السلايدر الرئيسي

إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا وتتعهد بحماية الدروز وسط تصاعد القتال في السويداء ودرعا

من سعيد إدلبي

دمشق ـ يورابيا ـ من سعيد إدلبي ـ نت إسرائيل، يوم الثلاثاء، غارات جوية جديدة على أهداف عسكرية سورية في جنوب البلاد، في تصعيد غير مسبوق قالت إنه يهدف إلى “حماية أبناء الطائفة الدرزية” من القوات الحكومية السورية، في أعقاب دخول وحدات من الجيش السوري إلى مدينة السويداء التي تشهد مواجهات دامية منذ مطلع الأسبوع.

وقالت القناة 12 الإسرائيلية إن الهجمات استهدفت دبابات ومركبات عسكرية سورية في منطقة إزرع بمحافظة درعا، على بعد نحو 35 كيلومتراً من الحدود، في ثاني يوم على التوالي من الضربات الإسرائيلية في جنوب سوريا. وأكدت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا” وقوع غارات في أطراف درعا، لكنها لم تقدم تفاصيل عن الخسائر.

جاءت هذه التطورات عقب موجة عنف دامية اندلعت الأحد في مدينة السويداء، ذات الغالبية الدرزية، بين مسلحين من أبناء الطائفة الدرزية وآخرين من البدو السنّة، وأسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص ونزوح آلاف المدنيين، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

نتنياهو: لن نسمح بإيذاء الدروز

في بيان مشترك، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس إن إسرائيل “لن تسمح بإلحاق الأذى بالدروز في سوريا”، متعهدين بـ”ضمان بقاء المنطقة القريبة من حدودنا منزوعة السلاح”. وأضاف البيان أن الغارات تهدف إلى “منع إدخال قوات وأسلحة سورية إلى الجنوب السوري، لأن ذلك يمثل تهديدًا مباشرًا لإسرائيل”.

وشدد نتنياهو على أن “تحالف الأخوة العميق” مع الدروز داخل إسرائيل يلزم حكومته باتخاذ خطوات لحماية هذه الأقلية أيضًا في سوريا.

وفي خطوة نادرة، كشف مصدر سياسي إسرائيلي، نقلًا عن القناة 14 العبرية، أن الضربات تمت “بتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية”، رغم عدم صدور أي تعليق رسمي من واشنطن حتى لحظة إعداد هذا التقرير.

قيادة درزية منقسمة وتحذيرات من “حرب إبادة”

التصعيد الإسرائيلي جاء بعد يوم واحد من إصدار الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز في سوريا، الشيخ حكمت الهجري، بيانًا مصورًا اتهم فيه الحكومة السورية بـ”خرق وقف إطلاق النار” وشن “هجوم بربري” على السكان في السويداء، داعيًا أبناء الطائفة إلى مقاومة ما وصفه بـ”حرب الإبادة بكل الوسائل المتاحة”.

وكانت القيادة الروحية الدرزية قد أصدرت، في وقت سابق صباح الثلاثاء، بيانًا دعت فيه إلى السماح بدخول القوات السورية إلى المدينة بهدف وقف العنف، لكنها سرعان ما أعلنت أن البيان “فُرض عليهم من قبل دمشق”، في تراجع فوري عن دعم أي وجود عسكري للنظام داخل المدينة.

سوريا تعلن وقف إطلاق النار وتنتشر بالشرطة العسكرية

من جهتها، أعلنت الحكومة السورية، عبر وزير الدفاع مرهف أبو قصرة، وقفًا تامًا لإطلاق النار، وقالت إن القوات الحكومية “لن تفتح النار إلا إذا تعرضت لهجوم”، معلنًا بدء انتشار وحدات من الشرطة العسكرية داخل مدينة السويداء “لضبط السلوك العسكري ومحاسبة المتجاوزين”.

لكن شهود عيان ومراسلين في الميدان أكدوا أن القصف وإطلاق النار استمرا في عدد من أحياء المدينة حتى ساعات ما بعد الظهر، وسط أنباء عن دخول أرتال عسكرية تضم دبابات وشاحنات ودراجات نارية إلى قلب السويداء.

ورصد مراسل “رويترز” مشاهد لدبابة معطلة يتم سحبها بعد قصف إسرائيلي، كما شوهدت جثث لثلاثة قتلى على الأرض، فيما أُفيد بأن بعض عناصر الجيش أقدموا على نهب وإحراق منازل ومتاجر، بينها متجر لبيع المشروبات الكحولية.

درعا أيضًا تحت القصف الإسرائيلي

وبالتوازي مع الأحداث في السويداء، توسعت الغارات الإسرائيلية لتشمل محافظة درعا، حيث أعلنت إسرائيل أنها قصفت مركبات عسكرية سورية قرب إزرع، وذلك بزعم منعها من التقدم نحو المناطق الحدودية أو استخدامها ضد المدنيين الدروز.

ويُعتقد أن الغارات تهدف إلى رسم “خط أحمر جديد” في الجنوب السوري بعد أن شهدت المنطقة هدوءًا نسبيًا منذ سنوات، أعقب اتفاقيات لوقف التصعيد برعاية روسية وأمريكية.

خلفيات سياسية وعسكرية

تأتي هذه التحركات في وقت تحاول فيه الحكومة السورية، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، بسط سيطرتها على كامل الأراضي السورية بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر الماضي. لكن الانقسامات الطائفية والتوترات المحلية، كما في السويداء، تهدد بعرقلة هذه الجهود.

ورغم مؤشرات إلى تحسن العلاقات بين دمشق وواشنطن، فإن استمرار العنف في الجنوب السوري يعكس هشاشة الوضع، خصوصًا بعد تقارير عن عمليات قتل جماعي ضد علويين في مارس الماضي أثارت قلق الأقليات الأخرى.

وكانت تقارير صحفية قد أفادت في مايو/أيار الماضي بعقد محادثات مباشرة نادرة بين إسرائيل والحكومة السورية بشأن الأمن في المنطقة الحدودية، دون نتائج ملموسة معلنة.

تداعيات محتملة

يُنظر إلى التصعيد الأخير على أنه اختبار دقيق للسياسات الإسرائيلية في سوريا، خاصة مع إدخال “الحماية الطائفية” كعنصر معلن في السياسة الدفاعية. كما يثير احتمال توسع دائرة الاشتباك في الجنوب السوري، واحتمال تدخل قوى إقليمية أخرى في حال استمرار القتال، لا سيما إذا تواصل تنسيق إسرائيل مع الولايات المتحدة بشأن الهجمات.

وفي الداخل السوري، تبدو التحديات أمام القيادة الجديدة جسيمة، إذ يتطلب احتواء الوضع في السويداء نهجًا جديدًا يعيد بناء الثقة مع المكونات المحلية، وسط اتهامات بانتهاكات وقمع وقتل خارج نطاق القانون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى