أقلام يورابيا

بين القنابل الإسرائيلية ودعم واشنطن.. أيُّ مستقبل لمعادلة السلاح في لبنان؟

جمال دملج

لم تمرّ ساعات قليلة على بيان قوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان (اليونيفيل) الذي ندّدت فيه بإلقاء الجيش الإسرائيلي قنابل قرب عناصرها في بلدة مارون الراس، حتى عاد الجدل الداخلي في لبنان ليحتدم حول السلاح غير الشرعي ومستقبل تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة. ففي حين طالبت اليونيفيل بوقف الهجمات “ضد قوات حفظ السلام أو بالقرب منها، وكذلك ضد المدنيين والجنود اللبنانيين”، برزت إشارات واضحة إلى هشاشة الهدوء الذي أعقب اتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر 2024، والذي نصّ على ابتعاد حزب الله عن الحدود وحصر السلاح بيد المؤسسات الرسمية اللبنانية.

انتهاكات متكررة… ورسائل متبادلة

بحسب بيان اليونيفيل، فإن عناصرها كانوا إلى جانب الجيش اللبناني لتأمين مدنيين يعملون على إزالة الركام، حين أُلقيت قنابل على مقربة منهم، بعضها انفجر على مسافة لا تتجاوز 20 مترًا. وتُعدّ هذه الحوادث استمرارًا لسلسلة من الانتهاكات التي سبق أن سجّلتها القوة الدولية، والتي وصفتها بأنها “خرق خطير للقرار 1701”.

في المقابل، تبرّر إسرائيل ضرباتها المستمرة بأنها تستهدف مواقع تابعة لحزب الله، مؤكدة أنها لن تنسحب من بعض المرتفعات الاستراتيجية التي لا تزال تتمركز فيها إلى حين ضمان تفكيك البنية العسكرية للحزب.

المعضلة اللبنانية: دعم خارجي وعجز داخلي

في خضمّ هذه التطورات، أعلنت الإدارة الأميركية تخصيص 230 مليون دولار كمساعدة إضافية للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، في خطوة فُسّرت على أنها محاولة لتمكين الدولة اللبنانية من الاضطلاع بمسؤولياتها الأمنية، ولا سيما في ملف نزع سلاح حزب الله.

غير أنّ هذه المساعدات تصطدم بواقع داخلي معقّد، إذ لا تزال السلطات اللبنانية تُظهر تلكؤًا واضحًا في اتخاذ خطوات عملية لتطبيق القرارات الدولية، سواء لاعتبارات سياسية تتعلق بالتوازنات الداخلية، أو خشية من انفجار الوضع الأمني الهش في الجنوب.

هل تُوكَل المهمة إلى إسرائيل؟

هذا التردّد اللبناني يفتح الباب أمام تساؤلات حساسة: هل ستتولى إسرائيل بنفسها مهمة تفكيك قدرات حزب الله العسكرية إذا فشل لبنان الرسمي في ذلك؟

ثمّة من يرى أنّ تل أبيب تعتمد سياسة “القضم التدريجي”، عبر ضربات نوعية تستهدف مخازن السلاح والبنية التحتية للحزب، بهدف فرض وقائع جديدة على الأرض تُلزم الدولة اللبنانية لاحقًا بتبنّيها كأمر واقع. في المقابل، يحذّر آخرون من أن ترك هذه المهمة لإسرائيل يعني دفع لبنان نحو مزيد من الفوضى والدمار، وإفقاده القدرة على استعادة سيادته بالوسائل الوطنية.

بين الضغط الدولي والخيارات المحلية

المعادلة اليوم تبدو أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى: المجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، يرفع من مستوى دعمه للمؤسسات اللبنانية الرسمية، فيما تمارس إسرائيل ضغطًا عسكريًا متواصلًا على حزب الله، والداخل اللبناني غارق في الانقسام والعجز عن اتخاذ قرار حاسم.

يبقى السؤال: هل يتمكّن لبنان من استثمار هذا الدعم الخارجي لاستعادة المبادرة داخليًا وتطبيق القرار 1701 بحزم، أم أن حسابات القوى السياسية ستؤدي إلى ترك الساحة مفتوحة أمام إسرائيل لتفرض معادلتها الخاصة بالقوة؟

إعلامي وكاتب لبناني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى