مصادر لـ “يورابيا”: تنسيق سري بين أسامة الجويلي وباريس لتسليم مطار غدامس الليبي للفرنسيين في مواجهة النفوذ الروسي
من سعيد السويحلي
طرابلس ـ يورابيا ـ من سعيد السويحلي ـ كشفت مصادر خاصة لـ”يورابيا” عن تحركات فرنسية نشطة في الجنوب الغربي الليبي، يقودها قائد المنطقة العسكرية في الجبل الغربي، اللواء أسامة جويلي، بالتنسيق مع مسؤولين فرنسيين، بهدف تمكين باريس من السيطرة على مطار غدامس، القريب من الحدود الجزائرية والنيجرية.
ووفق المعلومات التي حصلت عليها “يورابيا”، فإن التنسيق بين جويلي والفرنسيين بلغ مراحل متقدمة، وسط سعي باريس لتثبيت وجود استراتيجي لها في المنطقة، لمواجهة النفوذ الروسي المتزايد عبر “فاغنر” والفيلق الروسي المنتشر في الجنوب الليبي.
مطار غدامس: موقع استراتيجي في سباق النفوذ الإقليمي
يأتي الاهتمام الفرنسي بمطار غدامس نظراً لموقعه الجغرافي الحساس، فهو يقع على تخوم الجزائر من جهة، وعلى مقربة من الحدود مع النيجر من جهة أخرى، ما يجعله نقطة ارتكاز مثالية لأي تحرك عسكري أو استخباراتي في المنطقة.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن باريس تعتبر غدامس قاعدة مناسبة لعدة أهداف:
أولًا، لقطع الطريق أمام تمدد الروس عبر الجنوب.
ثانيًا، لتأمين مصالح فرنسا في النيجر ومالي، بعد أن تراجعت نفوذها هناك لصالح قوى منافسة.
وثالثًا، لبناء نقطة مراقبة على أحد أهم المعابر الحدودية البرية بين ليبيا ودول الساحل.
دور السفير الفرنسي مصطفى مهراج
وكشفت المصادر لـ”يورابيا” أن السفير الفرنسي لدى ليبيا، مصطفى مهراج، أجرى خلال الأسابيع الماضية زيارات ميدانية إلى مدينة نالوت، الواقعة في الجبل الغربي، حيث التقى بشخصيات محلية وعسكرية لمناقشة تفاصيل متعلقة بملف مطار غدامس. وتُعد نالوت من المناطق ذات الامتداد القبلي والتأثير المباشر في القرار الأمني داخل الشريط الحدودي.
وتشير المعطيات إلى أن السفير مهراج يتعامل بحذر مع هذا الملف، ويسعى إلى حشد دعم محلي يسهّل عملية تسليم المطار للجانب الفرنسي ضمن تفاهمات سرية لا تمر عبر القنوات الرسمية في طرابلس.
علاقة جويلي القديمة بفرنسا: لقاء حفتر نموذجًا
العلاقة بين اللواء أسامة جويلي والدبلوماسية الفرنسية ليست وليدة اللحظة. فقد سبق لباريس أن رتبت له لقاءً نادرًا مع القائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر، جرى في الضاحية الجنوبية للعاصمة الفرنسية باريس عام 2022، بعيدًا عن الأضواء. تم اللقاء في سرية تامة، وبعيدًا عن أي إعلان رسمي، في وقت كانت باريس تبحث فيه عن تقاطع محتمل بين مراكز القوة غرب وشرق ليبيا.
ويعتقد مراقبون أن ذلك اللقاء شكل بداية علاقة وثيقة بين جويلي وباريس، انعكست لاحقًا في تسهيلات وتفاهمات ميدانية، من بينها ما يجري الآن بخصوص غدامس.
خلفيات إقليمية ودوافع فرنسية
تأتي التحركات الفرنسية في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات استراتيجية كبرى، خاصة بعد الانقلابات العسكرية في النيجر ومالي، وانسحاب القوات الفرنسية من عدة قواعد كانت تعتمد عليها في عمليات مكافحة الإرهاب.
ويبدو أن باريس تبحث الآن عن موطئ قدم جديد في ليبيا، تحديدًا في مناطق الجنوب الغربي، كبديل عن نفوذها المتراجع في دول الساحل.
وفي هذا السياق، فإن مطار غدامس يمثل أولوية أمنية لفرنسا، إذ يمكن استخدامه كقاعدة لوجستية أو استخباراتية تخدم عملياتها عبر الحدود، وتعزز حضورها في ملف الهجرة غير الشرعية، ومراقبة التحركات الروسية في المنطقة.