السلايدر الرئيسيكواليس واسرار

القلعة السرية”… أمريكا تبني وتوسع قواعد متقدمة في قلب السعودية تحسّبًا لحرب جديدة مع إيران”

من سعيد جوهر

واشنطن ـ يورابيا ـ من سعيد جوهر ـ كشفت صحيفة نيويورك تايمز، أنه قبل وقت طويل من الضربات الجوية الأميركية الأخيرة على منشآت نووية إيرانية، والهجوم الصاروخي الإيراني الانتقامي الذي تلاها، بدأت تظهر ملامح خافتة لقاعدة عسكرية أميركية جديدة على بُعد نحو عشرين ميلاً من ساحل المملكة العربية السعودية على البحر الأحمر.

وأضافت الصحيفة أن صور الأقمار الصناعية التي التُقطت في أوائل عام 2022 كشفت للمرة الأولى عن القاعدة، والتي بات يُعتقد أنها ستلعب دورًا محوريًا في أي مواجهة عسكرية محتملة مع إيران، وهو السيناريو الذي لطالما أخذه المخططون العسكريون الأميركيون في الحسبان.

وأوضحت نيويورك تايمز أن القاعدة، المعروفة باسم “منطقة الدعم اللوجستي جينكينز” (LSA Jenkins)، قد صُممت لتوفر بديلاً لوجستياً بعيدًا عن مرمى الصواريخ والطائرات الإيرانية، وذلك عبر تطوير آلية جديدة لتخزين ونقل الإمدادات إلى قواعد أميركية أكثر بُعدًا عن إيران وأقل عرضة للاستهداف المباشر.

ورغم أن القاعدة لم تَحْظَ باهتمام علني واسع، فإن الصحيفة تشير – استنادًا إلى تحليل دقيق لصور الأقمار الصناعية – إلى أن الموقع شهد توسعًا ملحوظًا منذ العام الماضي، مع تشييد مرافق لتخزين الذخائر، وبنى تحتية لإيواء القوات، إلى جانب تحسينات أمنية متزايدة.

وترى الصحيفة أن قاعدة جينكينز قد تلعب دورًا استراتيجيًا في حال اندلاع مواجهة جديدة بين الولايات المتحدة وإيران أو وكلائها، على الرغم من عدم تأكيد أي دور مباشر لها في الضربة الجوية الأميركية التي نُفّذت مؤخراً.

ورفض مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية التعليق على طبيعة القاعدة أو المهام التي تؤديها في المنطقة، بحسب ما أوردته الصحيفة.

وتابعت نيويورك تايمز بأن للولايات المتحدة وجودًا عسكريًا واسعًا في الشرق الأوسط، يشمل قواعد صغيرة في سوريا والعراق، وأخرى كبيرة تضم طائرات وسفنًا حربية. ومنذ عام 2021، بدأت وزارة الدفاع الأميركية في تعزيز مواقع استراتيجية على امتداد البحر الأحمر لدعم تلك المنشآت، في محاولة لتقليل اعتمادها على قواعد قريبة من إيران.

وفي هذا السياق، قال برايان كارتر، مدير شؤون الشرق الأوسط في معهد “أمريكان إنتربرايز”، إن الهدف من إنشاء القواعد على البحر الأحمر هو إبعاد البنية التحتية العسكرية الأميركية عن مدى الصواريخ والطائرات الإيرانية، مضيفاً أن هذه المواقع يمكن أن تساهم أيضاً في دعم عمليات ضد الحوثيين في اليمن.

وبحسب الصحيفة، فإن القواعد الأميركية القائمة في الخليج العربي، مثل قاعدة العديد في قطر، تظل عرضة بشكل كبير للصواريخ قصيرة المدى، وهو ما بدا جلياً حينما استُهدفت هذه القاعدة بصواريخ من إيران مؤخراً، تم اعتراضها قبل أن تُحدث ضرراً.

ونقلت الصحيفة عن ديكر إيفليث، محلل أبحاث في مركز التحليلات البحرية، أن موقع القاعدة على الساحل الغربي للسعودية يُصعّب على إيران استهدافها، نظراً لأن ذلك يتطلب استخدام صواريخ باليستية متوسطة المدى أقل دقة وأكثر عرضة للاعتراض، مضيفاً أن المدى الطويل لتلك الصواريخ يمنح الدفاعات الجوية الأميركية وقتاً أطول للرد.

مع ذلك، تشير الصحيفة إلى أن قرب قاعدة جينكينز من اليمن يضعها في نطاق تهديد الحوثيين الذين سبق أن استهدفوا سفناً أميركية في البحر الأحمر باستخدام صواريخ وطائرات مسيّرة، مدعومة بتكنولوجيا إيرانية.

وتُظهر صور الأقمار الصناعية التي حصلت عليها نيويورك تايمز أن القاعدة، التي بدأت كموقع بدائي في عام 2022، شهدت تطورات متسارعة حتى يناير 2024، حيث رُصد وجود معسكر يضم خيامًا وحاويات شحن، لتتوسع لاحقاً إلى منشأة واسعة تضم عشرات المباني والطرق المعبدة ومرافق لتخزين الذخيرة.

وأشارت الصحيفة إلى أن صوراً حديثة أظهرت مخابئ تضم صناديق يُعتقد أنها تحتوي على صواريخ بحرية، إلى جانب عقود حكومية تشير إلى ارتفاع الإنفاق على الإمدادات والمركبات والبنية التحتية للقاعدة، بتكلفة تجاوزت 3 ملايين دولار منذ أوائل العام الجاري.

كما لفتت الصحيفة إلى وجود قواعد أميركية لوجستية أخرى قيد الإنشاء في مطاري الطائف وجدة، رغم أن هذه المواقع تظل أصغر وأقل نشاطاً من قاعدة جينكينز، وتقتصر على مخازن للذخيرة والوقود وبعض المنشآت الدفاعية.

ووفقًا لوثائق تم تقديمها في مؤتمر الهندسة العسكرية، تدرس الولايات المتحدة توسيع قاعدة جينكينز لتصبح منشأة لوجستية رئيسية، إلى جانب مشاريع إنشائية أخرى في مواقع متعددة بالمنطقة.

وتختتم الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن التحسينات تشمل توسعة مطار قريب، وإنشاء مناطق لصيانة المركبات وتخزين الذخائر، فضلاً عن مرافق مخصصة لراحة الجنود ودعم معنوياتهم. وقال الجنرال المتقاعد فرانك ماكنزي، القائد السابق للقيادة المركزية الأميركية، إن هذه القواعد “تُسهل من عملياتنا وتجعل المهمة أكثر تعقيدًا على أعدائنا. إنها مكسب استراتيجي بكل المقاييس”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى