السلايدر الرئيسيكواليس واسرار

صناعة التجسس السيبراني الإسرائيلية بعد “بيغاسوس” .. تمدد هادئ خلف الكواليس

من سعيد جوهر

واشنطن ـ يورابيا ـ من سعيد جوهر ـ ما زالت إسرائيل تواصل توسيع حضورها في ميدان التجسس السيبراني العالمي رغم العواصف القانونية والانتقادات الحقوقية التي أعقبت فضيحة برنامج “بيغاسوس” الشهير.

وأوضحت تقارير  أنّ برنامج “بيغاسوس”، الذي طورته شركة NSO Group الإسرائيلية، مثّل نقطة تحول في صناعة التجسس الرقمي، إذ كشف للعالم مدى قدرة إسرائيل على تحويل التقنيات العسكرية إلى أدوات مراقبة تجارية استُخدمت في العديد من الدول، بعضها متهم بانتهاك حقوق الإنسان.

وأضافت التقارير أنّ القيود الأمريكية والأوروبية التي فُرضت على بعض الشركات الإسرائيلية، ومن بينها إدراج “NSO” على القائمة السوداء لمكتب الصناعة والأمن الأمريكي (BIS)، لم توقف زخم الصناعة بل دفعتها إلى إعادة هيكلة نفسها عبر شركات واجهة جديدة تعمل من خارج إسرائيل أو عبر وسطاء في الولايات المتحدة وأوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية.

وأشار المصدر إلى أنّ هذه الشركات الجديدة، مثل Radiant Research Labs وParagon وPalm Beach Networks، تمثل الجيل التالي من منظومة التجسس الإسرائيلي، إذ تُركّز على تطوير أدوات اختراق أكثر خفاءً تعتمد على ثغرات “Zero-Click” التي لا تتطلب أي تفاعل من المستخدم، ما يجعل اكتشافها بالغ الصعوبة حتى بالنسبة لأقوى أنظمة الحماية.

وذكر التقرير أنّ صناعة التجسس الإسرائيلية لا تعمل بمعزل عن الدولة، بل تشكّل جزءًا من المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، حيث يتعاون المهندسون والخبراء القادمون من وحدات مثل 8200 الاستخباراتية مع القطاع الخاص لإنتاج حلول هجومية متقدمة، تُباع تحت ستار “الأمن السيبراني الدفاعي”.

وأضاف أنّ شركات الضغط السياسي والاستشارات مثل Chartwell Strategy Group وVogel Group في واشنطن لعبت دورًا في تلميع صورة هذه الشركات الإسرائيلية داخل الأوساط الأمريكية، ومحاولة تخفيف القيود التنظيمية المفروضة عليها، مقابل وعود بفرص استثمارية وتبادل تكنولوجي.

وبحسب التقرير، فإنّ الانتشار العالمي لشركات التجسس الإسرائيلية أصبح مكونًا استراتيجيًا في علاقاتها الدولية، إذ تمتلك تلك الشركات وكلاء في المكسيك وكولومبيا والبرازيل وإفريقيا الغربية وأوروبا الشرقية. ويقول التقرير إنّ هذه الشبكات “تعمل غالباً تحت أغطية قانونية غامضة، تتراوح بين شركات أمن معلومات واستشارات استراتيجية، لكنها في الواقع تؤدي وظائف استخباراتية”.

ورغم الانتقادات الحقوقية الواسعة، أشار التقرير إلى أنّ إسرائيل تعتبر هذه الصناعة “ذراعًا غير رسمية لسياستها الخارجية”، إذ تتيح لها بناء علاقات أمنية مع دول لا ترتبط بها بعلاقات دبلوماسية علنية، من خلال صفقات التكنولوجيا والمراقبة.

وختم التقرير بالقول إنّ التهديد الأكبر الذي تواجهه إسرائيل في هذا القطاع هو السمعة، إذ تحوّلت صناعة التجسس السيبراني إلى عبء سياسي بعد انكشاف استخدامها في التجسس على معارضين وصحفيين. ومع ذلك، فإنّ الوثيقة تؤكد أنّ “تل أبيب لا تنوي التراجع، بل تسعى إلى إعادة تعريف التجسس كـ«أمن رقمي وقائي» ضمن إطار استراتيجي جديد يجعلها حاضرة في كل صراع سيبراني عالمي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى