السلايدر الرئيسيشرق أوسط

توقعات بعدم تصاعد دعوات مقاطعة الانتخابات العراقية المقبلة وسط تصدعات في المشهد الشيعي

لندن ـ يورابيا ـ خاص ـ تفيد مصادر سياسية مطلعة أن الأطراف الشيعية في العراق لا تتوقع تصاعد دعوات مقاطعة الانتخابات التشريعية المقررة قبل نهاية العام الحالي، رغم بدء تفكك التحالفات الداخلية وظهور تصدعات في ما يُعرف بـ«الإطار التنسيقي». هذا التكتل، الذي طالما ادعى تمثيل الأغلبية الشيعية، تلقى صفعة سياسية بعد إعلان حيدر العبادي، أحد أبرز وجوهه، الانسحاب من السباق الانتخابي، اعتراضاً على ما وصفه بـ«هيمنة المال السياسي» على العملية الانتخابية.
اجتماع الرئاسات الثلاث الأخير لم يحمل جديداً سوى التكرار المعتاد حول دعم مفوضية الانتخابات، بينما تتفاقم الشكوك الشعبية حيال جدية هذه المؤسسات في ضمان انتخابات نزيهة. وبينما تستعد البلاد لتصويت قد يكون الأخطر منذ 2003، لا يزال المشهد الشيعي مأزوماً، يتخبط في صراعات داخلية ومصالح فئوية متشابكة. ويبدو واضحاً أن المقاطعة لم تعد موقفاً مبدئياً بقدر ما تحوّلت إلى أداة للمزايدة أو تصفية الحسابات بين الزعامات المتنافسة على النفوذ.
تصريحات بعض قادة الإطار التنسيقي، ومنهم رحيم العبودي من تيار الحكمة، عكست هذا التخبط؛ إذ اعتبر أن «موجة المقاطعة انتهت»، مقللاً من أهمية الانسحابات ومتهماً بعض المقاطعين بنسخ مواقفهم من أطراف أخرى دون أي ثقل سياسي حقيقي. هذه التصريحات تعكس حالة إنكار داخل الأوساط الشيعية لأي أزمة شرعية تواجهها هذه القوى، رغم أن الانقسامات باتت علنية ولا يمكن إخفاؤها.
تحذيرات العبادي من تفشي المال السياسي وشراء الأصوات لا يمكن فصلها عن سياق أوسع من التردي في العملية الديمقراطية، التي تحوّلت إلى سباق نفوذ تحكمه ولاءات إقليمية وتفاهمات داخلية معطوبة، لا برامج ولا رؤى إصلاحية. ورغم تشابه موقف العبادي مع مقتدى الصدر في جوهر الاعتراض، إلا أن كلاً منهما يتعامل مع المقاطعة وفق حساباته؛ فالعبادي يغازل تحالف الحكمة ويطرح نفسه «مستقلاً» ربما تمهيداً لدور مستقبلي، بينما الصدر اختار الانكفاء الكلي وطلب من أنصاره مقاطعة كاملة، كما فعل في انتخابات 2023 المحلية.
هذه المواقف، وإن بدت متفرقة، تعكس حالة انهيار تدريجي في شرعية العملية السياسية داخل الشارع الشيعي نفسه. المقاطعة، رغم أنها لا تلغي الإطار القانوني للانتخابات، تسحب من العملية مضمونها التمثيلي، خاصة في ظل استمرار تراجع نسب المشاركة من 76% في 2005 إلى 41% فقط في آخر اقتراع.
في النهاية، يبدو أن القوى الشيعية، التي تصدّرت المشهد العراقي منذ 2003، تواجه اليوم اختبار شرعية قاسياً، لا بفعل خصومها أو الخارج، بل نتيجة سياساتها الفاشلة وتمسكها بالسلطة بأي ثمن. وبينما تراهن بعض هذه القوى على ترميم صورتها بأحزاب ظل أو إعادة تدوير الزعامات، يتزايد غضب الشارع الذي قد يفرض معادلة جديدة لا تمر عبر صناديق الاقتراع، بل عبر الشارع ذاته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى