السلايدر الرئيسيشمال أفريقيا

المغرب يواصل دعم برامج توطين الصناعات العسكرية… في تنافس مع الجزائر والهدف تكوين قوة اقليمية

من فاطمة الزهراء كريم الله

الربط ـ يورابيا ـ من فاطمة الزهراء كريم الله ـ في الوقت الذي حقق فيه المغرب نجاحه في قطاعَي تصنيع السيارات والطائرات خلال الأعوام الماضية، تسعى الرباط إلى التأسيس لصناعة عسكرية ضمن رغبتها في التحول إلى قوة إقليمية، تلبّي الطلب المحلي وتُصدر إلى الأسواق الخارجية.
هذا وقد دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس، أمس الأربعاء، بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لتأسيس القوات المسلحة الملكية(الجيش)، إلى ضرورة دعم برامج توطين الصناعات العسكرية، بهدف بلوغ الاستقلالية في المجال الدفاعي.
وأكد العاهل المغربي، في رسالة له للقيادة العليا للجيش، عزمه مواصلة دعم هذا الإنجاز الوطني الاستراتيجي، مشيرا إلى أن الدولة حرصت على توفير كل الظروف القانونية واللوجستيكية والإجرائية لجذب المستثمرين والشركاء المغاربة والأجانب، بما يضمن إرساء صناعة دفاعية وطنية متكاملة. مشددا على أن توطين الصناعات العسكرية لم يعد خيارا ظرفيا، بل هو مسار استراتيجي يندرج ضمن رؤية مستقبلية، تهدف إلى تعزيز السيادة الدفاعية للمملكة، وتقليص التبعية للخارج في مجال التسلح والتجهيزات العسكرية.
وأكد الملك، في نص رسالته، على التحديات الأمنية المتسارعة، سواء الإقليمية أو الدولية، التي تفرض على القوات المسلحة تطوير قدراتها والرفع من مستوى التأهيل والتكوين، عبر تحديث مناهج التعليم العسكري وتوفير التجهيزات المتطورة. و أن الاهتمام بالمجال الدفاعي يجب أن يشمل أيضا الجوانب الاجتماعية والطبية للعسكريين وأسرهم، بما يضمن الكرامة والحماية والدعم الكامل لكل من يخدم تحت راية الوطن، داعيا جميع أفراد القوات المسلحة إلى الحفاظ على المكتسبات، والالتزام بأعلى درجات الوفاء والتضحية.

انشاء مناطق صناعية عسكرية

بدأ المغرب خلال السنوات الأخيرة، العمل على إعداد تصور لإحداث مناطق صناعية متخصصة في مجال الصناعة الدفاعية، من خلال تأسيس صناعة دفاعية متطورة، نظرا لوجود مجموعة من الطلبات الأجنبية للاستثمار في هذا المجال بالمملكة.
ومن الملاحظ أن مشروع قانون ميزانية سنة 2024، شهد رفع المغرب من جديد لميزانيته الخاصة بالدفاع بـ 4 مليارات درهم، لتصل إلى ما يتجاوز 124.7 مليار درهم (12.47 مليار دولار)، فيما كان خصص لهذا المجال خلال العام الجاري مبلغ 120 مليار درهم (12 مليار دولار)، وهو ما يبرز وفق المختصين الاهتمام المتزايد للمملكة المغربية في تطوير وتوطين الصناعة العسكرية، وتعزيز قدرات القوات المسلحة الملكية.
في اتصال مع ” يورابيا” اعتبر محمد شقير، أستاذ العلوم السياسية والخبير في المجال العسكري، أن توجه المغرب نحو الصناعة العسكرية يأتي في إطار سياسة التسلح المتبعة من قبل المملكة في هذا الجانب، والذي فرضته عدة اعتبارات، أولها أن الرباط تعمل على التقليص من التكاليف المالية التي تصرف في هذا المجال، وخاصة أنها تتم بالعملة الصعبة.

الهدف ان تكون المغرب قوة إقليمية عسكريا

و قال شقير: أن “ثاني الأسباب تتعلق بتوجه المغرب وطموحه لكي يكون قوة إقليمية بالمنطقة، والذي يفرض عليه العمل على خلق نواة صناعية عسكرية بالمملكة على غرار بعض الدول سواءً أكانت عربية أو إفريقية، كمصر التي تقوم بتصنيع بعض المعدات العسكرية، وجنوب إفريقيا كذلك. مشيرا، إلى أن دوافع المملكة المغربية مهمة في هذا التوجه، أبرزها امتلاكها لعديد المقومات المرتبطة بهذا المجال، من بينها التقدم الذي أحرزته في صناعة الطائرات المدنية، وخلق مناطق صناعية خاصة بذلك، مثلما هو موجود في إقليم النواصر بضواحي مدينة الدار البيضاء”.
هذا و يعمل المغرب في السنوات الأخيرة، على تكتيف جهوده في تعزيز قدراته الدفاعية بينما حذر مرارا من تنامي التحديات الأمنية من بينها ما تشهده منطقة الساحل الأفريقي من تنامي لنفوذ الجماعات الإرهابية.
وتسعى الرباط للتحول إلى قوة عسكرية وازنة إقليميا في مواجهة استمرار الجزائر في سياسة تسلح ضخم، بينما توفر الجارة الشرقية الدعم والغطاء السياسي لجبهة بوليساريو الانفصالية.
لهذا أثنى الملك محمد السادس في رسالته أمس، على انخراط القوات المسلحة الملكية في عمليات حفظ السلام، خاصة في الكونغو الديمقراطية وإفريقيا الوسطى، منوها بسمعة المغرب كشريك موثوق في دعم الأمن والاستقرار العالميين تحت مظلة الأمم المتحدة.

التنافس بين الجارتين

وفقا لأحدث تقارير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، فإن المغرب احتل المرتبة 31 عالميا في قائمة مستوردي الأسلحة لسنة 2025، مسجلا تراجعا طفيفا مقارنة بسنة 2023، حيث كان في المرتبة 29، لكن دون انخفاض حاد في وتيرة التسلح.
وعربيا، احتل المغرب المرتبة السادسة بين أكثر الدول استيرادا للأسلحة، بعد كل من السعودية وقطر ومصر والإمارات والكويت.
أما على المستوى الإفريقي، فاحتلّ في المرتبة الثانية بعد الجزائر، علما أنه تصدّر القائمة، خلال بعض الفترات السابقة.
ورغم أن الجزائر لا تزال المتصدر الإفريقي في مجال الواردات العسكرية، إلا أن انخفاض وارداتها بنسبة 73 في المائة، مقارنة بالفترة 2015-2019، قد يمنح المغرب فرصة للتقدم مجددا، خلال السنوات القادمة.
وأبرز التقرير أنه لطالما كان التنافس بين المغرب والجزائر عاملا رئيسيا في تحديد سياسات التسلح لدى البلدين. ومع تراجع الجزائر في واردات السلاح، خلال السنوات الأخيرة، استمر المغرب في نهج تصاعدي لتعزيز قوته العسكرية. معتبرا أنه رغم كون الجزائر لا تزال تمتلك واحدة من أقوى الترسانات العسكرية في إفريقيا، إلا أن المغرب يعمل على تقليص الفجوة، بشكل ملحوظ، عبر اقتناء أسلحة نوعية متقدمة، وتطوير قواته البرية والجوية، وتعزيز قدرات الدفاع الجوي.
أستاذ العلوم السياسية والخبير في المجال العسكري، في حديثه مع “يورابيا” شدد على التنافس والصراع بين المغرب والجزائر دخل باب العمل على توطين الصناعة العسكرية، مشيرا إلى أن الزيارة الأخيرة للسعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الجزائري إلى الصين تدخل في إطار هذه المنافسة الإقليمية.
وأبرز المتحدث ذاته، أن زيارة قائد الجيش الجزائري ركزت على مساعدة الصين للجزائر في صناعة الطائرات العسكرية بدون طيار، وذلك بعدما علمت الجارة الشرقية أن المغرب قريب من الانطلاق في عملية صناعة “الدرونات” الحربية، معتبرا أن ذلك يدخل في باب التنافس والنفوذ سواءً بشمال إفريقيا أو بمنطقة الساحل الإفريقي.
وأضاف أن التنافس بين البلدين تجاوز اليوم شراء أهم التكنولوجيا العسكرية إلى مجال توطين صناعة الأسلحة، حيث أن الجزائر تحاول عدم جعل المغرب يتحرك بحرية في هذا الإطار، وتسعى إلى خلق صناعة عسكرية في نفس المجال الذي شرعت في المملكة المغربية.

تعليق واحد

اترك رداً على Sou إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى