تصعيد بين روسيا وأوكرانيا تزامناً مع زيارة شي جينبينغ: هجمات بالمسيّرات تعطل حركة الطيران بموسكو وتخلف قتلى في أوكرانيا
عواصم ـ وكالات ـ شهدت العاصمتان الروسية والأوكرانية، موسكو وكييف، تصعيداً جديداً في الحرب المستمرة بين البلدين، وذلك مع تبادل مكثف للهجمات الجوية باستخدام الطائرات المسيّرة، في وقت حساس يتزامن مع زيارة رسمية للرئيس الصيني شي جينبينغ إلى موسكو.
ففي ساعات الليل المتأخرة وصباح اليوم الأربعاء، شنّت القوات الأوكرانية هجوماً واسعاً بطائرات مسيّرة على موسكو، في ثالث هجوم من نوعه خلال ثلاثة أيام، ما أدى إلى تعليق جزئي لحركة الطيران في عدة مطارات رئيسية بالعاصمة الروسية، من بينها مطار شيريميتييفو ودوموديدوفو وفنوكوفو، بحسب ما أعلنته السلطات الروسية.
وأكد رئيس بلدية موسكو، سيرغي سوبيانين، في تصريحات رسمية، أن الدفاعات الجوية الروسية أسقطت ما لا يقل عن 14 طائرة مسيّرة تم إطلاقها من أوكرانيا خلال الفترة الممتدة من الساعة العاشرة مساء أمس الثلاثاء وحتى صباح اليوم الأربعاء. وأوضح أن الطائرات المسيرة تم اعتراضها في سماء موسكو ومحيطها دون تسجيل إصابات بشرية، لكنها تسببت في اضطراب كبير في حركة الملاحة الجوية، خاصة قبل ساعات من بدء الفعاليات الرسمية في المدينة.
زيارة شي جينبينغ: بعد دبلوماسي لبوتين وسط العزلة الدولية
تأتي هذه التطورات الأمنية في وقت بالغ الحساسية بالنسبة للكرملين، إذ يستعد لاستقبال الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي يبدأ اليوم زيارة رسمية تستمر أربعة أيام إلى روسيا، يشارك خلالها في احتفالات “يوم النصر” بمناسبة الذكرى السنوية لانتصار الحلفاء على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية.
وتعد مشاركة شي، إلى جانب 29 من زعماء الدول وقادتها، فرصة دبلوماسية مهمة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في ظل ما تعتبره موسكو محاولات غربية لعزلها على الصعيد الدولي منذ بدء الحرب في أوكرانيا عام 2022. ومن المرتقب أن تشارك وحدات عسكرية من 13 دولة، من بينها الصين، في العرض العسكري المقرر إقامته في الساحة الحمراء خلال الأيام المقبلة.
وبحسب مصادر مطلعة، من المنتظر أن يوقّع شي وبوتين مجموعة من الاتفاقيات الاقتصادية والاستراتيجية، تعزز مفهوم “الشراكة بلا حدود” الذي أعلن عنه الجانبان العام الماضي، وجعل من الصين الشريك التجاري الأكبر لروسيا، خاصة في ظل العقوبات الغربية المفروضة على موسكو.
كييف تحت الهجوم: قتلى وجرحى في العاصمة الأوكرانية
في الجهة المقابلة، لم تسلم العاصمة الأوكرانية كييف من الهجمات الروسية. فقد أعلنت السلطات المحلية صباح اليوم أن مسيرات روسية استهدفت مناطق سكنية في المدينة، مما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة سبعة آخرين، بينهم أربعة أطفال، وفق ما أكده رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو عبر تطبيق تلغرام.
وأشار كليتشكو إلى أن أحد الهجمات تسبب بسقوط حطام مسيّرة على مبنى سكني من تسعة طوابق في حي سفياتوشينسكي غرب كييف، مما أدى إلى اندلاع حريق واسع تطلّب تدخل فرق الإطفاء والإغاثة. وتم نقل ثلاثة أطفال إلى المستشفى بحروق متفاوتة، بينما تم علاج المصابين الآخرين ميدانياً.
وحذّر كليتشكو السكان من احتمالية تكرار الهجمات، داعياً الجميع إلى البقاء في الملاجئ، مؤكداً أن “الهجوم لا يزال مستمراً”.
أبعاد التصعيد في ظل الحراك الدولي
يرى مراقبون أن توقيت الهجمات المتبادلة بين موسكو وكييف يعكس سعياً من الطرفين لإيصال رسائل سياسية وعسكرية بالتزامن مع التحركات الدبلوماسية الجارية، سواء من خلال زيارة شي جينبينغ لروسيا أو اللقاءات المرتقبة لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي لبحث تداعيات الحرب والدور الأميركي المتغيّر في دعم أوكرانيا.
ويأتي هذا التصعيد أيضاً في وقت تبحث فيه الدول الأوروبية والولايات المتحدة عن سبل لتأمين استمرار الدعم العسكري لكييف، في مواجهة تصاعد الضغط الروسي واستخدامه المكثف للمسيّرات والصواريخ في استهداف البنية التحتية والمدن الأوكرانية.
مشهد معقد… وقلق متزايد من التصعيد
مع تزايد الاعتماد على الطائرات المسيّرة في تنفيذ الهجمات، أصبح المجال الجوي لكل من موسكو وكييف عرضة لتكرار الاشتباكات الجوية، ما يزيد من خطر التصعيد الواسع وتهديد أمن المدنيين. ويثير توقيت الهجمات، الذي تزامن مع وجود رؤساء دول ومسؤولين رفيعي المستوى في موسكو، قلقاً إضافياً بشأن توسّع الحرب إلى أبعاد دولية أوسع.
وفي ظل غياب أفق واضح للحل السياسي، تظل الأيام المقبلة مرشحة لمزيد من التصعيد، خاصة مع قرب حلول فصل الصيف، الذي عادة ما يشهد تحركات ميدانية مكثفة على جبهات القتال شرق أوكرانيا وجنوبها.