السلايدر الرئيسيتحقيقات

سباق عربي على قيادة الجامعة العربية ومصر تواجه اختباراً للنفوذ… ومعركة خلافة أبو الغيط تحتدم

من سعيد سلامة

يورابيا ـ لندن ـ من سعيد سلامة ـ رغم ما يعصف بالمنطقة العربية من احداث جسام خلال هذه الفترة الا انه لا صوت يعلو داخل الأروقة السياسية المصرية والعربية في هذه الأيام فوق صوت التساؤل: من يخلف أحمد أبو الغيط في الأمانة العامة لجامعة الدول العربية؟

سؤال يتردد بقوة على وقع اقتراب نهاية ولاية أبو الغيط الثانية في شهر مارس القادم  2026، وقراره الذي نُقل عن مقربين منه بعدم السعي لفترة ثالثة، في رغبة “للراحة بعد أداء كل ما يمكن في هذا الموقع”، كما جاء في التعبير الدبلوماسي المعتاد.

وفي ظل غياب نص قانوني يلزم أن يكون الأمين العام من دولة المقر (مصر) ـ الا انه جرى العرف ان يكون مصريا ـ ، يبدو أن معركة الأمانة العامة هذه المرة مرشحة لتكون الأكثر تعقيداً وجدلاً منذ تأسيس الجامعة عام 1945.

مشاورات مصرية محمومة وطرح مدبولي مفاجأة سياسية

بحسب مصادر دبلوماسية مطلعة، بدأت مصر تحركات نشطة داخل الجامعة ومع الدول ذات الثقل العربي لاستطلاع المواقف بشأن الأسماء التي يمكن أن تحظى بتوافق لشغل المنصب. وبينما كانت التوقعات تميل إلى ترشيح وزير الخارجية الحالي بدر عبد العاطي، أو وزير السابق سامح شكري، فاجأت القاهرة الوسط السياسي بطرح رئيس الوزراء مصطفى مدبولي كمرشح محتمل.

وترى دوائر سياسية مصرية أن طرح مدبولي – لأول مرة في تاريخ الجامعة يترشح رئيس حكومة لهذا المنصب – يستند إلى “ثقة الرئيس عبد الفتاح السيسي الكاملة فيه، وتقديره لعلاقاته المتوازنة عربياً، وبعده عن الاستقطاب أو الصدامات”.

إلا أن المهمة المصرية تبدو أصعب هذه المرة، وسط رغبة معلنة لدى أكثر من دولة عربية، وعلى رأسها السعودية وقطر، في تدوير المنصب، وكسر احتكار مصر له، خاصة مع التحولات في ميزان القوى داخل النظام العربي.

تحفّظات خليجية على سامح شكري… ومدبولي “حل توافقي”؟

وأفادت مصادر دبلوماسية مطلعة أن القاهرة تراجعت عن الترويج لترشيح سامح شكري بسبب “تحفّظات من دول خليجية بارزة”، لم تسمّها، ولكنها ألمحت إلى اعتراضات سعودية وقطرية على خلفية مواقف وتصريحات سابقة اعتُبرت حادة أو غير توافقية.

وفي ضوء ذلك، تم طرح مدبولي “كوجه غير جدلي”، لم يخض صراعات داخلية أو خارجية، ويُمكن أن يشكل مرشحاً مقبولاً لقطاع واسع من الدول العربية، بما فيها الخليجية.

إلى جانب مدبولي، لا يزال اسم وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ضمن القائمة المطروحة، لما يتمتع به من خبرة دبلوماسية، وقدرته على التواصل مع مختلف العواصم العربية، إلا أن كونه لا يحمل صفة “وزير خارجية سابق” تجعله أقل تقليدية في اختيارات الجامعة.

صعود الطموحات الخليجية.. السعودية وقطر تتقدمان بثقة

وفي المقابل، بدأت الرياض والدوحة تحركات موازية لتعزيز فرص أحد مرشحيهما. وبحسب ما نقلته مصادر من داخل أروقة الجامعة العربية، فإن السعودية تطرح بهدوء اسم عادل الجبير، وزير الدولة للشؤون الخارجية، كمرشح “يحظى بدعم سعودي وخليجي واسع”، ويمتلك خبرة دبلوماسية عالية وقدرة على التعبير عن التوجهات الجديدة للعالم العربي حسب تعبير المصدر.

أما قطر، فقد عادت نبرتها العالية في موضوع الجامعة، حيث تسعى – بحسب مصادر عربية – إلى ترشيح شخصية دبلوماسية قطرية، مع مطالبة أصوات داخلية بنقل مقر الجامعة العربية من القاهرة إلى الرياض أو الدوحة، بحجّة أن مصر لم تعد قادرة على تمثيل الإجماع العربي، و”أن السعودية باتت تعبر عن مصالح العالم العربي بشكل أكثر وضوحاً”، بحسب ما ورد في تعليقات إعلاميين خليجيين.

منذ تأسيس الجامعة العربية، تولى سبعة دبلوماسيين مصريين منصب الأمين العام، باستثناء التونسي الشاذلي القليبي (1979–1990) خلال المقاطعة العربية لمصر بعد كامب ديفيد. هذا التقليد غير المكتوب شكّل لسنوات طويلة أحد أعمدة النفوذ المصري الإقليمي، لكنه اليوم يواجه ضغوطاً صامتة لإعادة النظر.

دعوات سعودية لوقف “احتكار” مصر للمنصب

ودعا الكاتب السعودي عبيد العايد إلى وقف “احتكار” مصر لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية وذلك مع قرب انتهاء فترة تولي المصري أحمد أبو الغيط لفترته الثانية والأخيرة.

وطالب الكاتب السعودي في منشور له عبر حسابه على منصة “إكس” أنه “حان الوقت لخروج الأمانة العامة لجامعة الدولة العربية من احتكار الخارجية المصرية” وأن يتولى منصب الأمين العام للجامعة العربية من وصفهم بـ “أعلام العرب ودهاة السياسة”.

وقال العايد إنه قد “حان الوقت فعلا لأن يقود الجامعة العربية أعلام العرب ودهاة السياسة” مرشحا وزير الدولة السعودي عادل الجبير لتولي هذا المنصب العربي الهام.

وأضاف: “يستحق الداهية والمتحدث اللبق والقوي معالي وزير الدولة عادل الجبير أن يحظى بدعم السعوديين وكل العرب لرئاسة الأمانة العامة لجامعة الدول العربية”.

من جانبه أعرب الإعلامي المصري نشأت الديهي عن استياءه الشديد من حديث بعض وسائل الإعلام عن منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية وعرض العديد من الأسماء المرشحة مؤكدًا أن التوقيت غير مناسب للحديث في هذا الأمر.

وقال نشأت الديهي في تغريدة له من خلال حسابه الرسمي عبر منصة “إكس”: “إثارة موضوع أمين عام جامعة الدول العربية القادم والذي سيخلف معالي الأمين الحالي السيد أحمد أبو الغيط ” الآن ” وقبل عام كامل من انتهاء فترته الثانية وبشكل مبكر للغاية أمر مثير ويدعوا للريبة ويدعو للانتباه ، في تقديري ان كل ما يثار حول هذا الأمر في وسائل التواصل او المواقع الإخبارية التي تنقل عنها ومنها هو بمثابة “اجتهادات شخصية “ لا تمت للواقع بصلة ولا تعكس أية إشارات رسمية على كافة الأصعدة”.

وأضاف الديهي أن إشعال معارك وهمية من الآن على منصب الامين العام للجامعة – وقبل اشهر من إعلان مصر اسم مرشحها في اكتوبر القادم – ترتفع نيرانها والسنتها بين المدونين والمغردين والمرتزقة ما هو إلا محاولة جديدة ويائسة لضرب “أسافين “بين ما تبقى من الدول العربية.

واختتم حديثه قائلًا “فالجامعة تحتاج إلى اصلاح نعم .. الجامعة تحتاج إلى آليات جديدة تمكنها من اداء مهامها نعم ..لكن ليعلم الجميع ان الجامعة العربية ليس لها إرادة منفردة عن إرادة الدول الأعضاء، فإرادة الجامعة هي حاصل جمع إرادات الدول الأعضاء”.

الجامعة العربية.. من يتحدث باسم العرب؟

يحمل منصب الأمين العام للجامعة العربية قيمة رمزية وسياسية كبيرة، ليس فقط كأعلى منصب تنفيذي في الجامعة، بل باعتباره “وجه العرب” في المحافل الإقليمية والدولية. ومع تراجع فاعلية الجامعة في السنوات الأخيرة، تتزايد الدعوات بأن يقودها شخصية ذات ثقل دبلوماسي قادرة على إعادة الاعتبار للدور العربي الجماعي.

ويقول مراقبون إن المملكة العربية السعودية، في ظل صعودها السياسي في الملفات الإقليمية، لا ترى مبرراً لاستمرار مصر في السيطرة المنفردة على المنصب.

ويذهب البعض إلى أن الرياض قد تقبل بالتجديد لأبو الغيط لعامين كـ”مرحلة انتقالية”، مقابل تعيين نائب أمين عام سعودي بصلاحيات واسعة، تحضيراً لانتقال أكبر في المستقبل.

أين تتجه البوصلة؟

حتى اللحظة، لم تُحسم هوية المرشح النهائي لخلافة أبو الغيط. وتتراوح السيناريوهات بين التجديد له لعامين، أو الدفع بمرشح توافقي مصري مثل مدبولي، أو فتح الباب أمام ترشيح خليجي قوي، في حال تمكنت الرياض أو الدوحة من حشد توافق عربي.

في خلفية هذه المعركة، صراع خفي على من يتحدث باسم العرب في لحظة إقليمية حساسة، وسط تحولات كبرى في خارطة التحالفات والاصطفافات، وإعادة تشكيل مراكز التأثير داخل النظام العربي. وما يبدو واضحاً هو أن المعركة المقبلة في الجامعة لن تكون “إجرائية” أو “شكلية”، بل تمس جوهر معادلة القوة العربية، في زمن التعدد لا المركزية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى