موقع أكسيوس: إسرائيل تدرس بجدية ضم اجزاء من الضفة الغربية ردًا على اعتراف دولي وشيك بدولة فلسطين ودول عربية تهدد بمراجعة أو تعليق اتفاقيات السلام
من سعيد جوهر
واشنطن ـ يورابيا ـ من سعيد جوهر ـ كشف موقع “أكسيوس” الأميركي، نقلًا عن ثلاثة مصادر رسمية ـ إسرائيلية وأميركية وأوروبية ـ مطلعة على تفاصيل حساسة، أن الحكومة الإسرائيلية تدرس بجدية تنفيذ خطة لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، وذلك في إطار رد سياسي مباشر على التحركات الغربية المتسارعة للاعتراف بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المرتقبة في سبتمبر/أيلول المقبل.
وأوضح الموقع أن هذه المناقشات تأتي في وقت أعلنت فيه دول من بينها أستراليا وكندا وفرنسا والمملكة المتحدة عزمها على الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، لتنضم إلى أكثر من 150 دولة سبقتها في هذه الخطوة الرمزية والسياسية.
وأضاف “أكسيوس” أن هذا الاتجاه الدولي المتنامي يدفع إسرائيل إلى التفكير في إجراءات مضادة تعتبرها الحكومة “ردًا سياديًا”، رغم أن المجتمع الدولي لا يزال يُجمع على اعتبار الضفة الغربية أرضًا محتلة، ويرى في أي خطوة أحادية إسرائيلية نحو الضم انتهاكًا للقانون الدولي وتحريضًا سياسيًا خطيرًا.
وأشار الموقع إلى أن الموقف الأميركي، وتحديدًا موقف الرئيس الامريكي دونالد ترامب، سيؤثر بشكل كبير على قرار إسرائيل النهائي، خاصة وأن ترامب سبق أن أوقف محاولتين من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لضم أراضٍ في الضفة خلال ولايته الأولى.
وفي هذا السياق، قال السفير الأميركي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، لـ”أكسيوس”، إن الإدارة الامريكية لم تحدد بعد موقفها من قضية الضم. وأضاف: “لست متأكدًا من مدى حجم أو مكان الضم داخل الحكومة الإسرائيلية. لا يبدو أن هناك توافقًا على ذلك حتى الآن”.
وأكد الموقع أن عددًا من المسؤولين الإسرائيليين يعتقدون أن إدارة ترامب قد لا تُعارض الضم هذه المرة، نظرًا لغضبها من الدول الغربية التي تستعد للاعتراف بفلسطين.
وذكر “أكسيوس” أن الولايات المتحدة وإسرائيل تتحركان بالفعل ضد السلطة الفلسطينية، في محاولة لإجهاض الاعتراف، حيث أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنها ستمنع إصدار تأشيرات دخول لكبار المسؤولين الفلسطينيين الراغبين في حضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما ستقوم بإلغاء تأشيرات صدرت سابقًا، بما في ذلك تأشيرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وبحسب ما نقله الموقع عن مسؤولين إسرائيليين وأوروبيين، فإن وزيري الخارجية والشؤون الاستراتيجية في إسرائيل، جدعون ساعر ورون ديرمر، وجّها رسائل مباشرة إلى عدد من نظرائهما الأوروبيين تُلوّح بإمكانية ضم إسرائيل “المنطقة ج” ـ التي تُشكل حوالي 60% من مساحة الضفة الغربية ـ في حال مضت الدول الأوروبية قدمًا في الاعتراف بدولة فلسطين.
وأبلغ ديرمر، على وجه التحديد، مستشارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لشؤون الشرق الأوسط، آن كلير ليجاندر، بهذه النية الإسرائيلية المحتملة.
وأكد “أكسيوس” أن نتنياهو عقد بالفعل اجتماعًا الأسبوع الماضي لبحث الردود المحتملة على قرارات الاعتراف. ومن المتوقع أن يناقش المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي هذا الملف الحساس في جلسته المقبلة، وسط ضغوط من شركاء نتنياهو من التيار القومي المتطرف في الائتلاف الحكومي، بالإضافة إلى ضغوط إعلامية وبرلمانية من لوبي المستوطنين داخل الكنيست.
ونقل الموقع عن هاكابي قوله إن التحركات الأوروبية “تدفع العديد في إسرائيل للتفكير جديًا في إعادة فتح ملف السيادة على أجزاء من يهودا والسامرة”، وهو المصطلح الإسرائيلي للضفة الغربية.
وفي تحليله، أشار “أكسيوس” إلى أن خبراء قانونيين حذروا من أن أي إعلان للسيادة الإسرائيلية على أراضٍ في الضفة يُعتبر انتهاكًا واضحًا لميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف، كما قد يسرّع من وتيرة التحقيق الجاري في المحكمة الجنائية الدولية حول النشاط الاستيطاني الإسرائيلي، بوصفه جريمة حرب محتملة.
وفي السياق ذاته، لفت الموقع إلى أن دولًا أوروبية وأخرى في الغرب تُهدد بفرض عقوبات على إسرائيل في حال أقدمت على الضم، بينما حذر مسؤولون عرب من أن أي خطوة في هذا الاتجاه ستدفع بعدد من الدول إلى مراجعة أو حتى تعليق اتفاقيات السلام الموقعة مع إسرائيل. كما يُتوقع أن تؤدي إلى مزيد من الجمود في مسار التطبيع المحتمل مع السعودية.
وأشار “أكسيوس” إلى أن هناك ثلاث سيناريوهات رئيسية تجري مناقشتها داخل الحكومة الإسرائيلية. الأول، هو الضم الكامل للمنطقة ج؛ والثاني، هو ضم المستوطنات وطرق الوصول إليها فقط (حوالي 10% من الضفة الغربية)؛ أما الثالث، فيشمل ضم المستوطنات بالإضافة إلى غور الأردن، ما يعادل نحو 30% من أراضي الضفة.
واستعاد الموقع محطات تاريخية سابقة حاولت فيها إسرائيل تنفيذ الضم، تحديدًا خلال ولاية ترامب الأولى، حين أوقف الأخير خطتين لنتنياهو في يناير ويونيو من عام 2020. ووفقًا لما نقله “أكسيوس”، فإن ترامب صرّح في مقابلة عام 2021 بأنه غضب من محاولة الضم حينها لأنها “كانت مبالغًا فيها”.
وختم الموقع بالقول إن مفتاح هذا التحرك الإسرائيلي لا يزال بيد الإدارة الأميركية، وإن موقف ترامب سيكون العامل الحاسم في مدى جدية إسرائيل في تنفيذ الضم خلال الأشهر القادمة.