السلايدر الرئيسيشرق أوسط

لقاء الشرع والشيباني بالمبعوث الأمريكي.. رفع العقوبات وتدمير “الكيماوي”.. وتعاون أمني واستخباراتي

من سعيد ادلبي

دمشق ـ يورابيا ـ من سعيد ادلبي ـ في تطور دبلوماسي هو الأبرز منذ سنوات، التقى الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني بالمبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك، في مدينة إسطنبول، ضمن أول جولة تفاوضية رسمية بين الجانبين منذ تشكيل الحكومة السورية الجديدة، وفي إطار ما وُصف بـ”خارطة الطريق لإعادة بناء العلاقات الاستراتيجية بين دمشق وواشنطن”.

ويأتي هذا اللقاء في أعقاب التحوّل اللافت في السياسة الأمريكية تجاه سوريا، عقب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب رفع العقوبات الاقتصادية تدريجياً، وإعفاءات محددة من “قانون قيصر”، في خطوة وصفتها مصادر دبلوماسية بـ”التمهيد العملي لإنهاء المقاطعة الغربية التي استمرت لأكثر من عقد”.

رفع العقوبات في صلب المحادثات

ركز اللقاء على ملف العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا، والتي وصفتها دمشق بأنها “العقبة الأبرز أمام تعافي الاقتصاد السوري وإعادة الإعمار”. وأكد الرئيس الشرع أن العقوبات “ما تزال عبئاً ثقيلاً على الشعب السوري”، داعياً إلى تسريع وتيرة رفعها بالكامل.

من جانبه، كشف المبعوث الأميركي أن واشنطن بدأت فعلياً في تنفيذ حزمة إجراءات لتخفيف القيود، تشمل ترخيص وزارة الخزانة رقم 25، والإعفاء من بعض بنود قانون قيصر لمدة 180 يوماً، وفقاً لما أعلنه وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو مؤخراً.

محاور متعددة.. الاقتصاد.. الأمن.. والسيادة

شملت المباحثات ملفات استراتيجية متعددة، من أبرزها دعم الاستثمار الأجنبي في سوريا، وخصوصاً في قطاعي الطاقة والبنية التحتية، حيث أعرب الجانب السوري عن استعداده لتقديم حوافز وتسهيلات للمستثمرين، مشدداً على “تهيئة بيئة مستقرة وآمنة لاستقطاب الشركات الدولية”.

كما جرى التأكيد على رفض أي سيناريوهات لتقسيم البلاد، والتشديد على وحدة الأراضي السورية، إلى جانب بحث سبل تطبيق اتفاق فصل القوات لعام 1974 مع إسرائيل، لضمان الاستقرار في الجبهة الجنوبية.

وفي الملف الأمني، ناقش الطرفان آليات التعاون الاستخباراتي ومكافحة الإرهاب، وضبط الحدود، وتطوير قدرات الأمن الداخلي، خصوصاً في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة تنظيمات متشددة.

ملف “قسد” على الطاولة.. نحو صيغة اندماج وطنية

وفي محور حساس، طرح الجانبان خطة أولية لتسوية العلاقة مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، تقضي ببحث آليات اندماج تلك القوات ضمن مؤسسات الدولة، بما يضمن وحدة القرار العسكري ويعزز السيادة الوطنية، في وقت أكد فيه المبعوث الأميركي أهمية تجنب أي صدام داخلي، والحفاظ على الاستقرار في شمال وشرق البلاد.

الأسلحة الكيميائية والمفقودون الأمريكيون

تناول الاجتماع أيضاً ملف الأسلحة الكيميائية، حيث أبدت دمشق استعدادها للتعاون مع المجتمع الدولي بهدف التخلص الكامل منها، وفق الاتفاقيات الدولية ذات الصلة.

وفي إعلان وصف بـ”الخطوة الرمزية الهامة”، أكد توم باراك أن الحكومة السورية الجديدة وافقت على التعاون مع واشنطن في قضية المواطنين الأمريكيين المفقودين في سوريا، وبينهم الصحفي أوستن تايس، والطبيب النفسي ماجد كمالماز، وعاملة الإغاثة كايلا مولر، إلى جانب 11 شخصاً آخرين من أصول سورية يحملون الجنسية الأميركية.

وقال باراك عبر منصة “إكس”:”هذه خطوة قوية إلى الأمام. إعادة المفقودين الأميركيين أو رفاتهم إلى الوطن أولوية للرئيس ترامب، والحكومة السورية أبدت التزاماً واضحاً بالتعاون معنا في هذا الملف الإنساني المؤلم”.

 انفراجة دبلوماسية أم إعادة تموضع؟

اللقاء في إسطنبول مثّل أول تواصل مباشر ومعلن رفيع المستوى بين دمشق وواشنطن منذ أكثر من عقد، ويأتي في سياق تحولات أوسع في موقف الولايات المتحدة تجاه الملف السوري، ضمن توجه لإعادة ضبط السياسة الأميركية في الشرق الأوسط.

وتراهن القيادة السورية الجديدة على استثمار هذا التقارب لإعادة إدماج سوريا في النظام الإقليمي والدولي، وسط مؤشرات على أن رفع العقوبات وفتح قنوات التعاون الاقتصادي والأمني سيشكّل مدخلاً لتحولات أوسع قد تمتد إلى ملفات اللاجئين، والمصالحة الوطنية، وإعادة الإعمار.

لكن مراقبين حذروا من أن الطريق ما يزال معقّداً، وأن أي تقدّم مرهون بمدى التزام الطرفين بتعهداتهما، وبتحقيق اختراقات ملموسة في الملفات الشائكة، وأولها مصير المفقودين الأمريكيين، ومستقبل الوجود العسكري الأجنبي في سوريا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى