أقلام مختارة

الأردن: أين العنزة ووين طارت؟ بعد قرارات «رامبو»: اقتراح بإلقاء خطاب عند ضريح عرفات

بسام البدراين

تبدو فرصة طيبة للتذكير بحقيقتين. الأولى: في عالم اليوم لا يمكن منع الرواية إعلاميا من العبور مهما اجتهدت الفلاتر وحاول «العسس».
الحقيقة الثانية: الولاء في الأردن قبل المعارضة «يؤمن «يقينا أن تهديدات بنيامين نتنياهو بإسرائيل الكبرى «جدية».
الحقيقتان تعرضهما بوضوح إطلالة الفاضلين الدكتور صبري اربيحات والدكتور طلال الشرفات، عبر نافذة مايكروفون متلفز باسم «السبيل».
الأول مثقف سياسي واجتماعي معروف، والثاني هو الأب الروحي لحزب «المحافظين» الجديد.
كلاهما استضيفا عبر بث صحيفة «السبيل» الإسلامية «المطاردة قانونيا»، وتحدثا بوضوح عن ضرورات الاستعداد الوطني لمواجهة «مخاطر وتهديدات مؤكدة».
المفارقة هنا تجلس في المشهد السياسي التلفزيوني الأردني عموما، فصحيفة «السبيل»، التي تحاول هيئة رسمية إخراجها من باب «خطأ إداري في تقديم كشوفات الميزانية» تعود من الشباك في تغطية تلفزيونية على الطريقة الغربية تتيحها للسبيل، ولغيرها ولكل مواطن تقنيات التواصل الاجتماعي.
ضروري استذكار أن السبيل، وهي صحيفة عريقة – تختلف معها أو تتفق – يحاول البعض «إسكاتها» وكتم صوتها.

أين العنزة الطائرة؟

واستذكارا أن تلفزيونات الحكومة ومعها فضائية «المملكة» لم يخصصا بعد حلقة حوارية عميقة خاصة تطرح السؤال: «هل تهديدات إسرائيل الكبرى جدية»؟
لا بل خصص مركز دراسات الأمة جلسة حوارية، وهو مركز بحثي رأسه مطلوب أيضا، استضاف بعض رموز الاشتباك، مثل الشرفات واربيحات، وكلاهما في الأيديولوجيا والسياسة يعارض أو في الضد من التيار الإسلامي.
صدر الإسلاميين فجأة يتسع خلافا لعادتهم أحيانا، فيما يضيق صدر الإعلام الحكومي على أبناء الدولة.
في المحصلة، فإن مؤسسات إعلامية وبحثية «مطاردة» عمليا هي التي تحاول الإجابة على سؤال المخاطر، في مفارقة لا يمكن أن تحصل إلا في المشهد الأردني للأسف!
في الجوار «المحرر السياسي» الغامض لصحيفة كبرى هي «الرأي» يثبت عدم وجود «لا تحرير ولا سياسة» في خطابه، وهو يعود مجددا لمشروخة «منابر التضليل الخارجية»، فيتهم ويلوم من يتعامل «إخباريا» مع بيانات صدرت عن عضو برلمان وجمعية خيرية بخصوص قرار النيابة عدم التحقيق في قضية «أموال مشبوهة».
السلطة القضائية في قضية منظورة وجزئية تقرر عدم وجود «شكوى»، دون أن يعني ذلك طبعا عدم إكمال التحقيقات.
والبعض في أذرع الإعلام الرسمي يطبق معيار «عنزة ولو طارت»، لكن لا أحد يريد في مسألة مخاطر اليمين الإسرائيلي وشبهات «حوالات كليك» أن يجيب على السؤال الأصغر: من هي العنزة؟ وأين طارت؟!
الأردن الرسمي لا يحتاج لتغطيات شاشة «المملكة» أو «رؤيا» لإثبات حقيقة غير قابلة للنفي، حيث موقف الأردنيين شعبيا ومؤسسيا هو الأنبل عربيا وإسلاميا في إغاثة أهل غزة ومساندتهم بكل السبل المتاحة.

روبيو أم رامبو؟

على جبهة موازية في رام الله، التي عاد الاحتلال لتدنيسها وطارد شبابها في الأزقة والحواري في جوار مقر المقاطعة، كما نفهم من تقرير شاشة «الحدث» الأسبوع الماضي.
حاولنا تفكيك ألغاز تغطية فضائية «فلسطين» الرسمية للنبأ المتعلق بحجب التأشيرات عن الرئيس محمود عباس والوفد الفلسطيني، حتى لا تحضر فلسطين الاجتماعات الأممية الوشيكة.
البيان الاعتراضي الوحيد تحدثت عنه فضائية «العربية» وكان بتوقيع وزير الخارجية الفرنسي، لكن فضائية «فلسطين» استضافت أحد دبلوماسيي حركة فتح في الخارج وسأله المذيع: بعد قرار رامبو الأمريكي – عفوا الوزير روميو- هل يستطيع ممثل فلسطين الحالي في الأمم المتحدة الحضور؟
تخيلوا إلى أين أوصلتنا أوسلو: 24 ساعة فقط فصلت بين قرار «الكابينت» الإسرائيلي، الذي أعلنته القناة 13 الإسرائيلية والقاضي بإقامة «إمارة الخليل» وإخراج مؤسسات السلطة من المدينة ذاتها، وبين قرار الوزير روبيو «إلغاء تأشيرات الرئيس وجماعته»، إلى أن تسحب السلطة شكواها في الجنائية الدولية.
رئيس فلسطين لا يحتاج لتأشيرة من «رامبو» الأمريكي حتى يخطب في الناس، ولو استنصحنا لاقترحنا جمع القوم في المنظمة وحركة فتح والسلطة عند قبر الرئيس ياسر عرفات ثم إلقاء خطاب «وداعي» يحل السلطة، ويلغي أوسلو.
أصلا، لا مبرر لاجتماعات الأمم المتحدة، التي أخفقت أخلاقيا في وقف الإبادة ما دام حارس البوابة رجل أمن أمريكيا سيدقق على الحاجز غدا ويمنع ممثل دولة فلسطين الافتراضية من العبور بأوامر من رامبو، رغم أن الأخير في المناسبة يحمل الجنسية الأمريكية.
وفي حال أصر «الدبلوماسي الأمريكي – الفلسطيني» على العبور يمكن فورا وبقرار من كبير الكهنة ترامب وضعه ضمن قائمة «ت. س».
وللعلم»ت. س» ترجمتها «تحت السحب»، ويعرفها جيدا أبناء البيروقراط الأردني، لأن ما يخطط له ترامب مع اليمين الإسرائيلي عمليا هو تطبيق معيار «ت. س» على الشعب الفلسطيني كله!

 مدير مكتب «القدس العربي» في عمان

عن صحيفة القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى