السلايدر الرئيسيصحف

 مجلة أمريكية: ازدواجية المعايير الأوروبية بعد الضربات الإسرائيلية لإيران مقارنة بالغزو الروسي لأوكرانيا تفضحها

من سعيد جوهر

واشنطن ـ يورابيا ـ من سعيد جوهر ـ الت مجلة “ريسبونسبل ستيتكرافت” الأمريكية إن الضربات الجوية التي نفذتها إسرائيل مؤخرًا داخل الأراضي الإيرانية، وأسفرت عن مقتل عشرات المدنيين إلى جانب قادة عسكريين وعلماء نوويين، شكّلت انتهاكًا صارخًا لسيادة دولة ذات سيادة، ورغم ذلك، لم تصدر أي إدانة أوروبية، بل على العكس، جاءت ردود الفعل داعمة للهجوم ومُدينة لرد الفعل الإيراني عليه.

وذكرت المجلة أن زعماء أوروبا تبنّوا مواقف منحازة بوضوح لصالح إسرائيل، حيث جدّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون موقفه ضد “البرنامج النووي الإيراني” وأكد على “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”. كما سارت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على النهج نفسه، مشددة على “حق إسرائيل في الدفاع عن النفس”، مع دعوات خجولة لضبط النفس.

أما وزارة الخارجية الألمانية، فقد سبقت الأحداث بإدانة “الهجوم الإيراني على الأراضي الإسرائيلية”، حتى قبل أن ترد طهران عسكريًا على العدوان الإسرائيلي الذي استهدف منشآت داخل حدودها.

وأضافت المجلة أن هذا الخطاب الأوروبي، الذي يتسم بازدواجية صارخة، ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لتراكمات من الفشل الدبلوماسي الذي أفقد أوروبا مصداقيتها كمدافع عن “النظام الدولي القائم على القواعد”.

وسلطت المجلة الضوء على التناقض بين موقف أوروبا من الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث استندت إلى المادة 2(4) من ميثاق الأمم المتحدة الرافض لاستخدام القوة ضد أراضي الدول، وبين موقفها من الضربات الإسرائيلية ضد إيران، والتي لم يكن لها أي مبرر قانوني. ومع ذلك، أعادت أوروبا صياغة العدوان على أنه “حق مشروع”.

وأشارت المجلة إلى الانتقادات الدولية التي واجهتها العواصم الأوروبية، إذ وجّه محمد البرادعي، الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، انتقادات لاذعة لألمانيا، مذكّرًا بأن ضرب المنشآت النووية يخالف اتفاقيات جنيف وميثاق الأمم المتحدة.

كما أعربت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيزي، عن استغرابها من موقف الرئيس ماكرون، معتبرة أن فرنسا أقرّت ضمنيًا بأن “الحق في الدفاع عن النفس” في الشرق الأوسط منحصر بإسرائيل وحدها.

وأكد التقرير أن هذه السياسات جعلت من أوروبا طرفًا غير موثوق في نظر طهران ودول الجنوب العالمي، وكرّست صورتها كفاعل ضعيف ومتواطئ. ولفت إلى أن فشل الدول الأوروبية الثلاث (ألمانيا، فرنسا، بريطانيا) في إنقاذ الاتفاق النووي بعد انسحاب واشنطن منه عام 2018، ثم تواطؤها في فرض رقابة جديدة على إيران قبيل الضربة الإسرائيلية، أسهم في تأجيج التوترات بدلًا من تهدئتها.

وترى المجلة أن هذا الأداء الأوروبي يزيد من احتمالات التصعيد، ليس فقط في الشرق الأوسط، بل داخل أوروبا نفسها، من خلال تدفقات الهجرة، وتصاعد التهديدات الأمنية، واحتمال تعرّض المصالح الأوروبية في المنطقة لهجمات، فضلًا عن تداعيات إغلاق مضيق هرمز.

واختتمت المجلة تقريرها بالتحذير من أن “استمرار أوروبا في إعفاء حلفائها من القواعد التي تفرضها على خصومها” لا يسهم في تعزيز السلام، بل يُعجّل بما وصفته بـ”الانتحار الجيوسياسي للقارة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى