السلايدر الرئيسي

ممر داوود.. المخطط الإسرائيلي السري لاختراق سوريا من السويداء إلى الفرات عبر بوابة الدروز والكرد

من سعيد جوهر

واشنطن ـ يورابيا ـ من سعيد جوهر ـ تسعى إسرائيل حاليًا إلى تنفيذ مشروع استراتيجي تحت مسمى “ممر داوود”، بتصميم عملي على الأرض يربط مباشرة حدودها بالجولان المحتل بمناطق تابعة لقسد من خلال محافظة السويداء، مع ممر أطول يمتد نحو مناطق كردية في شرق سوريا، ومنها إلى كردستان العراق.

هذا المخطط، الذي لم يُعلن رسميًا، يُعتمد على استثمار علاقات إقليمية مع قيادات محلية ذات نفوذ طائفي، في مقابل اقتصاديات أمنية وسياسية، لتمرير نفوذ إسرائيلي تدريجي في عمق الأرض السورية.

في محافظة السويداء، يقف الشيخ حكمت الهجري في مركز هذه الديناميكية: عبر تشكيل “مجلس السويداء العسكري”، فرض نفسه كجهة مسيطرة محليًا وبات شريكًا رئيسًا في المعادلة، مستفيدًا من تدخل الدولة السوري شبه المفقود في الجنوب، ومن دعم عملي أميركي أو غربي ضئيل التخفي، ومن تحييد أو تحجيم منافسين دروز آخرين. ويُفيد مراقبون أن الهجري رسالة مفادها أن ما فعله بالإقليم يشكل تجريبًا لإدارة طائفية ذات تموضع إقليمي جديد، مدعوم بشكل غير مباشر وهادئ.

التحركات الإسرائيلية في الجنوب، خصوصًا الضربات الجوية المتكررة على مواقع سورية في السويداء ودمشق، تؤكد نمطًا من التنسيق الغير معلن مع الهجري، إذ لم يُسجل اعتراض رسمي أميركي قوي على هذه الضربات حتى اللحظة. وقد امتد الدعم إلى توفير غطاء رمزي للهيمنة المحلية تحت القبّة الدينية، وإذكاء موقف الهجري ضد الدولة المركزية. وفي الوقت ذاته أتاحت إسرائيل لبعض القيادات الكردية سبل تعاون مع نفوذ محدود تشمل مسارات اقتصادية وأمنية عبر خطوط شبه مفتوحة، في ما يبدو تبادل نفوذ يربط الجولان بالفرات عبر شبكة كردية.

اليوم، يبدو أن موازين القوى على الأرض بدأت تميل لصالح “مركز السويداء”، فقد استعاد مجلس الهجري مناطق كان قد خسرها أثناء اشتباكات دامية، مع تقارير عن عمليات تهجير واعتداء على القبائل البدوية، بينما غاب دور فصائل وحراك دروز آخر يحيطه نزاع داخلي، مما أعطى فرصًا للتمدد والقوة في قلب مديرية المحافظة. وانطلقت مقاطع مصوّرة تُظهر مركبات مدنية وجثثًا للبدو وأطفال ونساء، وتصاعدًا للاحتفالات بمبنى المحافظة، في عرض رمزي للهيمنة الميدانية.

في هذا السياق، تقدم الهجري بخطوة رمزية أخرى بطلب فتح معابر مباشرة من السويداء إلى مناطق “قسد” في الشمال، وإلى الأردن، في خطوة ستشكل، لو نُفذت، تحولًا كبيرًا في طبيعة التحكم الطائفي الممثل إقليميًا. هذا التقدم الفعلي في المشروع، إن ثبتت متابعته وتوثيقه، قد يدشّن ظهور إطار “درزيكردي” تحت سيطرة خارجية فاعلة، يطوِّع مناطق استراتيجية تمتد من الجولان إلى الحدود العراقية، مع استمرار دعم إسرائيلي ضمن ناتج حدودي مكتوب بخط خارجي.

إذا استمر هذا السيناريو، فإن سوريا قد تصبح في غضون فترة قصيرة أكبر مسرح لتطبيق استراتيجية الفصل الجغرافي الوطني إلى كيانات مدعومة خارجيًا. ولعل مسار الحوار النهائي أمام الدولة السورية لا يقتصر بعد على استعادة السيطرة الميدانية، بل إعادة تكوين العلاقة الاجتماعية والسياسية مع طوائفها المحلية، في ظل ضغط متزايد لتخفيف هيمنة رموز مثل الهجري وتجريدهم من صلاحيات السيطرة الحقيقية.

الأهداف الاستراتيجية الأساسية

تأمين العمق الاستراتيجي الإسرائيلي: الممر يوفر واجهة تثبيت للأمن على طول حدود هضبة الجولان، مع حظر التمركز السوري جنوب دمشق، مما يمنع إيران وحزب الله من استخدام الأراضي السورية للضغط على إسرائيل .

نقل السلاح والاستخبارات: الممر يفتح إمكانية تدفق لوجستي مباشر من إسرائيل إلى أكراد شرق سوريا، وربما العراق، لتوطيد شبكات كيان إقليمي جديد .

تقويض الدولة السورية المركزية: عبر دعم الكيانات المحلية (دروز وكرد)، تساهم إسرائيل في تفتيت سوريا إلى مناطق تخضع لنفوذ غير مركزي أو شرق أوسطي جديد

في المجمل، رسخت الأحداث مؤخرًا أن مشروع “ممر داوود” لم يعد مجرد مشروع نظري أو تخيلي، بل يُفعل الآن على الأرض، عبر أدوات محلية وطرف خارجي منتظر، يجعل من السويداء أشبه بكوب اختبار لإعادة رسم مناطق القوة والنفوذ في سوريا ما بعد النظام السابق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى