نيويورك تايمز: مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف كان يتفاوض وابنه يجمع المليارات من الخليج
من سعيد جوهر
واشنطن ـ يورابيا ـ من سعيد جوهر ـ كشفت صحيفة نيويورك تايمز تحقيقًا مطوَّلًا يُلقي الضوء على تداخل مصالح عائلة ويتكوف مع مهمات الأبّ ستيف ويتكوف كمبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، وبالأخص محاولة ابنه أليكس تأمين تمويل خليجي لصندوق استثماري عقاري داخل الولايات المتحدة. وتبرز الوقائع الموثقة في التحقيق أن العائلة سعَت بشكل متزامن لتحقيق أرباح مالية من علاقاتها السياسية، في مشهد يُشير إلى سقوط الفواصل بين العمل التجاري والدبلوماسي.
جمع الأموال من دول الخليج أثناء مفاوضات السلام
حسب التحقيق، بينما كان ستيف ويتكوف يتولى مفاوضات حساسة لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس هذا العام، كان ابنه أليكس يعمل على جبهة أخرى: عرض جمع مليارات الدولارات من دول الخليج، من بينها قطر، التي سبق أن استثمرت في مشاريع عائلة ويتكوف. الهدف المعلن: تمويل صندوق استثماري في الولايات المتحدة يركّز على العقارات التجارية.
وقد عرض أليكس هذا المشروع على المستثمرين المحتملين، مدعيًا أن لديه بالفعل تعهّدات بمليارات من صناديق قطرية، والإماراتية، والكويتية، وفقًا لمصادر مطّلعة على العرض، ولكن لا تملك تفويضًا رسميًا للإدلاء بتصريحات علنية. وقد اطلعت نيويورك تايمز على وثائق تتعلق بهذا الصندوق، وتحدثت مع عدد من الأشخاص المعنيين.
ورغم هذا الطموح، ورد أن المتحدثة باسم مجموعة ويتكوف، آنا لابورت، قالت إن الخطط — التي وُصفت بأنها أوليّة — تمّ تأجيلها، مضيفة: «إنهم لا يمضون حاليًا في هذا الصندوق». من جهتها، قالت المتحدثة باسم هيئة الاستثمار القطرية إن العرض المبدئي قُدّم، لكن بعد مناقشات داخلية، قرّر الصندوق عدم المشاركة.
خلفية العلاقة القطرية ـ ويتكوفات
يشير التحقيق إلى أن العلاقات بين العائلة القطرية وعائلة ويتكوف تعود إلى عهد ترامب الأول، حيث استخدمت قطر استثمارات استراتيجية لتوطيد علاقاتها مع المقربين من الرئيس، ومن بينهم ستيف ويتكوف. ومع عودة ترامب إلى الرئاسة، امتدّت تلك العلاقة لتصبح مصدرًا ممكنًا للتمويل لمشاريع العائلة.
وقد نجحت مجموعة ويتكوف في جمع 100 مليون دولار من صندوق تديره شركة أبولو للاستثمار الخاص (والتي لها علاقة جزئية بقطر)، تمّ توجيهها نحو مشاريع عقارية. وقد تعاونا في مشروع “ذا بروك” في بروكلين ومشروع آخر في بالم بيتش (بيلجروف)، كل ذلك في وقت تزامن مع نشاط والدهم الدبلوماسي في ملف غزة.
ورغم أن ويتكوف قد باع جزءًا من حصته في المجموعة مؤخرًا، إلا أنه لا يزال يحتفظ بملكية جزئية ويُعتبر اسم العائلة محوريًا في العروض الاستثمارية والقضايا السياسية الموازية.
التناقض الأخلاقي والسياسي: الربح من القرب السياسي
يرى التحقيق أن هذا السعي لجمع أموال من دول الخليج في خضم مهام دبلوماسية يشكّل مثالًا صارخًا للتداخل بين الدور السياسي والمصلحة التجارية الخاصة. وذلك لا يقتصر على أليكس، بل يشمل شقيقه الآخر زاك، الذي يُدير مشاريع العملات المشفّرة ويُطرح بأنه جمع أموالًا من مستثمرين مرتبطين بالحكومات الخليجية.
ويشير التحقيق إلى أن علاقة المجموعة المالية مع الشرق الأوسط أوسع مما كان يُعرف في السابق، وأن العائلة استخدمت علاقاتها لإبرام صفقات داخل وخارج النفوذ السياسي، مع استغلال القرب من السلطة.
ردود الأفعال والادعاءات المضادة
عندما وجهت نيويورك تايمز أسئلة مفصّلة لمجموعة ويتكوف، ردّت المتحدثة آنا لابورت بأن الشركة قرّرت عدم متابعة خطة الصندوق لأسباب اقتصادية، وأن ستيف ويتكوف لم يعد مرتبطًا بإدارة الشركة منذ عام 2024، مما يُفند الربط بين دوره الرسمي ومشاريع العائلة.
من جهتها، وصفت آنا كيلي، المتحدثة باسم البيت الأبيض، التحقيق بأنه حملة تشويه كاذبة، وأفادت بأن ويتكوف يقوم بإجراءات لسحب استثماراته. وأصدر مستشار في البيت الأبيض بيانًا إضافيًّا أكّد فيه أن ويتكوف يُولي اهتمامًا كبيرًا لالتزامه بالقواعد الأخلاقية.
الرهان القطري على النفوذ الاستثماري
يسلّط التحقيق الضوء أيضًا على استراتيجية قطر لاستخدام صندوق ثروتها السيادية (الذي تبلغ أصوله نحو 557 مليار دولار) لتعزيز نفوذها الدولي، لا سيّما من خلال الاستثمارات العقارية في الولايات المتحدة. مثلاً، منذ عام 2014 استثمرت قطر أكثر من 4 مليارات دولار في مانهاتن، اشترت فندق بلازا، فندق سانت ريجيس، وحصّة في مبنى إمباير ستايت، من بين ممتلكات أخرى.
ووفق التحقيق، فإن هذه الاستثمارات تُعد أدوات نفوذ ناعمة، تُستخدم لتقوية العلاقات، وخلق معايير مواتية للحلفاء المقربين، بما في ذلك من يسعون إلى الوصول إلى الرئيس الأميركي أو التأثير فيه.
ما يبرز من التحقيق هو أن العلاقة بين الدبلوماسية والمال لم تعد خطًا فاصلًا واضحًا، بل خضعت للمساومة والضغط. إن محاولات عائلة ويتكوف لجمع رأس مال خليجي أثناء تأدية والدهم دورًا حساسًا في المفاوضات تعكس وقد تُعزز الانطباع بأن المواقع العامة يمكن استثمارها لتحقيق أرباح خاصة.
في نهاية المطاف، يطرح هذا التحقيق تساؤلات حول مدى نزاهة العلاقات بين السياسة والمصلحة الشخصية، وعن مدى تقييد الأطر الأخلاقية في عمل المبعوثين الرسميين، لا سيما حين يكون للجهات الممولة مصالح في الملفات التي يتفاوضون بشأنها.