السلايدر الرئيسيصحف

“عصابة أبو شباب” من أعادت جثث الأسرى الإسرائيليين من غزة وليس جيش الاحتلال

من سعيد العامودي

غزة – يواربيا ـ من سعيد العامودي ـ كشفت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم الجمعة، أن جثامين الجنود الإسرائيليين الثلاثة الذين تم الإعلان عن استعادتها من قطاع غزة مؤخرًا، لم يُنتشلوا خلال عملية عسكرية كما زعمت المؤسسة الأمنية، بل عُثر عليهم وأُعيدوا عبر عناصر تنتمي لما يُعرف بـ”عصابة ياسر أبو شباب”، وهي مجموعة مسلحة مدعومة من إسرائيل وتنشط في جنوب القطاع، في أعمال تهريب وابتزاز وسرقة للمساعدات الإنسانية.

ويشكل هذا الكشف، الذي أوردته تقارير عبرية دون الإفصاح عن مزيد من التفاصيل، تحولاً كبيرًا في رواية الجيش الإسرائيلي الذي قال الأحد الماضي إنه نفذ “عملية خاصة ومعقدة بالتعاون مع جهاز الأمن العام (الشاباك) لاستعادة جثامين ثلاثة مختطفين”، أحدهم برتبة رقيب، من داخل غزة.

من الجريمة إلى المهام العسكرية

اللافت أن عصابة ياسر أبو شباب – التي كانت تُعرف سابقًا بأعمالها الإجرامية كالتهريب وسرقة المساعدات – باتت اليوم تقوم بأدوار ميدانية مباشرة في عمق القطاع، وذلك بإشراف وتوجيه من الجيش الإسرائيلي، بحسب ما أكدته صحيفة يديعوت أحرونوت في وقت سابق من الشهر الجاري.

الصحيفة أوضحت أن الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك شرعا في تسليح وتدريب هذه المليشيا ضمن خطة سرية وافق عليها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بهدف إضعاف نفوذ حركة حماس في الجنوب، وتشكيل قوة بديلة تتولى المهام القذرة نيابة عن الجيش.

ويبدو أن دور “عصابة أبو شباب” تجاوز المهام الاستخبارية والعمليات الرمادية، إلى العمل على الأرض كجهاز تابع للجيش في الظل، يُنفذ مهام حساسة ويُوفر لإسرائيل إنكارًا رسميًا أو مرونة سياسية حال فشل أي عملية أو تكشّف دورها.

50 أسيرًا إسرائيليًا لا يزالون في غزة

ورغم استعادة جثامين ثلاثة جنود، لا تزال أزمة الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة بعيدة عن الحل. وبحسب التقديرات الأخيرة، فإن نحو 50 إسرائيليًا لا يزالون محتجزين في غزة، من بينهم 20 على الأقل يُعتقد أنهم أحياء، ما يضع المزيد من الضغط على الحكومة الإسرائيلية لإنجاز صفقة تبادل أو تحرير الأسرى بطرق أخرى.

وتزايد الحديث في إسرائيل مؤخرًا عن فشل استخباراتي وعسكري متكرر في التعامل مع ملف الأسرى والمفقودين، وسط استياء شعبي واسع، خصوصًا من ذوي الجنود، الذين يرون في تسييس الملف أو اللجوء إلى أطراف إجرامية كـ”أبو شباب” إهانةً لكرامة الجنود وعائلاتهم.

دور يثير الجدل… وتحذيرات من الانفلات الأمني

في سياق متصل، حذّر خبراء أمنيون إسرائيليون من أن اللعب بورقة المليشيات داخل غزة قد ينقلب على تل أبيب نفسها، مشيرين إلى أن مجموعات مثل “أبو شباب” تفتقر إلى أي ولاء سياسي واضح، وتتغذى على الفوضى والمكاسب المادية، ما يجعلها غير موثوقة في الأمد البعيد، وربما تُعيد إنتاج سيناريوهات مشابهة للفوضى التي تلت احتلال العراق عام 2003.

ورغم التكتم الرسمي الإسرائيلي، تشير تقارير متقاطعة إلى أن الجيش عمد في الأشهر الأخيرة إلى تفويض عدد من المهام القذرة لعناصر من العصابة، خاصة في المناطق التي يصعب فيها دخول القوات البرية دون تكبد خسائر.

من هم “أبو شباب”؟

ظهرت عصابة “أبو شباب” لأول مرة كشبكة تهريب وسرقة مساعدات عقب اندلاع الحرب الأخيرة على قطاع غزة. وتطورت تدريجيًا لتصبح ذراعًا ميدانية سرية، يتردد أنها تتلقى تمويلًا وتسليحًا من الشاباك مباشرة، وتنفذ مهام لجمع معلومات وشن عمليات محدودة ضد حماس، وأحيانًا ضد المدنيين، مما أثار انتقادات حقوقية فلسطينية ودولية.

وتتهم منظمات فلسطينية هذه العصابة بـ”زرع الفوضى وزيادة معاناة السكان”، وسط اتهامات لإسرائيل بتقويض أي إمكانية لعودة الاستقرار في غزة عبر صناعة وكلاء محليين مشبوهين يخدمون أهدافها الأمنية لا أكثر.

بين الرواية العسكرية الرسمية حول “عملية بطولية لاستعادة جثث الجنود”، والكشف الإعلامي عن دور مجموعة إجرامية محلية مدعومة من إسرائيل، تتسع هوة الثقة بين الشارع الإسرائيلي وقيادته. وفي ظل استمرار احتجاز العشرات من الأسرى داخل غزة، يبدو أن تل أبيب تُقامر مجددًا على أدوات الفوضى، في معركة أمنية طويلة لا تعرف نهايتها بعد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى