ثقافة وفنون

“مشرقة مثل عباد الشمس”..  برنيا عباسي التي استشهدت مع عائلتها في غارة إسرائيلية على طهران

من سعيد سلامة

لندن ـ يورابيا ـ من سعيد سلامة ـ قالت صحيفة واشنطن بوست إن برنيا عباسي، الشابة الإيرانية التي استشهدت برفقة عائلتها في غارة إسرائيلية على طهران فجر الجمعة، كانت تحلم بأشياء بسيطة وجميلة: حضور حفل لفرقة كولدبلاي، تذوق أطعمة جديدة، تعلم اللغة الإيطالية، وكتابة الشعر الذي اعتادت مشاركته مع أصدقائها وعائلتها. وأضافت الصحيفة أن عباسي، التي كانت على مشارف عيد ميلادها الرابع والعشرين، كانت فخورة جدًا بتسلقها قمة دماوند – أعلى جبل في إيران – لدرجة أنها كانت تذكر ذلك لكل من تقابله.

ووصفت الصحيفة الشابة الراحلة بأنها كانت “مليئة بالحياة، مشعة مثل عباد الشمس التي عشقتها”، وفقًا لما قاله أصدقاؤها في مقابلات هاتفية ورسائل نصية هذا الأسبوع. وأشارت إلى أن عباسي كانت من بين أوائل الضحايا المدنيين الذين سقطوا في الهجوم الإسرائيلي المتواصل على العاصمة الإيرانية، والذي لا تزال تداعياته تتصاعد دون مؤشرات واضحة على التوقف.

وأضافت واشنطن بوست أن الغارة التي أودت بحياة عباسي وعائلتها استهدفت على ما يبدو أستاذًا في جامعة الشهيد بهشتي، هو عبد الحميد مينوشهر، رئيس كلية الهندسة النووية، والذي وصفه الجيش الإسرائيلي في بيان بأنه “خبير في فيزياء المفاعلات” وأكد استهدافه وقتله. لكن البيان لم يتطرق إلى مقتل عباسي أو أفراد أسرتها.

وأشارت الصحيفة إلى أن الغارة أسفرت عن تدمير مبنى سكني بالكامل في حي ستارخان، حيث كانت تقيم العائلة، ونشرت وسائل إعلام إيرانية صورًا لأنقاض المبنى، ظهرت من تحتها خصلات من شعر امرأة ملقاة على وسادة وردية ملطخة بالدماء. وأكدت صديقة تُدعى مريم، لصحيفة “هميحان” الإيرانية، أن الصورة تعود لعباسي.

وقالت واشنطن بوست إن أصدقاء عباسي تبادلوا هذا الأسبوع ذكرياتهم عنها: كيف كانت تصطحبهم للتخييم، تقدم لهم الهدايا بعفوية، تؤدي رقصات فكاهية أمام الكاميرا، وتنشر الفرح من حولها. لكن وسط حزنهم العميق، واجهوا صدمة أخرى حين راجت نظريات عبر الإنترنت تُلمّح إلى أن عباسي ربما كانت على صلة بالأجهزة الأمنية الإيرانية، أو أنها تنتمي لعائلة أحد العلماء النوويين، أو أنها مجّدت قاسم سليماني في قصائدها – وهي مزاعم فندها أصدقاؤها ووثائق رسمية ومواقع تحقق.

وأفاد أرفين عبيدي، أحد أصدقائها المقربين، بأن هذه المزاعم “تُخفي الحقيقة المؤلمة”، وقال: “حين تندلع الحروب، لا يكون الضحايا فقط من العسكريين، بل المدنيون هم من يُدمرون بسهولة”.

وأضافت الصحيفة أن والدها، برويز، كان موظفًا متقاعدًا في وزارة التعليم، ووالدتها، معصومة، موظفة مصرفية سابقة. وكانا قد ادّخرا لسنوات طويلة لشراء شقة أكبر تمنح كل من أبنائهما مساحة خاصة. وانتقلت الأسرة إلى منزلها الجديد قبل أشهر فقط من الهجوم.

كما كشفت الصحيفة أن عباسي كانت مولعة بالشعر، وكانت تشارك كتاباتها مع والدتها وأصدقائها، تراقب تعابير وجوههم أثناء القراءة. وكانت تفضل أعمال نادر نادربور، أحد رموز الشعر الحديث في إيران. ونقلت الصحيفة مقتطفًا من إحدى قصائدها المنشورة في مجلة “فازن دنيا”، حيث كتبت:«في ألف مكان/ أنتهي/ أحترق
أصبح نجمةً باهتةً/ تتحول إلى دخان/ في سمائك»

وفي ختام التقرير، قالت واشنطن بوست إن أصدقاء برنيا لا يريدون أن تُختزل حياتها في موتها المأساوي، ولا أن تُستغل كرمز في الصراعات السياسية. وقال عبيدي: “لها الحق في ألا تُنسى”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى