السلايدر الرئيسيصحف

نيويورك تايمز: نفوذ السعودية وقطر يمتد إلى الملاعب… تعديلات مثيرة مهدت لتأهلهما إلى كأس العالم

من سعيد جوهر

واشنطن ـ يورابيا ـ من سعيد جوهر ـ قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن النفوذ المالي والسياسي الهائل الذي راكمته كل من السعودية وقطر في عالم كرة القدم خلال العقد الأخير لم يقتصر على الأندية وصفقات الرعاية الباذخة، بل امتدّ — وللمرة الأولى بشكلٍ ملموس — إلى التأثير في نتائج المنافسات الرسمية داخل الملاعب نفسها.

وأوضحت الصحيفة أن منتخبي السعودية وقطر تمكّنا هذا الشهر من حجز مقعديهما في نهائيات كأس العالم 2026 بعد أن أجرى الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، الذي تُعدّ الدولتان من أبرز مموليه، سلسلة من التعديلات التنظيمية التي منحت المنتخبين أفضلية واضحة على منافسيهما.
فقد تضمنت التغييرات، بحسب الصحيفة، إقامة مباريات حاسمة على أرضيهما، ومنحهما فترات راحة أطول، إضافةً إلى تخصيص حصص أكبر من التذاكر لجماهيرهما — وهي امتيازات غير مسبوقة في نظام التصفيات الآسيوية.

وقالت نيويورك تايمز إن هذه القرارات أثارت موجة من الغضب في أوساط الاتحادات الرياضية الأخرى، التي اعتبرتها مثالًا صارخًا على تزاوج المال بالقرار الرياضي، وسط تساؤلات عن مدى استقلالية الاتحاد الآسيوي وعلاقته المتشابكة مع رؤوس الأموال الخليجية.

وأضافت الصحيفة أن ما يجري يعكس تحوّل كرة القدم إلى ساحة نفوذ سياسي وجيوسياسي جديد في الشرق الأوسط. فكلٌّ من قطر والسعودية استثمرتا مليارات الدولارات في السنوات الماضية — من شراء أندية أوروبية كبرى مثل باريس سان جيرمان ونيوكاسل يونايتد، إلى تنظيم بطولات ضخمة مثل كأس العالم 2022 في الدوحة واستضافة كأس العالم للأندية والسوبر الأوروبي في الرياض.
هذه الخطوات، كما تقول الصحيفة، ليست مجرد “شغف كروي”، بل أدوات “قوة ناعمة” تهدف إلى تعزيز الصورة الدولية للبلدين وترسيخ مكانتهما في النظام العالمي الجديد.

وترى نيويورك تايمز أن التنافس بين الدوحة والرياض لم يعد مواجهة صريحة كما كان قبل أعوام، بل تحول إلى سباق محسوب على النفوذ الرياضي والاقتصادي. ففي الوقت الذي تحاول فيه السعودية أن تجعل من مشروع “رؤية 2030” منصة رياضية عالمية — من خلال جذب نجوم كبار مثل كريستيانو رونالدو ونيمار — تواصل قطر استثمار إرثها من تنظيم كأس العالم لتأكيد مكانتها كمركز دبلوماسي ورياضي دائم في المنطقة.

وأشارت الصحيفة إلى أن القرارات الأخيرة داخل الاتحاد الآسيوي تثير أسئلة خطيرة حول الحوكمة والنزاهة في الرياضة العالمية، خصوصًا وأن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لطالما تغاضى عن النفوذ السياسي والمالي المتزايد للدول الغنية في اللعبة.
وقالت إن هذه الواقعة تسلط الضوء على الدور المتنامي لرئيس الفيفا جياني إنفانتينو، الذي حافظ على علاقات وثيقة مع العواصم الخليجية واستفاد من الدعم المالي والسياسي الذي وفرته له تلك الدول.

ورغم أن الاتحاد الآسيوي لم يعلّق رسميًا على هذه المزاعم، إلا أن الصحيفة أشارت إلى أن مسؤولي اتحادات آسيوية عدة عبّروا عن امتعاضهم من “التمييز الواضح” في تطبيق القواعد، معتبرين أن “النفوذ المالي أصبح يقرر من يتأهل إلى كأس العالم، لا الأداء في الملعب”.

وختمت نيويورك تايمز تحليلها بالقول إن ما حدث في تصفيات آسيا ليس حادثًا عرضيًا، بل يعكس اتجاهاً عالمياً جديداً حيث تتحول كرة القدم من مجرد رياضة إلى منصة صراع على الشرعية الدولية والنفوذ السياسي.
وبينما تحتفي الرياض والدوحة بتأهلهما إلى المونديال، يزداد القلق في العواصم الرياضية العالمية من أن “اللعبة الجميلة” قد أصبحت ملعباً جديداً للسياسة والمال، لا للرياضة والمهارة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى