السلايدر الرئيسيصحف

وول ستريت جورنال: ترامب يأذن لوكالة المخابرات المركزية بعمليات سرية في فنزويلا

من سعيد سلامة

لندن ـ يورابيا ـ من سعيد سلامة ـ قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية إن الرئيس دونالد ترامب منح وكالة المخابرات المركزية (CIA) تفويضاً سرياً يسمح لها بتنفيذ عمليات خاصة داخل الأراضي الفنزويلية، في خطوة تعكس تصعيدًا جديدًا في سياسة واشنطن تجاه كاراكاس، تحت غطاء محاربة تهريب المخدرات، لكنها قد تحمل في طياتها أبعادًا سياسية أوسع تستهدف النظام الفنزويلي بقيادة نيكولاس مادورو.

وأضافت الصحيفة أن هذا التفويض الرئاسي، الذي يُصدر عادة ضمن ما يعرف بـ”الأمر الرئاسي السري”، يتيح للوكالة تنفيذ طيف واسع من الأنشطة الاستخبارية، تشمل عمليات شبه عسكرية، واستهدافات دقيقة قد تمتد إلى تغيير موازين القوة السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية داخل فنزويلا، من دون إشراف مباشر من الكونغرس أو الإعلان للرأي العام.

ونقلت الصحيفة عن أحد مسؤولي الإدارة الأمريكية تأكيده أن هذه الصلاحيات تأتي ضمن حملة موسعة تقودها إدارة ترامب تحت عنوان مكافحة شبكات تهريب المخدرات في أمريكا اللاتينية، إلا أن المستهدف الرئيسي في هذه المرحلة هو فنزويلا، التي يتهمها البيت الأبيض بتحويل أراضيها إلى معبر رئيسي للمخدرات نحو الولايات المتحدة، في الوقت الذي يتهم فيه ترامب القيادة الفنزويلية بـ”تفريغ سجونها” عبر إرسال مجرمين إلى الأراضي الأمريكية، على حد تعبيره.

وتابعت الصحيفة أن ترامب لمّح خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض إلى إمكانية تنفيذ عمليات عسكرية داخل الأراضي الفنزويلية مستقبلاً، قائلاً إن “البر الآن مطروح على الطاولة، بعد أن أصبح لدينا سيطرة كاملة على البحر”، في إشارة إلى الحشد العسكري الأمريكي المتزايد في البحر الكاريبي، والذي يشمل مدمرات صاروخية، وطائرات حربية متقدمة من طراز F-35، وطائرات بدون طيار، وسفن متخصصة في تنفيذ العمليات الخاصة.

في المقابل، رد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في خطاب متلفز، متهمًا الولايات المتحدة بمحاولة استعمار جديدة ونهب موارد البلاد الطبيعية. ووجه انتقادات حادة لوكالة المخابرات المركزية، متسائلاً: “كم عدد الانقلابات التي ما زالت تخطط لها الـCIA في أمريكا اللاتينية؟”، مؤكدًا أن بلاده لا تسعى إلى الحرب لكنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما وصفه بالعدوان السافر على سيادتها.

ووفقًا لما أوردته الصحيفة، فإن الضربات التي أمر بها ترامب ضد سفن يُشتبه في تورطها بعمليات تهريب المخدرات أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 27 شخصًا منذ بدء الحملة الشهر الماضي، فيما يستمر الجيش الأمريكي في استهداف قوارب قبالة السواحل الفنزويلية. ومع ذلك، فإن حديث ترامب عن “استهداف البر” أثار موجة قلق في أوساط الساسة داخل واشنطن، بما في ذلك بين بعض أعضاء الحزب الجمهوري.

وقالت السيناتور الديمقراطية جين شاهين، العضو البارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إن تفويض عمليات سرية للـCIA وتنفيذ ضربات مميتة في عرض البحر، والتلويح بعمليات على اليابسة داخل دولة ذات سيادة، يمثل انزلاقًا خطيرًا نحو صراع مفتوح، يجري خارج أي رقابة ديمقراطية أو وضوح قانوني.

وأشارت الصحيفة إلى أن إدارة ترامب تستند في تبرير هذه الإجراءات إلى تصنيف عصابات تهريب المخدرات في أمريكا اللاتينية كمنظمات إرهابية، وهو ما يمنح – بحسب تفسير الإدارة – الحق باستخدام القوة العسكرية ضدها. غير أن خبراء قانونيين ومشرعين أعربوا عن شكوكهم إزاء هذه الذريعة، معتبرين أنها غير كافية قانونيًا لإطلاق عمليات عسكرية بهذا الحجم داخل حدود دول أخرى.

وأوضحت “وول ستريت جورنال” أن هذا التحرك الأخير يعيد إلى الأذهان سجل وكالة المخابرات المركزية الطويل في أمريكا اللاتينية، حيث كانت الوكالة قد لعبت دورًا محوريًا في تغييرات أنظمة الحكم في كل من غواتيمالا وتشيلي ونيكاراغوا خلال القرن الماضي، لكن الوكالة في السنوات الأخيرة تحولت إلى التركيز على التعاون الاستخباري وتبادل المعلومات مع الحلفاء الإقليميين، قبل أن تعود الآن إلى مربع العمليات المباشرة والميدانية في ظل إدارة ترامب.

واختتمت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن إمكانية تنفيذ ضربات على الأراضي الفنزويلية ما زالت محل نقاش داخل أروقة الإدارة، لكنها تمثل تطورًا خطيرًا قد يعمّق المواجهة بين واشنطن وكاراكاس، ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة من عدم الاستقرار في منطقة أمريكا الجنوبية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى