أقلام يورابيا

وجهة نظر

جلال مصطفى الفلاح

إسرائيل كيان غريب لا يدركه العقل وحده و إنما لابد بجانب العقل من وسائل أخرى تصطدم مع العقل أحياناً، لإنك أمام كيان يبدأ من الأسطورة الدينية و ينتهي إلى استخدام أعقد وسائل العلم الحديث و التكنولوجيا المتطورة.
هذا الكيان محكوم بقلق عميق أورثته إياه تجربة تاريخية شكلت لديه عقدة اضطهاد يشعر بها و لا يخفيها يعيش في حالة حصار لا يملك يقيناً يطمئنه على أساس وجوده في منطقتنا العربية هذا الحصار شكل إزدواجية مخيفة تمزق وجدان هذا الكيان فهو يعيش في منطقةلا يريد أن ينتمي إليها و يتفاعل من خلالها معها و ينتمي إلى مناطق لم يستطع أن يعيش فيها و هو يدرك أن استمرار الكيان وبقائه في هذه المنطقة لابد من الاعتماد على علاقة خاصة مع قوة عظمى تواصل إمداده بكافة احتياجات حياته و أمنه طوال الوقت و تستطيع نجدته بسرعة إذا طرأت أمور استثنائية كما يحصل اليوم.
من هنا نعلم أن القوة هو العنصر الرئيسي من عناصر الحلم الصهيوني فليس يمكن لأسطورة أن تعيش ضد الطبيعة و التاريخ بغير سند من القوة المفرطة تفرض و تعزز حتى و إن تدنت إلى أدنى مسويات العنف و الإرهاب و عليه نلاحظ أن الجيش الصهيوني ظاهرة. غريبة في نوعها فهو لا يدافع عن الحدود المرسومة لدولة و لكنه يحارب من أجل تصورات عقيدة مازالت تتشكل و مازالت حدودها قابلة للتوسع و هذا ما عبر عنه دافيد بن غوريون عندما قال ( لا تتعبوا أنفسكم في البحث عن حل ليس هناك حل. الأرض واحدة و طالب الأرض اثنان و لابد أن تكون لواحد منهما فقط و لابد أن يكون الشعب الإسرائيلي هو هذا الواحد الذي يحصل على الأرض و يملكها . و الحل الوحيد بالنسبة له أن يسعى بكل الوسائل بما فيها القوة و السياسة و حتى الخديعة لكي يجعل الطرف الآخر ؛ العربي ؛ يرضى بالتنازل عن مطلبه).
من هنا الكثير من عرب السلطة يتصورون أن التنازلات الجزئية هي الطريق إلى الحل و الحقيقة أن التنازلات الجزئية ليست طريق الحل إلاّ على منطق إسرائيل أي أن كل تنازل جزئي تحصل عليه إسرائيل معناه الاقتراب خطوة من التنازل الكلي و لقد أعطى العرب و مازالوا يقدمون تنازلات لم تكن تخطر على بال أحد و النتيجة مانراه اليوم.
و عليه نحن العرب مطالبون اليوم بأن نضع هذا الصراع في إطاره التاريخي الطويل الممتد صراع تتعدد وسائله و تتعدد مراحله وفقاً للظروف و التوازنات الدولية و الأقليمية و المحلية وفقاً للقدرات و الطاقات و لكن بشرط أن يظل هناك دواماً ذلك الإدراك العميق بجوهر الصراع و أبعاده مكاناً و زماناً و أن هذا الصراع بين طرفين على أرض غير قابلة للتقسيم أولهما لديه الحق و الثاني لديه القوة و إمّا أن تكون الأرض لصاحب الحق و هو الشعب العربي الفلسطيني و إمّا أن تكون لصاحب القوة المؤقتة إسرائيل و الصهيونية و الصليبية العالمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى