أقلام يورابيا

شكل خريطة المنطقة قبل أي مواجهة بين إسرائيل ومصر وتركيا

فادي عيد

التدريب المصري التركي المشترك في شرق المتوسط “بحر الصداقة” يعكس مدى ضرورة التقارب المصري التركي في ظل التهديدات التي تلاحق الدولتين، وننتظر مثلها في البر والسماء، والأن وبات السؤال يطرح نفسه هل حقا من إحتمالية حدوث مواجهة عسكرية بين مصر وتركيا وإسرائيل؟

“بحر الصداقة” تأتي بعد أيام من إنهاء الإحتلال مناوراته في أكثر مياة العالم سخونة شرق المتوسط وأمام المياة الإقليمية المصرية، ودعونا نشرح لماذا التقارب بين مصر وتركيا بات أمر ضروري لا غنى عنه لكلا الدولتين اللتان حتى القريب العاجل كانوا قاب قوسين وأدنى من نشوب حرب بينهم، والسر بإختصار شديد في الكماشة التي وضعتها إسرائيل على كل من مصر وتركيا.

فإسرائيل اليوم بسد النهضة الإثيوبي تضع مصر بين كماشة طوفان غزة البشري وطوفان سد النهضة المائي، فبه يمكن تعطيش مصر وبه إيضا يمكن إغراقها، وفي الخيار الثاني ترسم إسرائيل سيناريو بضربها للسد كحال السيناريو المعد لقصف المسجد الأقصى بصاروخ في أي جولة قادمة بينها وبين إيران، وفي حال إنهيار السد لا قدر الله ستتحول حدودنا مع السودان الى غزة كبيرة، بمعنى ان كان ضغط النيران على الغزاويين جعل 2 مليون فرد محتشدين على الحدود مع مصر في إنتظار فرصة للدخول هربا من نيران الإحتلال، كذلك سيحتشد عشرات ملايين السودانيين على حدود مصر للهروب من الطوفان القادم من الحبشة.

وهنا أيضا لا يفوتنا نجاح مصر بعد مجهود جبار على مدار أخر عامين تحديدا لحصار إثيوبيا، بعد تثبيت القاهرة أقدامها الأقتصادية والعسكرية والدبلوماسية والسياسية في أغلب الدول المحيطة بإديس أبابا خاصة المطلة على البحر.

وعلى الجانب الأخر أي التركي فإسرائيل أعدت كماشة أخرى أيضا، بعد ان أحتلت عقل برويدريكو ميغارو (القصر الرئاسي اليوناني) تماما، حتى بات هناك تعاون وتحالف سري يجمع إسرائيل واليونان وقبرص.

فبإيعاز من إسرائيل أخترعت اليونان بعض القوانين لتقويض حركة السفن التركية في بحر إيجة وتضييق الخناق عليها في مياة المتوسط، مثل قانون حماية الثديات البحرية هناك.

وفي قبرص كان الأخطر فبعد 7أكتوبر انتقل الثقل الموسادي واليهودي الى هناك، بل باتت قبرص إسرائيل الثانية دون أي مبالغة بعد ان توسع الموساد في شراء الأراضي في قبرص بشكل مرعب، والتوسع هنا لم يشمل قبرص الرومية فقط بل والتركية أيضا، وبالطبع هنا ستكون حاملة الطائرات الثابتة (كما يلقبها الأوروبيين لوجود قواعد بريطانية وأمريكية وفرنسية وروسية بها) بمنتصف شرق المتوسط لن تكون بمعزل في حال أي تحرك إسرائيلي ضد تركيا، وكذلك اليونان أيضا، ففي حال نشوب حرب بين تركيا وإسرائيل ستجد اليونان دخلت لإسترداد القسطنطينية، وستظهر شوكة الأكراد في شرق تركيا بوضوح، كي يخترق الجسد التركي شرقا (عبر الأكراد) وغربا (عبر اليونانيين).

وهنا أيضا لا يفوتنا نجاح تركيا الى حد كبير في شل أذرع أثينا بعد ان فتحت أحضانها لخليفة حفتر، وتوجيه أغبى وأفشل مارونيت (العرائس الدمية) بالمتوسط، الليبي عبد الحميد الدبيبة وصاحبة توذيع النظرات المتيمة رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني بعد القمة التي جمعتهم الشهر الماضي تحت ظل العثماني لرفع كفة تركيا على اليونان في المتوسط، بعد ان صارت مصر حليفة والشرق الليبي صديق.

اذا في كل ما سبق يتضح لنا ان التعاون بين مصر وتركيا ضرورة قصوى، ويجب أن يذهب التنسيق الى أبعد مدى، بل ويتسع ليشمل باقي القوى الإسلامية الكبرى، فالتعاون بينهم يعني وضع إسرائيل نفسها بين شقى الرحى من الشمال الترك ومن الجنوب المصريين، كما هي فعلت عبر حصار مصر وتركيا كما شرحنا، وهو الأمر الذي يجعل جغرافيا الصراع تتسع أكثر وتخرج خارج حدود الشرق الأوسط، بعد ان باتت اذربيجان وباكستان في الشرق جزء من مسرح الأحداث وكذلك اليونان غربا.

أخيراً وليس آخراً ما ذكر ليس من وحي الخيال أو تأثر بنظرية المؤامرة، فتلك هي الحقيقة التي سمعنا صداها مؤخرا في سانت كاترين (المطران دميانوس)، ولقاء بطريرك القسطنطينية “برثلماوس” بترامب، وفي لقاء بطريرك القدس “ثيوفيلوس” بأردوغان.. ومن له اذنان للسمع فليسمع.. و لعل في تلك المرة المصريين والأتراك يتداركون الخطأ الذي وقع فيه المماليك والعثمانيين وأدى لسقوط الأندلس.

المحلل السياسي المتخصص في شئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى