السلايدر الرئيسي

مجلة بوليتيكو: 8 خبراء يرسمون سيناريوهات ما بعد قصف أمريكي محتمل لإيران

من سعيد سلامة

لندن ـ يورابيا ـ من سعيد سلامة ـ  قالت مجلة بوليتيكو الأميركية إن خيار تنفيذ ضربة عسكرية أميركية ضد إيران بات مطروحًا بقوة على طاولة القرار، في ظل تصاعد التوتر الإقليمي بين إسرائيل وطهران، ووسط مؤشرات على استعداد الرئيس الأميركي السابق، والمرشح الحالي، دونالد ترامب، لتقديم الدعم العسكري لإسرائيل، بما في ذلك تزويدها بقنابل خارقة للتحصينات تستهدف المنشآت النووية الإيرانية.

وأضافت المجلة أن ترامب رفض الإفصاح عن نواياه صراحة، مكتفيًا بالقول للصحفيين: “لا أحد يعلم ما سأفعله”، بينما تتبادل إسرائيل وإيران الضربات بالطائرات المسيّرة والصواريخ، ويواصل المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، التصعيد، رافضًا أية إشارات للتهدئة أو التفاوض تحت الضغط.

في محاولة لاستشراف مستقبل الصراع، تواصلت بوليتيكو مع ثمانية من أبرز الخبراء في مجالات السياسة الخارجية والأمن القومي، وطلبت منهم رسم سيناريوهات لما قد يحدث إذا قررت الولايات المتحدة تنفيذ ضربة عسكرية ضد إيران. وجاءت آراؤهم متنوعة، لكنها اتفقت جميعًا على نقطة مركزية: القصف لن يكون نهاية الصراع، بل بدايته.

1. “القصف سيُعمّق رغبة إيران في امتلاك السلاح النووي”

رأي: ريان كروكر
قال السفير الأميركي السابق ريان كروكر، الذي شغل مناصب دبلوماسية رفيعة في العراق وأفغانستان ولبنان، إن الهجوم الأميركي سيمنح إيران خيارين: إما العودة إلى طاولة المفاوضات، أو الرد عبر إغلاق مضيق هرمز وشن هجمات على المصالح الأميركية في الخليج.

وأضاف كروكر أن الرد الإيراني شبه مؤكد، لكن القصف وحده لن ينجح في القضاء على المعرفة النووية الإيرانية. وقال: “لا يمكن قتل جميع العلماء أو محو ما تعلموه. الردع الحقيقي يكون باتفاق يمكن التحقق منه، لا بالقصف فقط”.

2. “الهدف وتحديده علنًا سيحددان مسار الحرب”

رأي: دينيس روس
أوضح السفير والمبعوث الأميركي السابق دينيس روس أن تطورات الصراع ستعتمد بشدة على كيفية تقديم الولايات المتحدة لأهداف الضربة. فإذا أعلنت أن الضربة محدودة تستهدف منشأة مثل “فوردو”، فقد يكون رد إيران محدودًا كذلك.

وأضاف روس أن الضربات الواسعة، خاصة تلك التي توحي بتغيير النظام، قد تدفع طهران للتصعيد غير المسبوق، كاستهداف منشآت النفط في الخليج، أو إغلاق مضيق هرمز، مما قد يؤدي إلى أزمة نفط عالمية. واعتبر أن طهران سترد بقوة إذا شعرت بأن بقائها مهدد.

3. “من السهل بدء الحروب… من الصعب إنهاؤها”

رأي: إيان بريمر
حذر المحلل السياسي إيان بريمر من أن الضربة المحدودة قد لا تبقى كذلك، خصوصًا إذا دخلت عناصر متطرفة في القيادة الإيرانية على خط القرار، أو إذا فقد المرشد الأعلى السيطرة.

وأضاف بريمر أن الاضطرابات داخل المؤسسة العسكرية الإيرانية قد تؤدي إلى سلسلة ردود غير منضبطة، تحوّل مواجهة محدودة إلى حرب إقليمية واسعة. “الحروب تبدأ بسهولة، لكن لا أحد يعرف كيف تنتهي”، يقول بريمر.

4. “فوردو ليست نهاية الطريق… بل بدايته”

رأي: راي تاكيه
أكد الباحث في مجلس العلاقات الخارجية راي تاكيه أن منشأة فوردو هي الهدف الوحيد الذي يتطلب تدخلاً أميركيًا مباشرًا، إذ لا تستطيع إسرائيل تدميرها وحدها. لكن قصفها لن يكون النهاية، بل بداية “سلسلة طويلة من الردود الانتقامية المتبادلة”.

وأضاف تاكيه أن إيران، حتى وإن لم تستطع الرد فورًا بسبب ظروفها العسكرية الصعبة، ستلجأ لاحقًا إلى “تكتيكات عدم التماثل”، مثل استهداف القواعد الأميركية والسفارات في المنطقة، من خلال عمليات استخباراتية غير منسوبة رسميًا لطهران.

5. “ضربة أولى… تتبعها سلسلة من الضربات”

رأي: روبرت أ. بابي
قال أستاذ العلوم السياسية روبرت بابي إن قصف فوردو يجب أن يتزامن مع ضربات واسعة ضد مواقع القيادة والسيطرة الإيرانية، الصواريخ، وشبكات الاتصالات. وبرأيه، “ضربة محدودة لن تكون مجدية؛ يجب أن تكون شاملة ومفاجئة”.

وأضاف بابي أن القصف قد يتضمن حتى عمليات كوماندوز داخل منشآت نطنز وفوردو، لتعطيل المداخل ومنع إعادة التشغيل السريع للبرنامج النووي. لكنه حذر من أن مثل هذا السيناريو “عالي المخاطر ويتطلب استعدادًا كاملاً لحرب غير قصيرة”.

6. “لا حل عسكري دائم للصراع الإيراني – الإسرائيلي”

رأي: روبن رايت
شددت الكاتبة المتخصصة في الشرق الأوسط روبن رايت على أن القوة العسكرية لا تُنهي النزاعات المعقدة مثل الصراع الإيراني الإسرائيلي، بل قد تؤدي إلى تفاقمها. وقالت إن الولايات المتحدة مطالبة بلعب دور الوسيط لا المُصعّد.

وأضافت رايت أن غياب استراتيجية سياسية واضحة من واشنطن وتل أبيب بشأن “ما بعد القصف” يزيد المخاطر. وتساءلت: “هل الهدف هو البرنامج النووي فقط؟ أم النظام بأكمله؟”. هذا الغموض، برأيها، يزيد من احتمالات نشوب صراع مفتوح.

7. “قادة إيران يركزون على بقاء النظام… وسيردون بحذر”

رأي: جوناثان بانيكوف
قال المسؤول السابق في المخابرات الأميركية جوناثان بانيكوف إن الرد الإيراني مرجّح، لكن شكله يعتمد على مدى اتساع الضربة الأميركية. فإذا استهدفت فقط المنشآت النووية، فقد يرد الإيرانيون بشكل محدود ومضبوط، كما فعلوا بعد اغتيال سليماني عام 2020.

وأضاف بانيكوف أن قادة إيران حريصون على تجنب ردٍّ يؤدي إلى انهيار النظام، لكنهم في الوقت نفسه لن يقبلوا الضربة دون ردّ. وتابع: “الهجوم قد يؤجل البرنامج النووي، لكنه لن يُنهيه نهائيًا”.

8. “الدبلوماسية في النهاية هي المسار الواقعي”

رأي: آراش عزيزي
اختتم الكاتب والمحلل آراش عزيزي حديثه بالتأكيد على أن إيران، رغم احتمالات التصعيد، ستتجه في النهاية إلى المسار التفاوضي. وبرأيه، فإن حسابات النظام الإيراني تُبنى دائمًا على البقاء لا المغامرة.

وأضاف عزيزي أن خيار التفاوض، حتى لو جاء بعد جولة من التصعيد، سيكون الأكثر واقعية بالنسبة لطهران، خصوصًا في ظل تراجع القوة الاقتصادية، وتصاعد الغضب الشعبي الداخلي.

وقالت المجلة في ختام تقريرها إن أي ضربة أميركية لإيران لن تمر دون رد، لكن شدّتها وتأثيرها يتوقفان على حجم العملية ونوعيتها، كما أن إدارة هذا التصعيد تتطلب حذرًا دبلوماسيًا وعسكريًا بالغًا، فالحروب في الشرق الأوسط لا تبدأ بسهولة فقط، بل نادراً ما تنتهي بسرعة أو كما هو مخطط لها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى