مطرقة الأعماق.. ما هي القنبلة الأمريكية الخارقة للتحصينات النووية الإيرانية؟
من سعيد سلامة
لندن ـ يورابيا ـ من سعيد سلامة ـ في ظل التوتر المتصاعد بين إسرائيل وإيران، ومع دخول الولايات المتحدة على خط الاحتمالات العسكرية، برزت إلى الواجهة واحدة من أخطر وأثقل القنابل في الترسانة الأمريكية: القنبلة الخارقة للتحصينات المعروفة باسم GBU-57، أو كما تُعرف رسميًا بـ “قنبلة اختراق الذخائر الضخمة” (MOP).
ووفقًا لما أفادت به صحيفة واشنطن بوست، فإن معظم المواقع النووية الإيرانية المحصنة تحت الأرض تقع خارج نطاق تدمير الأسلحة التقليدية، ما عدا هذا النوع من القنابل الأميركية المتطورة، التي صممت خصيصًا لضرب الأهداف المحمية والمطمورة في أعماق الأرض.
تشير التقديرات إلى أن أي تدخل أمريكي عسكري محتمل سيستهدف بشكل أساسي البنية التحتية النووية الإيرانية المدفونة، وعلى رأسها منشأة فوردو للتخصيب، التي تقع في سفح جبل جنوبي غرب طهران. هذه المنشأة، التي وصفها مفتشو الأمم المتحدة بأنها محصنة بأبواب مقاومة للانفجارات وأنفاق سميكة تصل إلى عمق 300 قدم من الصخور، تمثل تحديًا عسكريًا هائلًا لأي قوة مهاجمة.
ما هي قنبلة MOP؟
القنبلة GBU-57، أو MOP، تزن نحو 30 ألف رطل، ما يجعلها أكبر وأثقل سلاح تقليدي في ترسانة الولايات المتحدة. وهي ليست قنبلة تدمير واسع، بل سلاح جراحي دقيق مصمم لاختراق المخابئ والمنشآت تحت الأرض قبل أن ينفجر داخلها.
تستند قدرتها الفائقة إلى التوجيه عبر نظام GPS وبنيتها من سبائك فولاذية عالية القوة، ما يمكّنها من اختراق ما يصل إلى 200 قدم داخل الأرض أو الصخور الصلبة، بحسب وزارة الدفاع الأمريكية.
ووفقًا لفني إبطال الذخائر السابق في الجيش الأمريكي، تريفور بول، فإن هذه القنبلة ربما أصبحت أكثر فعالية بعد سلسلة من التحديثات التي خضعت لها خلال العقدين الماضيين.
من يمتلك القدرة على إطلاقها؟
صرحت الصحيفة أن قاذفة B-2 Spirit الشبحية التابعة للقوات الجوية الأمريكية هي الطائرة الوحيدة حاليًا القادرة على حمل وإطلاق قنابل MOP. ورغم امتلاك إسرائيل طائرات مقاتلة متطورة، إلا أنها لا تملك منصة مناسبة لهذا النوع من القنابل، مما يجعل استخدامها حكرًا على الولايات المتحدة.
يُذكر أن لدى سلاح الجو الأمريكي 19 طائرة B-2 عاملة، تتميز بقدرتها على التزود بالوقود جويًا والتحليق لمسافات شاسعة، وهو ما تم إثباته في عمليات عسكرية سابقة مثل غاراتها الطويلة في كوسوفو وليبيا.
في تقرير نُشر مؤخرًا، أشارت القوات الجوية الأمريكية إلى أن التحديثات الأخيرة التي خضعت لها قنبلة MOP وتابعت الصحيفة ملت ما وصفته بـ حلول لمشاكل دمج تقنية مع قاذفات B-2، بالإضافة إلى إدخال صمامات ذكية يمكنها اكتشاف الفراغات أثناء اختراق الأرض والانفجار في النقطة المثالية داخل المنشأة المستهدفة. ما يجعلها أكثر فاعلية في مواجهة المنشآت ذات الطبقات الداخلية المعقدة.
أهداف محتملة في إيران
أشارت الصحيفة إلى أن منشأة فوردو النووية تُعد من أبرز الأهداف المحتملة، كونها واحدة من أعمق وأشد المواقع تحصينًا. وكان الهدف الأساسي لها هو تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، غير أن تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الصادرة مؤخرًا تؤكد أن إيران قد رفعت مستويات التخصيب إلى 60%، مقتربةً من عتبة 90% اللازمة لتصنيع سلاح نووي.
لكن كما أوضح ريتشارد نيفيو، أحد كبار المفاوضين الأمريكيين السابقين مع إيران، فإن تدمير فوردو لا يعني بالضرورة نهاية البرنامج النووي الإيراني، إذ قد تكون هناك مواقع أخرى غير معروفة للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأضاف نيفيو: “حتى لو اختفت فوردو عن الخريطة، فسنظل نواجه قلقًا كبيرًا حيال قدرات إيران النووية.”
ماذا عن الهجمات الإسرائيلية السابقة؟
بحسب واشنطن بوست، فإن الضربات الإسرائيلية السابقة ضد مواقع مثل نطنز، أصفهان وبارشين لم تلحق ضررًا غير قابل للإصلاح بالبنية النووية الإيرانية. ورغم أن بعضها أصاب محطات فوق الأرض أو ألحقت أضرارًا بالأنظمة الكهربائية، فإن الأنفاق والمخابئ تحت الأرض، مثل تلك الموجودة في فوردو، لم تُمس بشكل فعّال.
وأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية لاحقًا أن هناك “آثارًا مباشرة” في قاعات التخصيب تحت الأرض في نطنز، ما يشير إلى أن القدرات التدميرية قد تتحسن، لكنها لا تزال محدودة مقارنة بقنبلة MOP.
سلاح الردع في مواجهة قرار الحرب
ترى الأوساط العسكرية أن GBU-57 ليست مجرد قنبلة، بل أداة ردع استراتيجية، لا تُستخدم إلا عندما تُغلق جميع الأبواب أمام الحلول الدبلوماسية. وحتى الآن، لم تُستخدم هذه القنبلة في أي صراع مباشر، ما يعكس خطورة تداعيات استخدامها.
لكن إذا تحولت التهديدات إلى أفعال، فإن “قنبلة اختراق الذخائر الضخمة” ستكون في مقدمة ترسانة واشنطن لضرب أعماق فوردو، حيث تُخفي إيران ما تعتبره جوهر طموحها النووي.