السلايدر الرئيسي

المعهد الإيطالي للعلاقات الدولية: دول الخليج وتحوّل الموقف من حماس… بين البراغماتية الإقليمية والحسابات الدولية

من سعيد سلامة

لندن ـ يورابيا ـ من سعيد سلامة ـ قال المعهد الإيطالي للعلاقات الدولية إن الموقف الذي اتخذته بعض الدول الخليجية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وقطر، بدعم نزع سلاح حركة حماس، يُمثّل نقطة تحوّل غير مسبوقة في سياستها الإقليمية، ويعكس انتقالًا واضحًا نحو مقاربة استراتيجية أكثر واقعية في التعامل مع القضية الفلسطينية.

وأضاف المعهد أن الصراع الذي اندلع في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعد هجوم حماس على إسرائيل، أعاد تشكيل توازنات المنطقة، وأجبر الدول الخليجية على إعادة تقييم أولوياتها السياسية والأمنية، في ظل سعيها للحفاظ على الاستقرار الداخلي وتنفيذ برامج تنموية طموحة مثل رؤية السعودية 2030.

وأوضح المعهد أن الموقف الحالي يعكس تحوّلًا تدريجيًا في المواقف الخليجية، حيث باتت الأنظمة الملكية تفضل الحياد النشط والدبلوماسية البراغماتية بدلًا من الخطابات القومية التقليدية، مشيرًا إلى أن هذه الدول “تُدرك أن استمرار دعم المقاومة المسلحة دون ضوابط قد يؤدي إلى اضطرابات داخلية، ويقوّض مساعيها في التطبيع مع الغرب وإسرائيل”.

وأشار المعهد إلى أن إعلان نيويورك، الصادر عن مؤتمر عُقد في الأمم المتحدة بتاريخ 29 يوليو/تموز 2025، بمشاركة المملكة العربية السعودية كراعٍ مشارك إلى جانب فرنسا وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، شكّل علامة فارقة، إذ دعا إلى قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح، وطالب بتسليم سلاح حماس إلى السلطة الفلسطينية.

وأكد المعهد أن موافقة قطر والسعودية على هذا الإعلان، تمثل خطوة غير متوقعة بالنظر إلى تاريخ الدعم القطري لحماس، و”تحولًا نوعيًا في موقع الخليج من خانة الدعم الرمزي إلى خانة إعادة هندسة الوضع الفلسطيني وفق أولويات إقليمية وأمنية”.

وتابع المعهد قائلاً إن الدوحة، التي طالما واجهت انتقادات من دول مثل السعودية والإمارات بسبب دعمها التاريخي لحماس، عادت اليوم لتتخذ موقفًا أكثر براغماتية، بما في ذلك المشاركة في جهود الوساطة لوقف إطلاق النار، إلى جانب مصر والولايات المتحدة، كما حصل في هدنة يناير 2025.

وأردف المعهد أن الرياض بدورها اتبعت سياسة أكثر تحفظًا، مركّزة على لعب دور الوسيط الرئيسي في الصراع، كما دعت إلى عقد قمم عربية وإسلامية لدعم حل الدولتين، وأيدت خطة مصر لإعادة إعمار غزة.

وأكد المعهد أن البحرين والإمارات، الموقّعتين على “اتفاقيات إبراهيم”، التزمتا بموقف أكثر تحفظًا في انتقاد إسرائيل، في محاولة للحفاظ على قنوات التطبيع، خاصة أن أبوظبي تسعى للبقاء محاورًا مفضلاً لتل أبيب في أي تسوية قادمة.

وشدد المعهد على أن القبول الخليجي بنزع سلاح حماس يرتبط بعدة مصالح استراتيجية متقاطعة:

  • أولًا، الاستقرار الداخلي، في ظل القلق من النفوذ الإيديولوجي لحماس والإخوان المسلمين.

  • ثانيًا، احتواء النفوذ الإيراني في غزة والمنطقة، حيث تُعتبر الحركة حليفًا إقليميًا لطهران.

  • ثالثًا، تعزيز العلاقات مع واشنطن، دون إغلاق باب التطبيع مع إسرائيل.

  • وأخيرًا، التركيز على التنمية الوطنية دون استنزاف سياسي أو أمني خارجي.

وقال المعهد إن هذا التحول يحمل في طيّاته سيناريوهات متعددة للمستقبل:

▪️ السيناريو الأول: “الاستقرار النسبي”

تستمر إسرائيل في السيطرة على غزة، وتُعزز السعودية وقطر دورهما كوسطاء دبلوماسيين، ما يمنحهما نقاط قوة في الساحة الدولية دون التورط في صراع مباشر.

▪️ السيناريو الثاني: “الجمود والتوتر”

ترفض حماس نزع سلاحها، يستمر الاحتلال الإسرائيلي، وتندلع موجات احتجاج داخل بعض الممالك، ما قد يُهدد الاستقرار السياسي ويضعف الثقة الشعبية في الحكومات.

▪️ السيناريو الثالث: “التسوية المثلى”

تقبل حماس بتقليص دورها العسكري، وتتم عملية نقل السلطة للسلطة الفلسطينية، مقابل تطبيع سعودي/إماراتي رسمي مع إسرائيل، وقيام دولة فلسطينية مستقلة.

وأضاف المعهد أن هذا السيناريو الأخير سيكون الأكثر فائدة للأنظمة الخليجية، إذ يسمح لها بالتركيز على المشاريع الاقتصادية والتنموية، ويُعزز مكانتها الدولية كمحاورين موثوقين وفاعلين دبلوماسيًا.

وختم المعهد الإيطالي للعلاقات الدولية تقريره بالقول إن دول الخليج، رغم تنوع سياساتها، باتت ترى ضرورة الحفاظ على موقف مشترك تجاه القضية الفلسطينية، ليس فقط لحماية مصالحها الإقليمية، بل أيضًا لتعزيز استقرارها الداخلي ومكانتها كقوى تفاوض في النظام الدولي الجديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى