البرهان يعين كامل إدريس رئيسا للوزراء .. وانفجارات واشتباكات بين الجيش السوداني والدعم السريع في أم درمان
من تاج السر حسن
بورتسودان ـ يورابيا ـ من تاج السر حسن ـ أعلن رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، مساء الإثنين، تعيين الدبلوماسي والقانوني كامل الطيب إدريس رئيساً للوزراء، ليصبح أول من يتولى هذا المنصب منذ اندلاع الحرب الأهلية في السودان في أبريل/نيسان 2023.
ويأتي هذا القرار في وقت حرج تمر فيه البلاد، بعد مرور أكثر من عامين على حرب مدمّرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، خلفت عشرات آلاف القتلى، وأدت إلى نزوح حوالي 13 مليون شخص، نصفهم تقريباً من الأطفال، وفق تقديرات الأمم المتحدة.
حكومة انتقالية جديدة وسط أزمة إنسانية عميقة
وسيتولى إدريس، الذي لا ينتمي إلى أي تيار سياسي، مهمة تشكيل حكومة انتقالية، في خطوة يعتبرها المراقبون تمهيداً لاستعادة المسار السياسي والمؤسسات المدنية، بعد أن أعلن الجيش في مارس/آذار الماضي استعادة السيطرة على أجزاء واسعة من العاصمة الخرطوم، بما فيها القصر الجمهوري.
وقالت مصادر رسمية إن الحكومة الجديدة ستُعنى بإعادة الاستقرار وإطلاق ترتيبات انتقالية، رغم بقاء مناطق مهمة من العاصمة، خاصة جنوب وغرب أم درمان، تحت سيطرة قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).
من هو كامل الطيب إدريس؟
يُعد إدريس شخصية ذات خلفية دبلوماسية وقانونية مرموقة، عمل مستشارًا قانونيًا لدى بعثة السودان في الأمم المتحدة، وهو عضو سابق في لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة، كما تولى منصب المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو).
وبحسب المحلل السياسي عثمان ميرغني، فإن تعيين إدريس يعكس “محاولة جدية للبحث عن شخصية توافقية”، مشيرًا إلى أن قبوله بين مختلف أطياف المجتمع السوداني، بمن فيهم أنصار قوات الدعم السريع، قد يكون أعلى من المتوقع، “لأنه لا يرتبط بأي ولاءات حزبية”.
استمرار المعارك رغم إعلان تحرير الخرطوم
وعلى الأرض، سُمع دوي انفجارات عنيفة في أم درمان، بينما أعلن الجيش السوداني أنه يواصل عملياته “لتطهير” ولاية الخرطوم بالكامل، خاصة في المناطق الجنوبية والغربية لأم درمان، التي لا تزال تشهد وجودًا لقوات الدعم السريع.
وقال المتحدث باسم الجيش، العميد نبيل عبد الله، في بيان رسمي، إن العمليات العسكرية تمضي قدمًا و”نقترب من إعلان السيطرة الكاملة على العاصمة”.
ورغم إعلان الجيش سيطرته على أجزاء واسعة من الخرطوم في مارس الماضي، لا تزال قوات الدعم السريع تحتفظ بمواقع استراتيجية في أم درمان، وقد شنت هجمات بالطائرات المسيّرة استهدفت القصر الجمهوري ومنشآت عسكرية في أبريل الماضي.
السياق الإنساني: “أسوأ أزمة في التاريخ الحديث”
منذ اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع، تحوّلت السودان إلى واحدة من أسوأ ساحات الأزمات الإنسانية في العالم. وقدرت الأمم المتحدة عدد القتلى بـ عشرات الآلاف، مع نزوح أكثر من 13 مليون شخص داخل وخارج البلاد، ويواجه نحو 25 مليون سوداني خطر المجاعة وسوء التغذية، بما في ذلك 4 ملايين لاجئ في دول الجوار مثل تشاد وجنوب السودان ومصر.
آفاق الحل السياسي: فرصة أم مجرد تغيير شكلي؟
يرى مراقبون أن تعيين رئيس وزراء جديد يمثل خطوة رمزية مهمة، لكنه يصطدم بتحديات عميقة على الأرض، أبرزها غياب التوافق بين الأطراف المتحاربة، وانعدام الثقة، واستمرار الانقسام السياسي والجهوي.
ويرى محللون أن مصير الحكومة الانتقالية سيعتمد على قدرة إدريس على إقناع القوى الفاعلة، داخلياً وإقليمياً، بخريطة طريق حقيقية تؤدي إلى انتخابات وحكم مدني. غير أن استمرار الاشتباكات المسلحة، خاصة في العاصمة، قد يُفشل هذه الجهود في مهدها.