السلايدر الرئيسيصحف

نيويورك تايمز: بعد الضربات الإسرائيلية… إيران تشن “حملة مطاردة داخلية” ومخاوف من تحولها لقمع سياسي واسع

من سعيد جوهر

واشنطن ـ يورابيا ـ من سعيد جوهر ـ قالت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير موسع إن السلطات الإيرانية بدأت حملة أمنية داخلية غير مسبوقة منذ الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، تستهدف المشتبه بتعاونهم مع الاستخبارات الإسرائيلية، وسط تصاعد المخاوف من أن تتحول هذه الحملة إلى موجة قمع سياسي تطال المعارضين والأقليات.

وأضافت الصحيفة أن السلطات الإيرانية أطلقت سلسلة من الاعتقالات طالت مئات الأشخاص، وطلبت من المواطنين الإبلاغ عن أي سلوك أو مظاهر “غير معتادة”، مثل حمل الحقائب، ارتداء القبعات أو النظارات الشمسية ليلاً، أو قيادة شاحنات مشبوهة، في محاولة لملاحقة من تصفهم بـ”الأعداء المتسللين”.

وأكدت نيويورك تايمز أن إيران باتت تتعامل مع الخرق الأمني الإسرائيلي باعتباره الأكبر في تاريخها الحديث، إذ أفادت مصادر أمنية إيرانية أنه تم اكتشاف آلاف الطائرات المُسيّرة الصغيرة في العاصمة طهران، إضافة إلى العثور على مخابئ لتجميع الصواريخ والطائرات بدون طيار، يُعتقد أنها كانت تُستخدم لتنفيذ اغتيالات وتخريب داخلي.

وأوضحت الصحيفة أن الحملة الأمنية تأتي عقب الضربات الإسرائيلية الدقيقة في 13 يونيو/حزيران، والتي استهدفت مواقع عسكرية حساسة، وقتلت عدداً من كبار الجنرالات والعلماء النوويين داخل منازلهم، مما أجبر المرشد الأعلى على دخول ملجأ تحت الأرض.

وذكرت الصحيفة أن المسؤولين الإيرانيين اتهموا الموساد بتجنيد شبكة واسعة داخل إيران، تتكوّن في الغالب من مواطنين محليين، بحسب ما أكده محمد علي شعباني، رئيس تحرير موقع “أمواج ميديا”، الذي وصف قدرة إسرائيل الاستخباراتية بـ”المخترقة بشدة”.

وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة الإيرانية تسرّع في تنفيذ أحكام الإعدام بحق من تتهمهم بالتجسس، مستشهدة بتقارير حقوقية تؤكد وقوع محاكمات “سريعة وغير عادلة”، وسط غياب محامين وصدور أحكام بالإعدام خلال أيام قليلة من الاعتقال.

كما حذّرت منظمات حقوقية، بينها منظمة العفو الدولية، من أن الحملة الأمنية باتت تشمل شخصيات معارضة وأفراداً من الأقليات العرقية والدينية، وهو ما وصفته بأنه “استعراض مضلل للقوة”.

وفي سياق متصل، قالت الصحيفة إن الموساد نشر تسجيلاً نادراً لمديره ديفيد بارنيا، يظهر فيه وهو يشيد بعمل عملائه داخل إيران، قائلاً: “سنكون هناك، كما كنا دائماً”.

وتابعت نيويورك تايمز أن السلطات الإيرانية عمدت إلى قطع الإنترنت لفترات طويلة في محاولة لمنع هجمات إلكترونية إضافية، كما دعت الإيرانيين إلى الابتعاد عن مواقع التواصل الدولية والتقيد باستخدام المنصات المحلية.

وبحسب الصحيفة، فإن الأزمة الاقتصادية الخانقة في إيران، إلى جانب فقدان الثقة في المؤسسات، شكّلا بيئة خصبة لتجنيد العملاء. ونقلت عن مواطنة تدعى “سرور”، وهي من سكان طهران، قولها إنها شهدت شخصيًا اعتقال مشتبه بهم بعد اكتشاف طائرات مسيرة في أحد الأبنية المجاورة.

ونقلت الصحيفة عن قائد الشرطة الإيرانية، أحمد رضا رادان، تصريحًا يدعو فيه المواطنين إلى الإبلاغ عن أي عقارات أُجّرت مؤخرًا للاستخدام التجاري أو السكني، محذرًا من احتمال استخدامها كمخابئ للعملاء.

وفي الوقت الذي تُكثف فيه الحكومة دعواتها للمواطنين للتعاون، رصدت نيويورك تايمز إشارات إلى انقسام داخلي بشأن الحملة. فبينما يرى بعض المعتدلين فيها فرصة لتعزيز الوحدة الوطنية، يخشى آخرون أن تُستخدم لاحقًا لقمع المعارضة تحت غطاء الأمن القومي.

ونقلت الصحيفة عن الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، قوله في اجتماع حكومي إن “الوحدة التي ولّدتها الحرب تمثل فرصة ذهبية لتغيير أسلوب الحكم وتحسين علاقة الدولة بالمواطنين”.

لكن في المقابل، عبّر مواطنون عن خشيتهم من أن يكون الهدف الحقيقي هو تكبيل أي دعوات للإصلاح السياسي. وقال محمد رضا، من مدينة تبريز، للصحيفة: “ما تفعله الدولة الآن هو ضمان ألا يجرؤ أحد على السخرية من النظام أو الحلم بتغييره”.

واختتمت نيويورك تايمز تقريرها بالإشارة إلى أن الخطر الحقيقي الذي يراه النظام الإيراني ليس فقط في عمليات الموساد، بل في احتمال تآكل شرعيته الداخلية إذا ما شعر الإيرانيون بأنه فقد قدرته على السيطرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى