استنكار واسع بتونس لنقل نشطاء مسجونين بقضية “التآمر” إلى سجون نائية
تونس ـ يورابيا ـ أعلنت السلطات التونسية عن نقل عدد من الناشطين المسجونين فيما يعرف بقضية التآمر 1 من سجن إيقافهم بالمرناقية في العاصمة إلى سجون في محافظات تونسية أخرى.
وأكد الناشط السياسي والوزير الأسبق محمد الحامدي، نقل المحامي والناشط السياسي المعارض غازي الشواشي إلى سجن الناظور ببنزرت (أقصى الشمال) وعصام الشابي أمين عام الحزب الجمهوري المعارض إلى سجن برج الرومي في بنزرت أيضًا، والمحامي والناشط السياسي رضا بلحاج إلى سجن سليانة (شمال غربي).
توظيف القضاء
من جانبه، اعتبر الحزب الجمهوري (معارض) في بيان له، أنه “في مواصلة لنهج التنكيل والتشفي الذي تنتهجه السلطة تجاه المعتقلين فيما يعرف بقضية “التآمر” وعائلاتهم، تفاجأت يوم الخميس عائلة عصام الشابي، أثناء تنقلها إلى سجن المرناقية لزيارته، بنقله تعسفيًا إلى سجن برج الرومي دون أي إعلام مسبق”.
وأضاف في بيانه، أن “الممارسات لم تقف عند هذا الحد، إذ تم أيضًا تشتيت بقية المعتقلين على عدة سجون في مختلف الجهات، في خطوة تؤكد الطابع الانتقامي الذي تتعامل به منظومة الحكم مع المعتقلين السياسيين وعائلاتهم، بعيدًا عن أبسط المعايير القانونية والإنسانية”.
كما أدان الحزب الجمهوري، “بشدة هذه الممارسات القمعية وغير الإنسانية”، مطالبًا “بالإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين دون قيد أو شرط، وحمّل السلطة القائمة مسؤولية سلامة المعتقلين الجسدية والنفسية”.
وندد الحزب الجمهوري أيضًا “بتوظيف القضاء وأجهزة الدولة في تصفية الحسابات السياسية، وناشد المنظمات الحقوقية الوطنية لتحمّل مسؤولياتها في رصد هذه الانتهاكات والضغط من أجل وقفها”.
وجدد الحزب الجمهوري “دعوته لكل القوى الوطنية الحية لوحدة الصف والتصدي لهذه السياسات الاستبدادية، والدفاع عن قيم الحرية والعدالة والديمقراطية”.
“قرار لاإنساني”
من جهتها، اعتبرت جبهة الخلاص أن قرار نقل السجناء هو قرار “تعسفي ولا إنساني” في حق المساجين السياسيين ويعكس “رغبة في عدم الاكتفاء بالتّنكيل بالمعتقلين بل التّشفّي في عائلاتهم أيضًا”.
وأضافت: هذا الإجراء يعكس رغبة في هرسلة العائلات عبر إجبارها على قطع مئات الكيلومترات لزيارة أبنائها وتكرار المسافات نفسها لتمكينهم من الأكلة والحاجيات والأدباش.
وأضافت: “هذا الإجراء اللاّإنسانيّ هو إمعان في الهروب إلى الأمام ودليل على أنّ السّلطة القائمة تعتبر أنّ معارضيها المعتقلين ظلما هم في وضعيّة أقرب إلى وضعيّة الرّهينة منها إلى وضعيّة السّجين ذي الحقوق المكفولة بالقانون والمعاهدات الدّوليّة المصادق عليها.”
كما دعت مكوّنات الطّيف السّياسيّ ومنظّمات المجتمع المدني وجميع الأحرار في البلاد إلى رفض هذه الممارسات “المتخلّفة” والمطالبة باحترام شروط المحاكمة العادلة وحقوق المعتقلين صونًا للحقوق والحرّيّات ودفاعًا عن سمعة البلاد، وفق تعبيرها.
تصعيد جديد
في ذات السياق، أصدرت “تنسيقية عائلات المعتقلين السياسيين”، مساء الخميس 29 ماي/أيار 2025، بيانًا أكدت فيه “نقلة القادة السياسيين إلى سجون بعيدة عن مقر سكناهم، في خرق جديد للقانون، ومحاولة جديدة لإثباط العزائم، وفقها.
وقد اعتبرت تنسيقية عائلات السياسيين الموقوفين، أنّ “هذه النقلة التعسفيّة، ليست إلّا تصعيدًا جديدًا من سلطة تملك كل أجهزة الحكم أمام عائلات معتقلين سلاحهم الوحيد إيمانهم ببراءة المعتقلين و(القفّة) الّتي يجهّزونها بكل حب وعناية”، موضحة أنها “ستستعمل كل وسائل الدّفاع السلميّة، القانونيّة والمشروعة حتّى ترفع المظلمة. كما ستقدّم شكايات إلى المنظمات الحقوقيّة المحليّة والدوليّة”، وفقها.
وجاء في البيان أنّ “سلطة الأمر الواقع.. مازالت تواصل محاولاتها الواهية للمس من عزيمة القادة السياسيين المحاكمين ظلمًا وبهتانًا فيما يسمّى بقضيّة (التآمر)، وهو في الحقيقة تآمر السلطة الحاليّة على المعارضة السياسية.. وهي لم تكتف باحتجازهم قسريًّا لأكثر من 24 شهرًا دون أدلّة ودون تحقيق وما تبعه من تنكيل متواصل وخروقات للقوانين المحليّة والدوليّة، ولا بإقامة محاكمة عن بعد رغم طلبهم المتواصل بحقّهم في جلسة حضوريّة”، وفق البيان.
ولفتت في السياق نفسه، إلى أنّ “السلطة لم تكتف أيضًا بإصدار أحكام جائرة تصل إلى 66 سنة دون الاستماع إليهم ودون مرافعات هيئة الدفاع، كما لم تكتف باعتقال المحامي والقاضي الإداري السابق وعضو هيئة الدفاع أحمد صواب على خلفيّة تصريح إبان رفع الجلسة لإصدار الأحكام”، وفقها.
يذكر أنه مر أكثر من سنتين على انطلاق حملة الإيقافات التي طالت معارضين سياسيين في تونس في القضية الأولى فيما يعرف بـ “التآمر على أمن الدولة” التي تمت إثارتها على خلفية لقاءات جمعت المعارضين المعنيين من أجل البحث عن حلول في علاقة بالأزمة السياسية بالبلاد، وفق ما أكدته هيئة الدفاع عنهم في أكثر من مناسبة.