السلايدر الرئيسيالعالم

سماء قزوين تشتعل.. إيران تتهم أذربيجان بالتواطؤ في الغارات الإسرائيلية وموسكو تدخل على خط النار

من سعيد العامودي

غزة ـ يورابيا ـ من سعيد العامودي ـ دخلت التوترات بين إيران وأذربيجان دخلت مرحلة جديدة من التصعيد، في أعقاب اتهامات إيرانية غير مباشرة مفادها أن باكو سمحت للطائرات الحربية الإسرائيلية باستخدام مجالها الجوي لتنفيذ ضربات عسكرية داخل الأراضي الإيرانية خلال ما باتت تُعرف بـ”حرب الأيام الاثني عشر”.

وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن هذه المزاعم الإيرانية أثارت قلقًا بالغًا داخل طهران، حيث تطالب السلطات الإيرانية بإجراء تحقيق فوري وشامل في ما تعتبره “خرقًا خطيرًا” للسيادة، وتلميحًا إلى تواطؤ أذربيجاني محتمل في هجمات استهدفت مواقع حساسة داخل إيران، بما في ذلك العاصمة طهران ومدن رئيسية أخرى مثل كرج وتبريز وأصفهان وكرمانشاه.

ووفقًا لما نقلته “يديعوت أحرونوت”، فإن مصادر إيرانية تدّعي أن الطائرات الإسرائيلية التي نفذت الهجمات عبرت المجال الجوي الأذربيجاني، خصوصًا فوق بحر قزوين، وهي منطقة ترى إيران أنها تحت رقابة جوية لأذربيجان فقط، بينما تُعتبر بقية دول الساحل—ومنها روسيا وتركمانستان—حلفاء تقليديين لطهران، ما يستبعد أن تكون هذه الدول قد سمحت بمرور الطائرات الهجومية.

وتابعت الصحيفة أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أثار هذه الشكوك خلال مكالمة مباشرة مع نظيره الأذربيجاني إلهام علييف، طالبًا من باكو توضيحات عاجلة بشأن التقارير الاستخباراتية التي تتحدث عن دعم غير مباشر للهجمات الإسرائيلية. وفي خطوة تصعيدية، نقلت “يديعوت” أن السفير الإيراني لدى أرمينيا أطلق اتهامات علنية ضد القيادة الأذربيجانية، ما دفع الإعلام الأذربيجاني الرسمي إلى شنّ هجوم غير مسبوق على إيران، وتحديدًا على المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي وصفته صحيفة “كاليفورنيا” الأذربيجانية بأنه “العدو الأول لأذربيجان” والمحرّك الأساسي للسياسات التخريبية تجاه باكو.

وأشارت الصحيفة إلى أن إيران، رغم نفي باكو الرسمي لاستخدام مجالها الجوي لأي نشاط عدائي تجاه طهران، ما تزال تتعامل مع التقارير بكثير من الجدية، خاصة في ظل العلاقات الوثيقة التي تجمع أذربيجان بإسرائيل على المستويين العسكري والاقتصادي. وترى طهران في هذه العلاقة خطرًا استراتيجيًا متناميًا على أمنها القومي، خصوصًا أن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة استخدمت قنابل دقيقة التوجيه، مما يدل على تنسيق معلوماتي متقدم ومعرفة تفصيلية بالخرائط الدفاعية الإيرانية.

وفي موازاة ذلك، قالت الصحيفة إن العلاقات بين أذربيجان وروسيا تمرّ هي الأخرى بمرحلة توتر حاد، بعد أن نفذت قوات الأمن الروسية عملية واسعة في مدينة يكاترينبورغ أسفرت عن مقتل مواطنين أذربيجانيين واعتقال أكثر من 50 آخرين، معظمهم من أبناء الجالية الأذربيجانية، بتهم تتعلق بجرائم قتل قديمة تعود إلى مطلع الألفية.

وأفادت “يديعوت أحرونوت” بأن الرد الأذربيجاني جاء قاسيًا وسريعًا، إذ أعلنت وزارة الثقافة الأذربيجانية إلغاء جميع الفعاليات الثقافية والفنية ذات الطابع الروسي، بما في ذلك عروض مسرحية وحفلات موسيقية لفنانين بارزين مثل ليونيد أغوتين وأنجليكا فاروم، إضافة إلى عروض مثل “كسارة البندق”، التي كانت مقررة في باكو خلال الأسابيع المقبلة. كما شبّه الإعلام الأذربيجاني الرسمي، خصوصًا قناة “AZ TV”، السياسة الروسية تجاه الأقليات بـ”الفصل العنصري” و”النازية الألمانية في ثلاثينيات القرن الماضي”.

وأضافت الصحيفة أن البرلمان الأذربيجاني ألغى اجتماعه المقرر مع مجلس الدوما الروسي، بينما تم تجاهل زيارة نائب رئيس الوزراء الروسي أليكسي أوفشاروك، الذي لم يُستقبل رسميًا في العاصمة الأذربيجانية، وسط تلميحات إلى احتمال تجميد التنسيق السياسي بين البلدين. وواصلت السلطات الأذربيجانية التصعيد بإغلاق مكتب وكالة “سبوتنيك-أذربيجان” الروسية في باكو، واحتجاز اثنين من موظفيها بتهمة التجسس لصالح الاستخبارات الروسية، وهو ما اعتبرته موسكو خطوة عدائية وخطيرة تمس بحرية الإعلام والسيادة الروسية.

ورغم أن موسكو بررت الاعتقالات الأخيرة بأنها تستهدف “جماعات إجرامية عرقية”، قالت “يديعوت أحرونوت” إن أذربيجان ترى في ما جرى حملة ممنهجة تهدف إلى إخضاع الجالية الأذربيجانية في روسيا، والتي يُقدّر عدد أفرادها بثلاثة ملايين شخص. في هذا السياق، دعا رئيس مؤسسة الصداقة التركية الأذربيجانية البروفيسور أيغون أتار الأذربيجانيين في روسيا إلى الاحتجاج السلمي ضد ما وصفه بـ”إرهاب الدولة الروسية” و”سياسات التخويف والإقصاء”.

ووفق ما أوردته الصحيفة، فإن هذه الأزمة المتعددة الأوجه تُهدد بإرباك مشاريع استراتيجية كبرى، أبرزها مشروع الممر الشمالي الجنوبي الذي يربط روسيا بإيران مرورًا بأذربيجان، وهو مشروع تُعلّق عليه موسكو وطهران آمالًا اقتصادية كبيرة في ظل العقوبات الغربية المتزايدة.

ورغم احتدام المشهد، ختمت الصحيفة بالإشارة إلى أن المراقبين لا يستبعدون وجود هوامش للتهدئة، نظراً لحجم المصالح المتبادلة بين الأطراف. غير أن استمرار إيران في الضغط على أذربيجان بشأن استخدام مجالها الجوي، وتوتر علاقات باكو مع موسكو، قد يضع القيادة الأذربيجانية في موقف حرج ودقيق، بين المحافظة على تعاونها العميق مع إسرائيل من جهة، وتفادي الانزلاق إلى مواجهة مباشرة مع إيران وروسيا من جهة أخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى