اذا تساءل احد ما اذا كان بنيامين نتنياهو ينوي التسليم بالضغط الامريكي الثقيل من اجل انهاء الحرب في غزة فقد حصلنا امس على جواب واضح جدا: ليس فقط بنشر رسائل عسكرية عن نية توسيع الحرب، بل في محاولة تصفية الشخصية الاكبر في حماس، محمد السنوار، الذي هو ايضا الشخص الذي يقرر في المفاوضات حول صفقة التبادل.
“نتنياهو لن يقوم بانهاء الحرب بدون انجاز معنوي بالنسبة له، المرتبط بعنصر هزيمة حماس”، قال مصدر رفيع في الحكومة. هذا اكثر من اشارة فيما يتعلق بمسالة تفضيل اعادة المخطوفين بالنسبة لدوافع اخرى. اذا نجحت محاولة انقاذ محمد السنوار فانه يطرح سؤال أي انجاز معنوي يريد نتنياهو تحقيقه الآن، وكم هو عدد المخطوفين الذين سيدفعون ثمن ذلك بحياتهم. من المغري ان نخطيء في التفكير المتفائل – ربما من السذاجة استنادا الى تجربة الماضي ان تصفية السنوار الشقيق ستحقق هذا الانجاز.
اذا لم يتم اغراءنا بمثل هذه الافكار فان الامر واضح: ردا على السير الحثيث لترامب نحو الصفقة مع السعودية فان نتنياهو سارع الى التوضيح بأنه سيواصل تصليب القلب. اطلاق سراح عيدان الكسندر ليس بالضرورة يدفعه الى تحرير مخطوفين اخرين، ليس لديهم حظ لكونهم لا يحملون جواز السفر الامريكي. بخصوص جهود اطلاق سراح المخطوفين فان رئيس الحكومة يحاول الدفع بخطة، التي لم تعد موجودة على طاولة من اقترحها، ستيف ويتكوف. هدف هذه الخطة هو اطلاق سراح مجموعة اخرى من المخطوفين مقابل وقف مؤقت لاطلاق النار، بدون انهاء الحرب. في الحكومة يقدرون أنه حتى لو أن ترامب لم يحب تصلب قلب نتنياهو إلا انه لن يتخذ خطوات شديدة، مثل حظر على تزويد السلاح او القيام بخطوات في مجلس الامن. هكذا، سبق واعترف ويتكوف في محادثة مع عائلات المخطوفين المعذبة: “نحن لسنا البديل عن حكومتكم، ونحن لا نملي عليها ما يجب أن تفعله”.
حتى لو أن ترامب لا يحسب أي حساب لنتنياهو، كما ظهر مؤخرا بشأن ايران، فانه في موضوع الصفقة مع السعودية وفي ازمة المخطوفين، مثلما اثبت تحرير الكسندر، فانه بحاجة الى خضوعه من اجل تحقيق هدف انهاء الحرب. سواء كانت هناك عملية منسقة بين الاثنين بشأن مفاوضات عنيفة، أو ان ترامب حقا غاضب من نتنياهو ويحاول فرض انهاء الحرب عليه، فانه يتعاون معه بدون احتجاج صارخ جدا.
يقفان معا
امس نشرت المستشارة القانونية للحكومة والجيش الاسرائيلي، بدون تنسيق (حسب مصادر مطلعة)، بيانين مختلفين في مضمونهما وحتى في جوهرهما. ولكنهما يمكن تحديد اتجاه الرياح في موضوع تجنيد الحريديين. بيان قسم العلاقات الخارجية في الجيش حول عملية تنفيذ اوامر التجنيد، الذي اثمر نتائج ضعيفة جدا، هو بيان غامض ويشمل صياغة جبانة عن “عمليات انفاذ القانون الموجهة لجميع السكان”. مع ذلك، البيان استهدف التلميح بان الجيش الاسرائيلي لا ينوي التمسك بسياسته الكاسحة المتمثلة في غياب تنفيذ اوامر التجنيد على الحريديين.
بيان المستشارة القانونية للحكومة كان بيان مباشر ومفصل وهادف اكثر. الى جانب البيانات التي تدل على عمق عدم استجابة الحريديين للخطوات التي اتخذت، هو يرسم عملية فيها كل الجهات المسؤولة عن امن واقتصاد اسرائيل تقف معا امام سلوك الحكومة في هذا الشأن. البيان شمل ايضا اجمال اللقاء مع جهات رفيعة في الجيش الاسرائيلي وفي وزارة المالية، الى جانب استنتاجات على رأسها التاكيد على الحاجة الى اضافة قوة بشرية للجيش وتقليص عبء الاحتياط على السكان من كل النواحي: العسكرية، الاقتصادية والقانونية. ايضا تمت الاشارة الى الالتزام بنقاش فيما بعد بشأن بلورة ادوات عملية لتغيير الوضع.
السطر الهام في البيان الذي احتل العناوين هو نية أن يتم في سنة التجنيد القادمة اصدار اوامر تجنيد لكل من يوجدون في قاعدة البيانات لمن يجب تجنيدهم – مجموعة عددها يقدر بستين الف شخص. المستشارة القانونية للحكومة تسخن من جانبها وان كان بالتدريج، الطاقة القانونية في هذه القضية، هذا في موازاة امر المحكمة العليا الذي فيه طلبت المحكمة من الدولة توضيح لماذا لا ترسل اوامر تجنيد للحريديين، ولماذا لا تنفذ الاوامر التي صدرت في السابق.
من غير المؤكد ان هذه الخطوة ستثمر، على الاقل في المدى القصير، التي تتمثل بعملية واسعة لتجنيد الحريديين. ولكن في نهاية المطاف الامر لن يكون كما كان: بدلا من 24 ألف من الملزمين بالتجنيد في سنة التجنيد الحالية، الذين تهربهم يعتبر اجرامي، فانه في سنة التجنيد القادمة سيشمل هذا العدد جميع السكان المستهدفين. وهذا الوضع سيشجع على زيادة انفاذ القانون، وحتى سيخلق تداعيات قانونية لعقوبات اقتصادية اخرى، مثل منع التسهيلات للمصالح التجارية الصغيرة وتسهيلات في السكن.
على خلفية الدافعية الهجومية لنتنياهو في غزة، ونيته المتبدية الآن بعدم انهاء الحرب، فان الحريديين يمكنهم نسيان قانون الاعفاء من التجنيد رغم تهديداتهم. “نتنياهو سيفضل الذهاب الى الانتخابات على خلفية ازمة قانون التجنيد وليس على خلفية انهاء انهزامي للحرب”، قال مصدر في الائتلاف.
هآرتس