السلايدر الرئيسيصحف

واشنطن بوست: ترامب ناقش خطة مع كوشنير وبلير لتحويل غزة لمنتجع سياحي بتكلفة 100 مليار دولار ووصاية امريكية على القطاع لعشر سنوات وإجلاء السكان مقابل 5000 دولار

من سعيد جوهر

واشنطن ـ يورابيا ـ من سعيد جوهر ـ كشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن خطة يتم تداولها داخل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، تقضي بفرض وصاية أمريكية على قطاع غزة تستمر لعشر سنوات على الأقل، عقب الحرب المستمرة فيه منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وذلك ضمن مشروع ضخم لإعادة الإعمار وتحويل القطاع إلى مركز سياحي وتقني عالي التطور.

وأضافت الصحيفة أن الخطة، التي حصلت على نسخة من مسودتها الكاملة والمؤلفة من 38 صفحة، تقوم على نموذج تعهد ترامب بـ”امتلاك” القطاع وإعادة تطويره، بحيث يتم ترحيل سكان غزة مؤقتًا – طوعًا بحسب الوثيقة – إلى دول ثالثة أو إلى مناطق مغلقة ومؤمنة داخل القطاع، خلال فترة إعادة الإعمار.

وأوضحت الصحيفة أن سكان غزة، والبالغ عددهم أكثر من مليوني شخص، سيحصلون مقابل مغادرتهم على دفعة مالية قدرها 5000 دولار، إلى جانب مساعدات لتغطية إيجار مساكنهم في الخارج لمدة أربع سنوات، ودعم مالي للطعام لمدة عام.

وتقترح الخطة إنشاء “صندوق إعادة بناء غزة والتسريع الاقتصادي والتحول” أو ما يُعرف باسم “GREAT Trust”، وهو صندوق استئماني مستقل يدّعي القائمون عليه بأنه لا يحتاج إلى تمويل من الحكومة الأمريكية، بل سيتم تمويله بالكامل من خلال استثمارات القطاعين العام والخاص، وبعوائد متوقعة تصل إلى أربعة أضعاف استثمار أولي قدره 100 مليار دولار خلال عقد واحد.

وقالت الصحيفة إن الخطة تتضمن تعويض السكان عبر “رمز رقمي” يمثل ملكية أراضيهم، يمكن استخدامه لشراء شقق ذكية مستقبلية ضمن ست إلى ثماني مدن سيتم تشييدها في غزة، أو لتمويل حياة جديدة في دولة مضيفة.

وأضافت واشنطن بوست أن الصندوق تأسس من قبل رجال أعمال إسرائيليين وأمريكيين، بينهم ضابط سابق في المخابرات الإسرائيلية يُدعى ليران تانكمان، ورجل الأعمال مايكل آيزنبرغ، إلى جانب مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، والتي بدأت بالفعل في توزيع المساعدات الغذائية في القطاع باستخدام متعاقدين أمنيين أمريكيين مسلحين.

ورغم السرية التي تحيط بالخطة، أكدت الصحيفة أن الرئيس ترامب عقد اجتماعًا في البيت الأبيض الأسبوع الماضي لمناقشة مستقبل غزة، بحضور شخصيات بارزة من بينها وزير الخارجية السابق ماركو روبيو، وصهره جاريد كوشنر، ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، الذي جرت استشارته حول الإدارة المستقبلية للقطاع.

وتابعت الصحيفة أن هذه الخطة تأتي في ظل تصاعد الاقتراحات الدولية لإدارة ما بعد الحرب في غزة، والتي تضمنت مبادرات من الأمم المتحدة، والسلطة الفلسطينية، ومصر، والإمارات، في حين لم تطرح الحكومة الإسرائيلية حتى الآن رؤية واضحة سوى التأكيد على نزع سلاح حماس ورفض قيام دولة فلسطينية.

ووفقاً للصحيفة، فإن الخطة تشمل إقامة “ريفييرا غزة ترامب” على الواجهة البحرية للقطاع، تتضمن منتجعات سياحية عالمية، ومدن ذكية، ومراكز بيانات، ومصانع سيارات كهربائية، ومشاريع بنية تحتية ضخمة، مثل طريق دائري وخط ترام يُسمى “طريق محمد بن سلمان السريع”، في إشارة إلى ولي العهد السعودي، إلى جانب ميناء ومطار جديدين في أقصى الجنوب، مع ربط بري مباشر بمصر والسعودية وإسرائيل.

وأكدت واشنطن بوست أن هذه المشاريع ستُموَّل بضمانات على 30% من أراضي غزة، والتي تدعي الخطة أنها أراضٍ “عامة”، يمكن استخدامها مباشرة دون الحاجة لموافقة السكان. ونقلت الصحيفة عن أحد المعنيين بالخطة أن هذا “هو الخيار الأسهل”، مضيفًا: “لا حاجة لسؤال أحد”، وهو ما أثار تحذيرات من أنه قد يُعتبر “استيلاءً على الأراضي”.

وأشارت الصحيفة إلى أن الخطة تستبعد تمامًا أي ذكر لقيام دولة فلسطينية مستقبلًا، مكتفية بالقول إن الكيان الحاكم في غزة سينضم لاحقًا إلى “اتفاقيات إبراهيم”، التي رعتها إدارة ترامب السابقة لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية.

وأوضحت الصحيفة أن الرؤية تقوم على تحويل غزة إلى منطقة “موالية لأمريكا” تضمن لواشنطن الوصول إلى موارد الطاقة والمعادن الحيوية، وتشكل مركزًا لوجستيًا مهمًا في مشروع الممر الاقتصادي بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط.

وفي الجانب الأمني، تتضمن الخطة تسليم الأمن الداخلي في غزة بدايةً إلى مواطنين من دول ثالثة وشركات أمنية خاصة غربية، يتقلص دورهم تدريجيًا خلال عشر سنوات، ليتولاه جهاز شرطة محلي يتم تدريبه خلال هذه الفترة. وستحتفظ إسرائيل خلال العام الأول بـ”حقوق أمنية شاملة”.

ولفتت الصحيفة إلى أن الشق المالي من الخطة أعدّته شركة مجموعة بوسطن الاستشارية (BCG)، إلا أن اثنين من كبار الشركاء الذين قادوا النمذجة المالية قد طُردوا لاحقًا، وأكدت الشركة أن العمل على الخطة لم يُعتمد رسميًا.

وفي سياق متصل، تحدثت الصحيفة عن ردود أفعال متباينة على تصريحات ترامب، الذي كان قد صرّح بأن غزة “موقع مذهل على البحر، بأجمل طقس”، ويجب إعادة إعمارها “بطريقة مختلفة”، ووصفها بأنها قد تصبح “ريفييرا الشرق الأوسط”.

وأكدت الصحيفة أن مقاطع فيديو تم الترويج لها عبر حساب ترامب في منصة “تروث سوشال”، تُظهر غزة المستقبلية كجنة استثمارية وسياحية تضم ناطحات سحاب، شواطئ بيضاء، وأموال تتساقط من السماء، في مشهد أقرب إلى الخيال من الواقع الحالي للقطاع المدمر.

لكن وسط هذه الطروحات، نقلت الصحيفة عن خبراء في القانون الدولي، مثل البروفيسور عادل حق من جامعة روتجرز، تأكيده أن أي خطة تنطوي على منع الفلسطينيين من العودة إلى أراضيهم، أو إخضاعهم لضغوط من أجل مغادرتها، ستكون خرقًا واضحًا للقانون الدولي.

واختتمت الصحيفة تقريرها بنقل شهادة أحد سكان غزة، أبو محمد (55 عامًا)، الذي قال عبر واتساب: “أقيم الآن في منزل مهدّم جزئيًا، لكن بإمكاننا ترميمه. أرفض أن يُجبرني أحد على الرحيل. هذا وطني”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى