عقب “توصية” البرلمان الإيراني باغلاق مضيق هرمز….العراق أول الدول التي ستدفع الثمن
لندن ـ يورابيا ـ خاص ـ تشهد منطقة الخليج توترًا غير مسبوق على خلفية التصعيد العسكري الأخير بين إيران من جهة، والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى، والذي بلغ ذروته بعد تنفيذ ضربات جوية مكثفة استهدفت منشآت نووية إيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان. وفي أعقاب ذلك، أعلنت لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني أن البرلمان توصل إلى قناعة بضرورة إغلاق مضيق هرمز، بينما أُحيل القرار النهائي إلى المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، ما يشير إلى أن مسألة إغلاق المضيق باتت خيارًا جديًا مطروحًا على الطاولة. يمثل مضيق هرمز شريانًا حيويًا لصادرات النفط والغاز، حيث يمر عبره ما يقارب 20% من الإمدادات العالمية، وإغلاقه من شأنه أن يشكّل تهديدًا مباشرًا للاقتصاد العالمي، وخاصة اقتصادات الدول الخليجية والعراق.
العراق سيكون من أولى الدول المتضررة في حال إغلاق المضيق، حيث يعتمد بشكل أساسي على التصدير البحري للنفط عبر موانئ الجنوب المطلة على الخليج العربي، لا سيما ميناء البصرة. أي اضطراب في حركة الملاحة سيؤثر مباشرة على قدرة العراق على تصدير نفطه، ما يعني تراجعًا حادًا في الإيرادات العامة وزيادة الضغوط على الموازنة، خاصة في ظل ضعف البدائل البرية المتاحة. كما سيؤدي ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء عالميًا إلى انعكاسات سلبية داخلية، في ظل اعتماد العراق الكبير على الاستيراد. ومع ازدياد حدة التوتر، يبقى احتمال تعرض الأراضي العراقية لضغوط أو استهدافات ضمن الصراع الإقليمي أمرًا واردًا، مما يهدد استقراره الأمني الهش.
أما على مستوى دول الخليج، فإن اقتصاداتها ستواجه ضغوطًا مزدوجة، أولها تعطل سلاسل التصدير النفطي والغازي التي تمر عبر المضيق، وهو ما قد يضطر بعض الدول للاعتماد على خطوط أنابيب بديلة مثل خط شرق-غرب في السعودية وخط أبوظبي-الفجيرة في الإمارات، إلا أن هذه البدائل لا تغطي كامل الطاقة التصديرية. ثانيًا، سترتفع كلفة الشحن البحري والتأمين بشكل كبير، ما سيؤثر على تنافسية صادرات الخليج ويزيد العبء على ميزانياتها. كما ستتأثر ثقة المستثمرين الأجانب الذين قد يعيدون تقييم جدوى الاستمرار في بيئة غير مستقرة سياسيًا، وستشهد أسواق المال تقلبات حادة نتيجة المخاوف من توسع النزاع.
في المجمل، يمثل تهديد إغلاق مضيق هرمز تطورًا بالغ الخطورة له تبعات مباشرة على العراق ودول الخليج. ما لم يتم احتواء التصعيد، فإن المنطقة ستدخل في مرحلة من عدم اليقين الاقتصادي والأمني، مع تزايد احتمال الانزلاق إلى مواجهة أوسع. من الضروري أن تبادر الدول المعنية بتنسيق مواقفها وتفعيل خطوط الطوارئ، وبحث بدائل تصدير مستدامة، إلى جانب التحرك الدبلوماسي المكثف مع الشركاء الدوليين لتأمين هذا الممر البحري الحيوي وتفادي كارثة إقليمية ذات أبعاد اقتصادية عالمية.