نيويورك تايمز: الإمارات ضخت مليارات عبر طحنون بن زايد في شركة مشفرة مرتبطة بترامب وويتكوف بينما كانت تسعى للحصول على رقائق ذكاء اصطناعي أمريكية
من سعيد جوهر
واشنطن ـ يورابيا ـ من سعيد جوهر ـ قالت صحيفة نيويورك تايمز إن دولة الإمارات العربية المتحدة استثمرت ملياري دولار في شركة عملات مشفرة جديدة يديرها مقربون من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وذلك في وقت حساس كانت تسعى فيه الدولة الخليجية للحصول على شحنات ضخمة من رقائق الذكاء الاصطناعي الأميركية المتقدمة.
وأضافت الصحيفة أن هذا الاستثمار الكبير أثار تساؤلات لدى مراقبين وخبراء في الأخلاقيات حول ما إذا كانت هناك علاقة مباشرة أو غير مباشرة بين هذه الاستثمارات ومحاولة الإمارات التأثير على قرارات حكومية أمريكية تتعلق بتكنولوجيا حساسة.
صفقة العملات المشفرة: من يقف وراءها؟
قالت الصحيفة إن الشركة التي تلقت استثمار الإمارات تُدعى Worldcoin Liberty، وهي شركة جديدة تم إنشاؤها لطرح عملة مشفرة مستقرة، أطلق عليها اسم USD1.
وأضافت الصحيفة أن هذه الشركة أسسها زاك ويتكوف، نجل ستيف ويتكوف، أحد أصدقاء ترامب المقربين، وهو أيضًا مطور عقاري كان مبعوثًا غير رسمي لإدارة ترامب إلى الشرق الأوسط.
وأشارت الصحيفة إلى أن ستيف ويتكوف ظل يحتفظ بحصة في الشركة الجديدة حتى أغسطس، أي بعد عدة أشهر من الإعلان عن الصفقة، رغم محاولته تقديم صورة مفادها أنه تخلى عن أي مصلحة فيها.
الإمارات وسباق الذكاء الاصطناعي
قالت صحيفة نيويورك تايمز إن الإمارات كانت في الوقت ذاته تسعى للحصول على كميات كبيرة من الرقائق الإلكترونية المتقدمة التي تُستخدم في بناء نماذج الذكاء الاصطناعي، وهي رقائق تُعد من بين أكثر التقنيات حساسية من حيث التحكم والصادرات الأمريكية.
وأضافت الصحيفة أن الإمارات، عبر شركة G42 المرتبطة بالشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، عرضت التعاون مع شركات أمريكية للحصول على هذه الشرائح، وتعهدت بالامتثال لعدد من الشروط، من بينها قطع علاقاتها التقنية مع الصين وعدم تصدير هذه التكنولوجيا أو إعادة استخدامها بما يُخالف الشروط الأمريكية.
من هو طحنون بن زايد؟
قالت الصحيفة إن طحنون بن زايد، شقيق رئيس الدولة محمد بن زايد، يُعد أحد أبرز الشخصيات في الإمارات، حيث يسيطر على عدد من الشركات الاستثمارية السيادية، من بينها G42 التي تسعى لتصبح لاعبًا عالميًا في مجال الذكاء الاصطناعي.
وأضافت الصحيفة أن طحنون هو الذي موّل صفقة العملات المشفرة من خلال شركة استثمارية مملوكة له، مما يعني أن رأس المال الذي ضُخ في الشركة الناشئة الأمريكية جاء مباشرة من أعلى مستويات الحكم في الإمارات.
تساؤلات أخلاقية وقانونية
قالت الصحيفة إن التزامن بين هذه الصفقة والاستثمارات الإماراتية الطموحة في مجال الذكاء الاصطناعي أثار قلق خبراء الأخلاقيات والسياسة الخارجية في واشنطن.
وأضافت الصحيفة أن عدداً من المحامين المختصين بالأخلاقيات في الإدارات الأمريكية السابقة اعتبروا أن هناك تضارب مصالح واضحًا، خصوصاً إذا ثبت أن الأموال الإماراتية قد تم توجيهها بشكل يُسهّل الوصول إلى صُنّاع القرار في البيت الأبيض أو يؤثر على قرارات حساسة تتعلق بالأمن القومي.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه المخاوف تتعاظم في ظل استمرار الدور السياسي لبعض الشخصيات التي لها علاقات استثمارية مباشرة في الشركة، كـ ديفيد ساكس، أحد مستشاري ترامب في مجال العملات المشفرة والذكاء الاصطناعي، والذي شارك في مفاوضات تصدير شرائح AI، رغم امتلاكه لمصالح مالية في ذات القطاع.
البيت الأبيض والردود الرسمية
قالت صحيفة نيويورك تايمز إن البيت الأبيض نفى أن يكون هناك أي تأثير للاستثمار الإماراتي على قرارات تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي، ورفض فكرة أن يكون هناك تضارب مصالح.
وأضافت الصحيفة أن ممثلي شركة Worldcoin Liberty أكدوا بدورهم أن الاستثمار كان مبنيًا على جدوى العملة المشفرة الجديدة فقط، ولا علاقة له بأي اعتبارات سياسية أو تكنولوجية.
مع ذلك، لاحظت الصحيفة أن العديد من تفاصيل الصفقة ظلت طيّ الكتمان، بما في ذلك شروط التمويل، وتوقيت الاجتماعات، وهو ما دفع بعض المشرعين في الكونغرس الأمريكي للمطالبة بمزيد من الشفافية والمساءلة.
مخاوف من تسريب التكنولوجيا
قالت الصحيفة إن أحد أكبر المخاوف لدى مسؤولي الأمن القومي الأمريكي هو أن تُستخدم رقائق الذكاء الاصطناعي الأميركية من قِبل دول ترتبط بعلاقات تقنية أو استراتيجية مع الصين، أو أن تُسرب هذه التقنيات بطريقة غير مباشرة إلى منافسين جيوسياسيين.
وأضافت أن شركة G42 الإماراتية سبق وتعاونت مع شركات صينية في مشاريع سابقة، مما جعلها تخضع للتدقيق في واشنطن، ورغم تقديم الشركة لتعهّدات بالفصل التام عن الشركاء الصينيين، إلا أن الشكوك ما زالت قائمة، خصوصاً مع هذا النوع من العلاقات غير الرسمية مع شخصيات سياسية أمريكية نافذة.
محاولة لفهم الصورة الكاملة
قالت الصحيفة إن هذه القضية تُبرز التحديات المعقّدة التي تواجهها الولايات المتحدة في موازنة مصالحها التكنولوجية والأمنية، خصوصاً في ظل توسع نفوذ دول مثل الإمارات في قطاعات استراتيجية كـ الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة.
وأضافت أن وجود روابط مالية وسياسية بين شركاء خارجيين وشخصيات نافذة أمريكية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، يُهدد بتقويض الثقة في شفافية القرارات الحكومية، ويطرح أسئلة عميقة حول مستقبل الحوكمة في بيئة يتقاطع فيها المال بالسلطة بالتكنولوجيا.