الغارديان: واشنطن تدعم خطة لتولي توني بلير رئاسة إدارة انتقالية في غزة رغم الاعتراضات الفلسطينية
من سعيد سلامة
لندن ـ يورابيا ـ من سعيد سلامة ـ قالت صحيفة الغارديان إن البيت الأبيض يدعم خطة من شأنها تمكين رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير من تولي رئاسة إدارة مؤقتة لقطاع غزة، وذلك في المرحلة الأولى من دون مشاركة مباشرة من السلطة الفلسطينية، بحسب ما نقلته تقارير إعلامية إسرائيلية.
وأضافت الصحيفة أن المقترح ينص على إنشاء هيئة دولية تحت اسم “السلطة الانتقالية الدولية لغزة” (جيتا)، يتولى بلير قيادتها، على أن تُمنح صلاحيات “السلطة السياسية والقانونية العليا” في القطاع لمدة قد تمتد إلى خمس سنوات.
وبحسب ما أوردته صحيفتا هآرتس وتايمز أوف إسرائيل، فإن الخطة مستوحاة من النماذج التي أُتبعت في تيمور الشرقية وكوسوفو، حيث أشرفت إدارات دولية على مراحل انتقالية نحو تأسيس دول. وتقترح الخطة أن تتمركز “جيتا” مبدئيًا في مدينة العريش المصرية، قرب الحدود مع غزة، على أن تنتقل لاحقًا إلى القطاع بمرافقة قوة متعددة الجنسيات، ذات غالبية عربية، وبدعم من الأمم المتحدة.
وتشير الوثائق إلى أن الخطة تهدف في نهايتها إلى “توحيد الأراضي الفلسطينية تحت إدارة السلطة الفلسطينية”. كما تؤكد أن الفلسطينيين لن يُجبروا على مغادرة القطاع، خلافًا لمخاوف سابقة أثارتها مقترحات أميركية اعتُبرت تمهيدًا لـ”ريفييرا غزة”.
وفي حال اعتماد الخطة، سيرأس بلير أمانة عامة مكونة من نحو 25 شخصًا، ومجلسًا مكوَّنًا من سبعة أعضاء، للإشراف على هيئة تنفيذية تتولى إدارة شؤون القطاع.
لكن الصحيفة أوضحت أن دور بلير المتوقع يثير جدلاً واسعًا، إذ رغم تمتعه بعلاقات وثيقة مع قادة خليجيين ودوره السابق كمبعوث دولي للشرق الأوسط حتى عام 2015، فإنه يواجه رفضًا واسعًا في الأوساط الفلسطينية والعربية بسبب دعمه الغزو الأميركي للعراق عام 2003، ودوره الذي يُنظر إليه كمعرقل لمسار إقامة الدولة الفلسطينية.
ونقلت الغارديان عن دبلوماسيين غربيين قولهم إن تعيين بلير في هذا الدور ليس محسومًا بعد، وإن مدة الإدارة المؤقتة قد لا تتجاوز عامين.
وترتبط الخطة الأميركية الجديدة، المعروفة إعلاميًا بـ”خطة اليوم التالي”، بوقف إطلاق نار شامل وصفقة تبادل للإفراج عن الرهائن.
وجاء تسريب تفاصيل هذه الخطة بعد أيام من إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة اقتراحًا مختلفًا، يُعرف باسم “إعلان نيويورك”، يدعو إلى تشكيل إدارة تكنوقراطية لمدة عام، تُسلم بعدها السلطة إلى حكومة فلسطينية مُصلحة بموجب دستور مُحدّث، وعقب انتخابات عامة.
وترى الصحيفة أن غياب جدول زمني واضح للانتقال إلى حكم فلسطيني ضمن الخطة الأميركية يُعد عقبة أمام قبولها من قبل الفلسطينيين والدول العربية، إلا أن ذلك الغموض، إلى جانب وجود بلير، قد يُنظر إليهما كعوامل طمأنة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ووفقًا للغارديان، تُعد الخطة محاولة لتقديم حل وسط بين مقترحات ترامب السابقة، التي تضمنت سيطرة أميركية-إسرائيلية مباشرة على القطاع، وبين إعلان نيويورك المدعوم من أكثر من 140 دولة. وكان يُنظر إلى مقترحات ترامب القديمة باعتبارها تمهيدًا لتطهير عرقي محتمل للفلسطينيين في غزة، وهو ما لا تتضمنه الخطة الجديدة.
وقد عرض ترامب الخطة المدعومة من واشنطن خلال اجتماع في نيويورك جمعه بأمير قطر، ووزير الخارجية السعودي، والملك الأردني، والرئيسين الإندونيسي والتركي، حيث صرّح بأن الاجتماع كان “ناجحًا”، مضيفًا: “نحن على وشك التوصل إلى اتفاق”.
وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يبذل جهودًا للتقريب بين المبادرتين المطروحتين.
كما شددت الدول العربية على أنها لن تشارك في أي قوة حفظ سلام ما لم يُحدد إطار زمني واضح نحو إقامة دولة فلسطينية.
وبحسب الخطة، سيتكوّن مجلس إدارة “جيتا” من سبعة إلى عشرة أعضاء، بينهم “ممثل فلسطيني مؤهل واحد على الأقل”، إلى جانب مسؤول أممي رفيع، وشخصيات دولية ذات خبرات تنفيذية أو مالية، مع تمثيل ملحوظ للدول الإسلامية.
وسيتبع هذا المجلس أمانة تنفيذية تضم خمسة مفوضين، يتولون الإشراف على قطاعات رئيسية مثل: الشؤون الإنسانية، إعادة الإعمار، التشريعات، الأمن، والتنسيق مع السلطة الفلسطينية.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن الخطة تنص على أن المفوض المختص بالشؤون الإنسانية سيكون مسؤولًا عن التنسيق مع وكالات الإغاثة، بما في ذلك “مؤسسة غزة الإنسانية”، التي تطالب غالبية الدول العربية والمنظمات الإنسانية بتفكيكها.