تحقيقات أوروبية تطال وكالة الناتو للمشتريات وسط شبهات فساد وتلاعب بعقود عسكرية
بروكسل – وكالات ـ دخلت وكالة الدعم والمشتريات التابعة لحلف شمال الأطلسي (NSPA) دائرة الضوء، بعد أن أعلنت السلطات الأوروبية عن فتح تحقيق رسمي في مزاعم تتعلق بعمليات فساد وتزوير في صفقات عسكرية، يُشتبه أنها طالت برامج شراء أسلحة وذخائر حساسة، في توقيت دقيق تتزايد فيه الحاجة إلى الشفافية في صفقات الدفاع وسط استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا.
تعاون رسمي من قبل الناتو وسط ضغوط متصاعدة
وقال مارك روته، الأمين العام لحلف الناتو، خلال مؤتمر صحفي من تركيا حيث كان يرأس اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء، إن الوكالة “تتعاون بشكل وثيق مع كافة السلطات المعنية”، مضيفاً: “نحن مصممون على الوصول إلى الحقيقة كاملة في هذه القضية”. وشدد روته على أن التحقيقات لن تؤثر على التزامات الحلف بتقديم الدعم الدفاعي للدول الأعضاء، خاصة في ظل التحديات الأمنية المتفاقمة على الجبهة الشرقية.
التحقيقات تطال موظفين حاليين وسابقين
وبحسب وكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون في مجال العدالة الجنائية (يوروجاست)، فإن التحقيق يشمل موظفين حاليين وسابقين في وكالة الدعم والمشتريات، ويتضمن شبهة إساءة استخدام معلومات سرية تم تسريبها لشركات معينة من أجل تسهيل فوزها بعقود عسكرية استراتيجية.
شبهات غسل أموال وشركات استشارية وهمية
وأوضح الادعاء العام البلجيكي، الذي يتولى جانباً أساسياً من التحقيق، أن المخالفات المحتملة تشمل قيام مسؤولين في الوكالة بمنح شركات دفاعية معلومات سرية حول عقود تجهيز الذخائر والطائرات المسيّرة – وهي معدات تلعب دوراً حيوياً في سياق الحرب الروسية ضد أوكرانيا – مقابل رشى مالية يُشتبه أنها جرى تمريرها عبر شركات استشارية تم إنشاؤها خصيصاً لغسل الأموال.
توسّع التحقيق عبر الحدود الأوروبية
يمتد التحقيق إلى دولتين أوروبيتين على الأقل: إسبانيا ولوكسمبورغ، حيث تقع منشآت ومكاتب رئيسية للوكالة. وقالت “يوروجاست” إنها توفر الدعم الفني والتنسيقي لضمان سير التحقيق بسلاسة عبر الحدود القضائية المتعددة، في قضية من المرجح أن تُلقي بظلالها على سمعة الحلف ونظام مشترياته الدفاعي.
نظام المشتريات في الناتو تحت المجهر
تُعد وكالة الدعم والمشتريات (NSPA) الذراع اللوجستي الرئيسي لحلف شمال الأطلسي، وتضطلع بدور محوري في تأمين احتياجات 32 دولة عضوًا في الحلف، بالإضافة إلى شركاء آخرين، من خلال التعاقد على الأسلحة، الذخائر، تكنولوجيا الاتصالات، وأنظمة الدفاع الحديثة. ورغم أن الناتو كمنظمة لا يمتلك جيشاً أو أسلحة خاصة به، إلا أن الوكالة تشكل منصة مركزية لتنظيم المشتريات المشتركة بين الدول الأعضاء.
تداعيات محتملة على الثقة والتنسيق الدفاعي
تثير هذه القضية تساؤلات حساسة بشأن مستوى الشفافية والحوكمة داخل الهياكل التعاقدية للحلف العسكري الأكبر في العالم. ويرى مراقبون أن أي خلل في نزاهة عمليات الشراء يمكن أن يُقوض الثقة بين الدول الأعضاء ويؤثر على كفاءة الإمداد في سياقات حرجة، لا سيما في ظل الدعم العسكري المتواصل لأوكرانيا، وتزايد الاعتماد على الذخائر والمسيّرات في مسارح العمليات الحديثة.
التحقيق الجاري في وكالة الناتو للمشتريات ليس فقط قضية فساد إداري، بل اختبار حقيقي لموثوقية البنية المؤسسية للأمن الجماعي في أوروبا. ومع اتساع نطاق التحقيقات وتعدد الأطراف المعنية، ستكون الأسابيع المقبلة حاسمة في تحديد حجم الانتهاكات المحتملة، ومن ثم اتخاذ خطوات إصلاحية قد تشمل مراجعة شاملة لنظام العقود الدفاعية داخل الحلف.