متجاوزًا كندا والمكسيك وحتى إسرائيل، ما يمثل قطيعة رمزية مع الدبلوماسية السابقة طويلة الأمد.
– أشارت صحيفة واشنطن بوست (11 مايو) إلى أن اختيار ترامب لهذه المنطقة يسلط الضوء على توجهه المتميز في السياسة الخارجية، مؤكدةً في “علامة أخرى على نواياه” وهي الابتعاد عن حلفاء الولايات المتحدة التقليديين الذين عادةً ما يستقبلون زيارات مبكرة من الرؤساء الامريكيون الجدد.
– رددت صحيفة التايمز (المملكة المتحدة) على هذا الرأي في 9 مايو، وأشارت إلى أنه منذ الحرب العالمية الثانية، زار كل زعيم أمريكي تقريبًا الدول المجاورة أولاً. وتُصف قرار ترامب بأنه “متعمد”، وهو جزء من “إعادة تنظيم استراتيجي أوسع بكثير” يمنح الأولوية للنفوذ الاقتصادي للخليج على حساب العلاقات التجارية والأمنية التقليدية لأمريكا.
– تصعد دول الخليج من لاعبين إقليميين إلى وسطاء أقوياء، يعكس هذا التحول في تركيز الولايات المتحدة النفوذ السياسي والاقتصادي المتزايد لدول الخليج.
– أكدت صحيفة الجارديان (11 مايو) على هذه النقطة، مجادلةً بأن الخليج يتمتع الآن بنفوذ كبير على واشنطن. وأشار أحد المحللين إلى أن ترامب “قد يحتاجهم أكثر مما يحتاجون إليه”. وصف المقال النفوذ المتزايد للمنطقة بأنه “حقيقة لا مفر منها في الحياة الجيوسياسية والاقتصادية في القرن الحادي والعشرين”، واقترح المقال أنه بإمكان قادة الخليج استخدام نفوذهم للتأثير على توجه ترامب بشأن السلام في الشرق الأوسط، خاصة وسط تحذيرات مما أطلق عليه أحد المراقبين على وجه التحديد نكبة ثانية وشيكة للفلسطينيين.
– عزز ستيفن أ. كوك، الزميل البارز في مجلس العلاقات الخارجية، هذا الموضوع في تعليقات لصحيفة واشنطن بوست (11 مايو)، قائلاً إن زيارة ترامب تمثل “فرصة حقيقية” لتعزيز ديناميكيات إقليمية متطورة وجديدة.

إسرائيل وترامب

ظهور صدع في العلاقات، على النقيض من تحالف ترامب مع الخليج والشرق الأوسط ذي المظهر المختلف، إذ تبدو علاقته بإسرائيل – وخاصة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو – متوترة بشكل متزايد.
– في 11 مايو، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن ترامب رفض اندفاع نتنياهو لشن ضربة عسكرية مشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل على المنشآت النووية الإيرانية. وهذا يمثل تحولاً في علاقاتهما السابقة . نقلت الصحيفة عن السفير الأمريكي مايك هاكابي، الذي صرّح للتلفزيون الإسرائيلي بأن “الولايات المتحدة ليست مُلزمة بالحصول على إذن من إسرائيل”. ويشير المقال نفسه إلى أن ولاية ترامب الأولى شملت إسرائيل في جولته الخارجية الأولى، بينما هذه المرة، يتجاهلها تمامًا.
– بالمثل، سلّطت قناة إن بي سي نيوز (11 مايو/أيار) الضوء على تنامي الفجوة بين الزعيمين. ونقلت عن مسؤولين أمريكيين ودبلوماسيين من الشرق الأوسط قولهم إن علاقة ترامب ونتنياهو قد وصلت إلى “مفترق طرق” مع اختلافهما حول كيفية التعامل مع حقائق ما بعد حماس وضعف إيران. وصرح فرانك لوينشتاين، المبعوث السابق لإدارة أوباما، لشبكة إن بي سي بأن “الإسرائيليين.. ظنّوا أن ترامب سيمنحهم حقًا شيكًا مفتوحًا”، لكنهم يدركون الآن أن “لترامب أجندته الخاصة”.

المخاطر الجيوسياسية: إعادة تنظيم في زمن التقلبات الإقليمية

– تشير غالبية هذه التحليلات الخاصة بالموضوع إلى لحظة إعادة تقييم عميقة. ويبدو أن نهج ترامب يعكس اعتقادًا أوسع بالتخلي عن التشابكات طويلة الأمد مع أوروبا أو مراعاة أجندة إسرائيل الأمنية عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط.
– لاحظت صحيفة نيويورك تايمز (11 مايو)، أن السؤال الآن هو كيف يمكن لترامب ونتنياهو التوفيق بين خلافاتهما خلال “وقت التحولات الجيوسياسية الكبرى”. يتفق المحللون على أن النتيجة يمكن أن تشكل ليس فقط السياسة الخارجية الأمريكية، ولكن أيضًا القوس الأوسع للتحول السياسي في الشرق الأوسط.

الخلاصة

** تشير زيارة ترامب لدول في الخليج إلى أكثر من مجرد تحول دبلوماسي ، فهي تؤكد على إعادة تنظيم وشيكة في توازن القوى والنفوذ في الشرق الأوسط.
** تتفق تحليلات وسائل الإعلام الغربية على نقطة رئيسية: وهي ان العالم إزاء لحظة تكوينية للسياسة الخارجية الأمريكية والاستقرار العالمي والإقليمي. والأهم من ذلك، يأتي ذلك في وقت تقف فيه القضية الفلسطينية عند مفترق طرق. خاصة وان إسرائيل تتعرض لضغوط داخلية وخارجية
** مع تخلي الولايات المتحدة عن أولويات تحالفاتها التي لم تكن موضع شك في السابق، فإن المجال السياسي ينفتح لترتيبات جديدة. وهذا ليس مجرد تحول في البروتوكولات الدبلوماسية، بل هو إعادة معايرة استراتيجية من شأنها إما أن ترسخ تسلسلات دولية وإقليمية جديدة أو أن تقدم فرصة نادرة لإعادة تشكيل المستقبل السياسي للمنطقة مع تقدم قضية فلسطين الى المركز.

 مركز تقدم للسياسات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى