السلايدر الرئيسيتحقيقات

مقترح طلاق بالتراضي خارج المحاكم يُثير جدلاً في تونس

 

تونس ـ يورابيا ـ وكالات ـ أثار مشروع قانون جديد في تونس جدلا واسعا، على إثر تقدم 105 نواب بمبادرة تشريعية تسمح بإجراء الطلاق بالتراضي أمام عدول الإشهاد، دون المرور على قصور العدالة.
وقد واجه المشروع، الذي يهدف حسب داعميه إلى تخفيف العبء على المحاكم وتسريع إجراءات الطلاق، انتقادات حادة من قبل قانونيين ونشطاء في المجتمع المدني، معتبرين أنه يُهدد مكتسبات مجلة الأحوال الشخصية ويُضعف الحماية القانونية للمرأة والأسرة.
وينص المقترح على توثيق الطلاق رسميًا أمام عدل إشهاد، بشرط عدم وجود نزاع أو ضرر، مع ضمان حقوق الأطفال القصر.
لا لتعديل فصول مجلة الأحوال الشخصية
في ذات السياق، أعرب الاتحاد الوطني للمرأة التونسية عن رفضه القطعي لمشروع تنقيح الفصل 32 من مجلة الأحوال الشخصية التي تقترح أن يتم الطلاق بالتراضي دون اللجوء إلى محكمة.
وشدد الاتحاد على أن الطلاق لا يمكن أن يصدر إلا عن المحاكم. والخميس وقّع 105 نواب من البرلمان على مبادرة تشريعية تهدف إلى تنظيم مهنة عدول الإشهاد وتشمل مقترحات أبرزها السماح بإتمام الطلاق بالتراضي لدى عدل إشهاد، وذلك في إطار السعي لتقليص العبء القضائي وتسريع البت في قضايا الطلاق التي تُعدّ بالآلاف سنويًا.
وعبر الاتحاد في رسالة موجهة من رئيسته إلى رئيس البرلمان وأعضاء لجنة التشريع العام وكافة النواب، وردت على صفحته الرسمية عن خشيته من أن تكون مبادرة تنقيح الفصل 32 مدخلا للمسّ من جميع أحكامها وفصولها وضربا لحقوق النساء التونسيات ومحضونيهن وزعزعة مؤسسة الزواج والتعامل معه وكأنه عقد لا يختلف عن غيره من العقود الناقلة للملكية التي يختص بتحريرها عدول الاشهاد.
وحذر من أي تراجع على مكتسبات النساء. واعتبر اتحاد النساء أنّ هذا المشروع يشكل تهديدا حقيقيا لمكتسبات النساء التونسيات ومسّا من الضمانات القانونية التي تنبني على مبدأ المواجهة وتكفلها المحاكمات العادلة لضمان السلم الاجتماعية وتحقيق النظام العام.

هيئة المحامين على الخط

بدوره، أصدر عميد الهيئة الوطنية للمحامين بتونس، حاتم المزيو، 2025، بيانًا وجّهه إلى رئيس البرلمان وأعضاء لجنة التشريع العام وعموم النواب، عبّر فيه عن رفضه الشديد واعتراضه التام لتمرير مشروع قانون أساسي لتنظيم مهنة عدول الإشهاد على صيغته الحاليّة لجملة من الأسباب، معتبرًا أنه “مشروع يمثّل قطاعيّة مقيتة وتفكيرًا انتهازيًا وتهديدًا للقضاء والعدالة وسطوًا تامًا على جميع اختصاصات المحامي”.
ويرجع سبب رفض المحامين لمشروع هذا القانون على صيغته الحاليّة إلى كونه “بمثابة العبث القانوني بثوابت ومكتسبات الجمهوريّة التّونسيّة وبالحقوق الدستوريّة ويمثّل حقيقة خطرًا على السّلم الاجتماعي ومساسًا بالأمن القومي الاجتماعي والاقتصادي. وقد كان هذا المشروع محلّ رفض تامّ من اللّجان المحدثة صلب وزارة العدل نظرًا لما جاء فيه من مطلبيّة قطاعيّة مقيتة بل ومضرّة بمصالح المواطنين والوطن ولمساسها بالمنظومة التشريعيّة الجاري بها العمل والحقوق المكتسبة قانونًا” وفق البيان.

وأوضح بيان المزيو، أنّ “هذا المشروع ليس تعبيرًا فحسب على قطاعيّة مقيتة بل يمثّل في جوهره تفكيرًا انتهازيًا للبعض ممّن تولّى صياغته يرمي إلى تحقيق منافع خاصّة وشخصيّة على حساب كلّ الثّوابت والمكتسبات الدستوريّة للمواطن التّونسي بصفة عامّة والمرأة التّونسيّة بصفة خاصة، إذ أنّ ما جاء فيه يمثَّل استيلاء على اختصاصات عديد المهن الحرّة وخاصّة المحاماة التونسيّة بل أكثر من ذلك إنهاء لوجودها أصلًا (الفصل 26 منه)”.
واعتبرت هيئة المحامين أنّ هذا المشروع “يهدد مكتسبات الأسرة التونسية والمرأة.. وخاصّة بأن يكون الطّلاق حكميًّا حماية لحقوق المرأة والطفل والأسرة بصفة عامّة”. مؤكدة أنّ هذا المشروع “ينسف حقوق الأسرة والمرأة والطّفل الذي عهد المشرّع للقضاء إجراء المساءلات العلميّة الوجوبيّة واتخاذ القرارات الفوريّة بعد بذل العناية الضروريّة لإجراء المحاولات الصلحية وحماية المصلحة الفضلى للطّفل تكفل فيها حقوق الدفاع”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى